يشي التدقيق بما رافق الجلسة الأخيرة للحكومة اللبنانية، بأن تأجيل البت بالتعيينات في المواقع المالية، حتى إشعار آخر، لم تكن حيثياته محلية وحسب.
يشي التدقيق بما رافق الجلسة الأخيرة للحكومة اللبنانية، بأن تأجيل البت بالتعيينات في المواقع المالية، حتى إشعار آخر، لم تكن حيثياته محلية وحسب.
تلمّست المصارف اللبنانيّة سريعاً طبيعة التحديات التي ستواجهها بعد إدراكها أن الحكومة تتجه إلى تعليق سداد سندات اليوروبوند التي تستحق خلال شهر آذار/مارس الحالي، خصوصاً مع إرتباط موجوداتها بشكل وثيق بمختلف أدوات الدين السيادي، سواء من خلال سندات الخزينة التي تملكها أو عبر توظيفاتها في مصرف لبنان المركزي.
مكافحٌ رئيس الوزراء اللبناني حسان دياب... وعنيد. في البداية، قال للجميع "لن أسمح بأن يقال أن لبنان تخلف عن دفع متوجباته المالية في عهدي". بعد أيام قليلة، إقتنع بعكس الفكرة. قرر أيضاً ألا يتراجع عنها: لا للدفع. لو كان هناك متسع من الوقت، لربما عدّل الرجل موقفه، لكن الوقت داهمه وصار القرار حتمياً.
من المتوقّع أن يعلن لبنان، رسمياً، بلسان رئيس حكومته حسان دياب، في ختام الأسبوع الحالي، التخلّف عن سداد الدفعة الأولى من سندات اليوروبوند المستحقة في التاسع من آذار/مارس 2020. وبحسب المعلومات المتوفّرة، فقد تعثّرت مساعي الدولة اللبنانيّة للتوصّل إلى إتفاق مع الدائنين يقضي بإعادة جدولة السندات، وهو ما كان يمكن أن يشكّل، لو نجح، عبارة عن "تخلّف منظّم" أو تخلف متفق عليه عن السداد. وبالتالي، يتجه لبنان عمليّاً إلى تخلّف أحادي عن الدفع، أو ما يُعرف بـ"التخلّف غير المنظّم"، مع كل ما يعنيه ذلك من إستحقاقات قانونيّة مقبلة، وإرتدادات على الواقع النقدي والمالي وربما السياسي في المرحلة المقبلة.
أصبح الإتجاه الغالب لدى المرجعيّات السياسيّة اللبنانيّة يصب في منحى إعادة جدولة سندات اليوروبوند التي تستحق في شهر آذار/مارس المقبل، على أن يحل وفد صندوق النقد الدولي ضيفاً على الحكومة اللبنانية في منتصف الأسبوع الحالي لتقديم المشورة التقنيّة المتعلّقة بآليّات إعادة الجدولة هذه.
ما هي الفرصة المتاحة أمام الحكومة اللبنانية الجديدة لإلتقاط الأنفاس إقتصاديا وماليا ونقديا؟ وإذا توافرت لديها الرغبة، هل تملك القدرة على الحد من الإنهيار أم أن الإنهيار سيكون مقدمة لإعلان إفلاس لبنان؟ وهل تمتلك هذه الحكومة رؤية إقتصادية وإجتماعية وهل هي مؤهلة لتطبيق العلاج المناسب؟
لقد عملت ما يقارب العشرين عاما في البنك الدولي وكنت على اتصال دائم مع زملاء لبنانيين وعرب في صندوق النقد الدولي. كنا نتعاون لمساعدة عدد من البلدان، ولم نفرض مرة شروطا تعجيزية ليس بمقدور دولة تحملها. لننظر إلى المكسيك، الأرجنتين، كوريا الجنوبية، واليونان. أوضاع هذه الدول اليوم أفضل مما كانت عليها قبل التعاون مع الصندوق وغيره من المؤسسات والصناديق. ثم، ان الصندوق لا يفرض شروطه، بل يحاور ويناقش بشأن الحلول للخروج من أزمة هذه الدولة أو تلك. ويتدخل الصندوق بطلب من دولة عضو - مساهم في راس ماله - وعندما تكون الدولة في حالة انهيار اقتصادي ومالي سيء.