يذكر رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل في مذكراته، أنه عندما ابلغ الزعيمَ السوفياتي جوزيف ستالين، أثناء مؤتمر يالطا في شباط/فبراير 1945، أن الفاتيكان قد قرّر مواجهة الزعيم الألماني أدولف هتلر، أجابه ستالين ساخرا: "كم دبابة عند بابا الفاتيكان"؟
يذكر رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل في مذكراته، أنه عندما ابلغ الزعيمَ السوفياتي جوزيف ستالين، أثناء مؤتمر يالطا في شباط/فبراير 1945، أن الفاتيكان قد قرّر مواجهة الزعيم الألماني أدولف هتلر، أجابه ستالين ساخرا: "كم دبابة عند بابا الفاتيكان"؟
يتنازع أهل الحكم في لبنان حول تشكيل الحكومة العتيدة إستناداً إلى المبادرة الفرنسية التي قرأها كل طرف بشكل مختلف عن الآخر، وأعينهم مصوبة إلى لعبة شد الحبال الدائرة في المنطقة ببعديها الإقليمي والدولي وصولا إلى الانتخابات الأميركية.
ما لم تحصل مفاجأة سياسية كبيرة، فإن مسار تأليف حكومة جديدة في لبنان برئاسة مصطفى أديب دونه عقبات كثيرة، ستجعل رئيس الحكومة المكلف أمام خيارات حاسمة في غضون الأيام القليلة المقبلة.
لا أحد من السياسيين يقيم وزناً للناس. تدهور دراماتيكي متسارع في أوضاع اللبنانيين الإقتصادية والإجتماعية (تضخم، إنهيار قدرة شرائية، إزدياد معدلات الفقر والهجرة والبطالة والإنتحار إلخ). مسار سيتفاقم مع التوقف عن دعم مواد أساسية (محروقات، أدوية ومواد غذائية)، وكذلك مع تفاقم كورونا وإحتمال إنهيار القطاع الصحي، فيكون البلد على موعد قريب مع متفجرة صحية ـ وبائية كارثية جديدة؟
تتوالى الإقتراحات الهادفة إلى حل معضلة حقيبة المالية التي صارت عنواناً للإشتباك القائم حول تأليف حكومة مصطفى أديب، وهي تحمل في طياتها أبعاداً تتجاوز هذه الوزارة السيادية لتطرح أسئلة تطال صلب النظام السياسي اللبناني.
ليس سهلاً أن يتواصل حزب الله مع دولة عظمى حليفة للولايات المتحدة وتضع ما يسمى جناحه العسكري على لائحة الإرهاب. لم ينقطع التواصل بين حزب الله وفرنسا منذ سنوات عديدة، لكن هذه المرة تغيرت المقاربات من الجانبين، لكن الأكيد أن التواصل يحتاج إلى تراكم وإدارة وثقة، وهذا ما يبدو أنه ليس متوافراً. كيف؟
هبة ساخنة وهبة باردة. هذا هو حال مسار تأليف الحكومة اللبنانية الجديدة. مصطفى أديب يبقى مُكلفاً، لكن التأليف يحتاج إلى قرار دولي، ولا يبدو أنه بات متوافراً حتى الآن.
كما كان متوقعاً، تهيّب الفرنسيون الموقف. لا يريدون لمبادرتهم اللبنانية أن تفشل بهذه السرعة القياسية، وفي الوقت نفسه، هم ليسوا طليقي الأيدي. العنوان الموضعي هو حقيبة المالية، لكن العنوان السياسي أكبر بكثير ويتعدى الحكومة.. ولبنان. فتّشوا عن ملف ترسيم الحدود البحرية وعن الضمانة التي يمكن أن يقدمها الفرنسي للأميركيين.
سياسياً، إنتهت مهمة مصطفى أديب. لم يعد من خيار أمام رئيس الحكومة المكلف، سوى أن يتوجه غداً (الأربعاء) أو الخميس إلى القصر الجمهوري، ويقدم كتاب إعتذاره رسمياً إلى الرئيس اللبناني ميشال عون، إلا إذا طرأ أمر إستثنائي، وتحديدا من الخارج، يمكن أن يعدل هذا المسار.
بعدما كُلّف من رئيس فرنسا إيمانويل ماكرون بتشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة، إكتفى مصطفى أديب باستشارات نيابية غير ملزمة، ظناً منه أن عملية التأليف لن تحتاج إلى أي عناء وجهد، بل ستكون هذه المرة "وصفة فرنسية جاهزة" لا يستطيع أحد رفضها.