رأَيْنا، في الجزء الأوّل، من هذه المقالة، أنّ الخلفيّة الأساسيّة هي: (١) دينيّة، توحيديّة وشرعيّة؛ و(٢) إسلاميّة، حركيّة وثوريّة (في سياق النّهضة الإسلاميّة المعاصرة، والمفصّلة في الجزء السّابق من هذه المقالة أيضاً)؛ و(٣) في الباطن وفي الجوهر، عرفانيّة-صوفيّة، عالميّة وتقوم على مفهوم المَحَبّة الإلهيّة المُطلَقة (أي تؤمن بوحدة الأديان والمذاهب الرّوحيّة في جوهرِها، وتميل إلى نظرة واحديّة للوجود وللمَوجود، وقد أفضنا في شرح هذه المصطلحات والمفاهيم في مقالات سابقة حول التصوّف والعرفان).
ومن هنا، يأتي السّؤال المفصليّ: كيف نتحرّك إذن، مع هذا، ضمن السّياق اللّبناني؟
يُمكن الادّعاء، من خلال دراسة الخطاب والحركة الصّدرِيَّيْن، أنّ حجر الأساس للنّظريّة الصّدريّة فيما يخصّ لبنان يمكن تشييدُهُ بالطّريقة التّالية:
(١) يتوجّبُ العملُ، أوّلا، على بناء الفرد بطريقة سليمة ومستقيمة، أي بناء الفرد ذي الجانب الرّوحي والدّيني والأخلاقي والثّقافي المتين؛
(٢) يتوجّبُ، في الوقت عينه، العمل على إدماج هذا الفرد ضمن المجتمع اللّبناني، مع العمل على تكوين وعيِه الوطني.. والمواطِن (لإيماننا العميق، أصلاً، بوحدة الأديان والمذاهب الرّوحيّة في جوهرها كما رأينا، وبأنّ التكثّرَ والكثرةَ من تجلّيات الألوهة وحكمتها)؛
(٣) يتوجبُ العمل، مع جميع مكوّنات المجتمع اللّبناني بلا استثناء، على السّير باتّجاه دولة عصريّة غير طائفيّة، بالتّدرّج العقلاني والمدروس، دون الحاجة إلى تبنّي فلسفات مادّيّة (كالماركسيّة مثلا) أو علمانيّة متطرّفة (كالعلمانيّة الفرنسّية ذات التّأثير الكبير على بعض المجتمع اللّبناني).
إنّنا هنا، بالطّبع، بصدد محاولة استقراء ما يُمكن تسميته بالبناء النّظري السّاند للحركة الصّدريّة في لبنان، دون الدّخول ـ أقلّه حتّى الآن ـ في مدى تأييدنا لهذا البناء أو عدمه. لقد حاول السّيّد الصّدر، برأينا، أن َيدخل مشروع المواطنة والدّولة، لكن من باب غير مادّيّ ولا علمانيّ (مع تأييده لحركة قوميّة عربيّة لا تقوم على الاشتراكية، لاختلافه الفكري مع النّزعات الماركسيّة والاشتراكية). وهما نظرة وتجربة تستحقّان التوقّف عندهما مليّاً، خصوصاً وأنّهما تبدوان أقرب إلى السّياق الشّيعي الحالي في لبنان.
كان شمران، على ما يظهر من سيرتهِ وأقوالِه، رجلاً روحيّاً وشاعراً وعاشقاً إلهيّاً بامتياز، يرى الدّنيا من باب بُعدها الألوهي الباطني، لا المادّي الظّاهري.. ومَن تأمّلَ في عَينَيّ الرّجل، يعرف بالمشاهدة العيان أنّ شمران لا ينظرُ إلى هذه الدّنيا وإنّما ينظرُ من خلالها
مصطفى شمران نموذجاً
لنتوقّفْ أوّلاً، في سبيل تعميق فهمنا للفكرة الأساسيّة لهذا المقال، عند السّؤال التّالي: كيف يرى الإمام السّيّد موسى الصّدر النّموذج-المثالي للفرد الملتزم المذكور آنفاً؟
برأينا، ينبغي التوقّف بتعمّق عند شخصيّة وتجربة أحد أصحاب الصّدر المقرّبين، ومن أحبّهم إلى قلبه بلا شكّ (وهو مواطن إيراني بالمناسبة): أعني شخصيّة وتجربة الشّهيد الدّكتور اللّواء مصطفى شمران (ت. ١٩٨١ م)، كبير مؤسّسي حركة المحرومين إلى جانب الإمام الصدر (على المستوى التّنظيمي)، لا سيّما جناحها العسكري المقاوم “أمل” (“أفواج المقاومة اللّبنانيّة”)، وأحد الأعمدة الرّمزيّة الكبرى لكشّافة الرّسالة الإسلاميّة.. والشّهيد شمران هو، كذلك، أحد المؤسّسين الكبار للجيش الإيراني ما بعد الثّورة، وللحرس الثّوري الإيراني (وقد شغل منصب وزير الدّفاع في مرحلة ما بعد الثّورة، إلى أن استُشهِد على جبهة القتال بين إيران والعراق في زمن صدام حسين).
تصفُ الرّواياتُ والسِّيَرُ الصّدريّة والحركيّة والإسلاميّة مصطفى شمرانَ على أنّه رجلٌ متديّنٌ وملتزمٌ أوّلاً. وتشيرُ ثانياً إلى البُعدِ الحركي-الإسلامي الجهاديّ والثّوري الطّاغي في شخصيّته، وهو الذي ترك عمله كباحث ومدرّس في الفيزياء في إحدى جامعات كاليفورنيا (بطلب من الإمام الصّدر حسبما أُخبرت)، وجاء إلى لبنان مُجاهداً عالميّاً عاشقاً، مُقبِلاً غيرَ مُدبِر، مستعدّاً للشّهادة في أيّ لحظة بين يدي إمامِه ورفيق دربه، في مواجهة الكيان الصّهيوني الغاصب والمحتلّ، وفي وجه الطّغاة والمستكبرين. وقد استمرّت حركةُ شمران بعد تغييب الإمام الصّدر من قبل معمر القذّافي، خصوصاً من خلال مشاركته في تشييد الجيش الإيراني ما بعد الثّورة ومن خلال تأسيس الحرس الثّوري الإسلامي الإيراني. ونُلاحظ هنا، مجدّدا وبموضوعيّة، القرب الرّوحي والفكري والثّوري لحركة الصّدر مع حركة السّيد الإمام الخميني.
وتشيرُ الرّواياتُ والسّيَرُ عينُها إلى بُعدٍ ثالثٍ، يُكمل رسم شخصيّة شمران كنموذجٍ للفرد الحركيّ الصّدري، وهو البعد العرفاني والرّوحي. فقد كان شمران، على ما يظهر من سيرتهِ وأقوالِه، رجلاً روحيّاً وشاعراً وعاشقاً إلهيّاً بامتياز، يرى الدّنيا من باب بُعدها الألوهي الباطني، لا المادّي الظّاهري.. ومَن تأمّلَ في عَينَيّ الرّجل، يعرف بالمشاهدة العيان أنّ شمران لا ينظرُ إلى هذه الدّنيا وإنّما ينظرُ من خلالها. وهي نظرةٌ تذكّرني بشكل عجيب بنظرة الصّدر نفسه، وبنظرة قائد حركي-روحي-إسلامي آخر، أي نظرة اللّواء الشّهيد قاسم سليماني.
بموضوعيّة أستنتج أن الانطلاق من رجلٍ مؤسِّس كمصطفى شمران، لا يُمكن أن يوصِلَ إلّا إلى رجلٍ مكمّل كالحاج قاسم سليماني. يمكن الادّعاء، بسهولة، أنّ هكذا زرع روحي وفكري وثوري لا يؤدّي إلّا إلى هكذا حصاد (بمعزل عن رأينا ورأي الآخرين السّياسي اليومي التّفصيلي فيما يخصّ لبنان والإقليم، وهذا بحثٌ آخر..).
الإنسان الصّدري الذي من المفترض أن يخرجَ من مدرسة “الكشّاف” و”المؤسّسات” هو إنسانٌ ضدّ الأنانيّة. لا يقبل بتغلّب هذا الوهم وهذا الحجاب على نفسه. الإنسان الصّدري النّموذجي يعمل، مبدئيّاً، على إبعاد نفسه عن عبادة الشّهوات وعبادة النّفس
تنمية رأس المال البشري
لا ريبَ عندي في أنّ النّموذَجَين الأكثر مناسبةً، في سبيل مقاربة هذا الجانب المذكور، وضمن سياقٍ لبنانيٍّ بحتٍ هذه المرّة، هما: نموذج تأسيس “كشّافة الرّسالة الإسلاميّة” (المنتمية إلى حركة “أمل”)، بالإضافة إلى نموذج عمل “مؤسّسات الإمام الصّدر” (التي جاهدت عائلة الإمام المُغيب في إدارتها وتطويرها حتّى يومنا هذا). لن ندخل هنا في نقاش تفصيليّ حول العقيدة المؤسّسة لكشّافة الرّسالة، ولا حول الأعمال والمبادرات المتشعّبة والكثيرة لمؤسّسات الإمام الصّدر، ولكنّنا سنحاول التّوقّف عند النّقاط الأهم والمشتركة، والتي تساعدنا في الدّفاع عن الأطروحة المركزيّة لهذه المقالة.
وفي أعلى قائمة هذه النّقاط: المجاهدة في سبيل تكوين الفرد الملتزم دينيّاً، لكن المثابر في كلّ لحظة وفي كلّ آنٍ على إكمال “الجهاد الأكبر” (أي جهاد النّفس والحرب مع الذّات) قبل الانخراط في “الجهاد الأصغر” (وهو جهاد العمل الاجتماعي والسّياسي والعسكري وما إلى ذلك).
الجهاد الأكبر، إذن، هو جهاد النّفس. ومن أركانه صدّ النّفس عن أهوائها، ومحاولة رفع الحُجُب عنها. وأوّل هذه الحُجُب هو الإنّيّة Ego والأنانيّة Egoism. فالإنسان الصّدري الذي من المفترض أن يخرجَ من مدرسة “الكشّاف” و”المؤسّسات” هو إنسانٌ ضدّ الأنانيّة. لا يقبل بتغلّب هذا الوهم وهذا الحجاب على نفسه. الإنسان الصّدري النّموذجي يعمل، مبدئيّاً، على إبعاد نفسه عن عبادة الشّهوات وعن عبادة النّفس، ولا يقبل العيشَ ضمن إطارٍ عنوانه الأنانيّات الشّخصيّة وطلب السّلطة والمراكز والمال.
وضمن سياق “الجهاد الأكبر” عينهِ، الذي شُيّدت فوقه جلّ مبادئ وأهداف وأخلاقيّات “الكشّاف” و”المؤسّسات” حسب فهمنا، علينا التّشديد أيضاً على مسألة الالتزام الأخلاقي الصّارم (البعيد عن الاضطراب الخُلُقي والقِيَمي)، بالإضافة إلى مسألة الإخلاص في السّير والسّلوك والحركة (أي البُعد عن مظاهر الرّياء الدّيني والاستعراض في المناسك والعادات والمناسبات لمجرّد الاستعراض).
وانطلاقاً من نقطة “الجهاد الأكبر”، وإكمالاً لها، يُطلبُ كذلك من الفرد الصّدري المثابرة على تحصيل العلم. ولكنّ العلم المقصود هُنا هو من نوعيّة “علم” الدّكتور علي شريعتي: أي العلم الذي يقترنُ بالعمل والمهنة من جهة، وبالثّقافة العالميّة والكونيّة من جهة أخرى. ليست العبرةُ في تجميع الشّهادات، فكم من جاهلٍ حولَنا قد حصّل أعلى الشّهادات وأكثرها عدداً. الشّهادات مهمّة ولكنّها لا تكفي. الأهمّ منها هو تكوين فردٍ مثقّفٍ ومنفتحٍ على الحضارات والمدارس الأخرى. كان الصّدر وأصحابُهُ، على غرار السّيّد الشّهيد محمّد باقر الصّدر، يقرؤون الأعمال الماركسيّة واللّيبراليّة والسّارتريّة والكانطيّة والهيغيليّة.. إلى آخر القائمة. ويحاولون نقاشَها ومحاورةَ أهلها، قبل أن يقوموا بنقدها من خلال منهج علميّ ومتقدّم حضاريّاً، وكذلك الأمر في تعاطيهم مع الأديان والمذاهب الرّوحيّة.
لا يُمكن للفرد الذي تنحتُهُ مدرسةٌ كهذه – إذا التزمت هذه الأخيرة بمبادئها بإخلاص وبلا نفاق – إلّا وأن يكون عكس الإنسان المنغلق على نفسه. ومن المرجَّح أن تُخرّجَ المدرسةُ عينُها أفراداً ملتزمين ومُخلصين في إيمانهم من جهة، ولكنّهم من جهة أخرى، ينطلقون ويتحرّكون بسلاسة وبلا عُقد نفسيّة ضمن مجتمعٍ تعدّدي كالمجتمع اللّبناني.
باختصار: الإنسان-الفرد في مدرسة الصّدر، حسب فهمِنا، ملتزمٌ ومخلصٌ ومجاهدٌ دائمٌ في سبيل الله (جهاداً أكبر وجهاداً أصغر).. ولكنّه يعيش كلّيّاً ضمن مجتمعه اللّبناني وينخرط، بلا عُقد، في عمليّة بناء دولته اللّبنانيّة مع الآخرين. الإنسان الصّدري اللّبناني هو بلا شكّ مشروع مواطنٍ جدّي وواقعي وإيجابي.. وهذا ما يوصلنا إلى النّقطة التّالية والأخيرة من هذه المقالة:
في الطّريقِ نحوَ المواطنة والدّولة
هل من الضّروري العمل على علمنة الفرد والمجتمع، بهدف إنشاء عقليّة المواطنة وبهدف بناء دولة معاصرة عادلة وغير طائفيّة؟
إنّها، بالطّبع، نقطة جدليّة لم تحلّ إلى اليوم بين الإمام الصّدر من جهة، وبين أغلب اليسار اللّبناني الماركسي والاشتراكي (وكذلك الأغلبيّة الكبرى من القوميّين السّوريّين الاجتماعيّين والقوميّين العرب) من جهة ثانية. ومن المستحبّ إكمال هذا النّقاش بطريقة حضاريّة بين الصّدريّين ومن يوافقونهم الرّأي من جهة، وبين إخوانهم من اليسار والقوميّين وغيرهم من جهة ثانية. ولكنّ من المؤكّد أنّ الإمام لا يعتبر العلمنَة (خصوصاً الفلسفيّة منها والعقائديّة) ممرّا ملزماً نحو المواطنة، خصوصاً إذا ما أخذنا الخلفيّات الرّوحيّة والفلسفيّة والدّينيّة المذكورة آنفاً فيما يخصّ حركته.
الشّخصيّة القياديّة والعلمائيّة والعامليّة الوحيدة القادرة على الانطلاق نحو نقاش مشروع الدّولة الجديدة والنّظام اللّبناني الجديد، مع بقيّة مكوّنات المجتمع اللّبناني، هي شخصيّة سماحة السّيّد حسن نصرالله
ولا شكّ في أنّ الدّليل والمثال على الطّرح الصّدري في هذا المجال هو كيفيّة انطلاق وعمل “حركة المحرومين”، في بداياتها خصوصاً، كمبادرة وطنيّة لبنانيّة صادقة وجامعة وغير طائفيّة، ولكن مؤمنة بأهميّة البُعد الرّوحي والدّيني للإنسان. لن نطيلَ هنا في وصف انطلاقة حركة المحرومين ولا في تفصيل مبادئها، ولذلك الأمر أهلُهُ، وقد كُتبَ وقيل عنهُ الكثير حتّى صار من المتواتر عند أغلب اللّبنانيّين. ولا شكّ أيضاً في أنّ تجربة تأسيس “المجلس الإسلامي الشّيعي الأعلى” تحمل في طيّاتها نفس المعاني والمباني، وقد شهد الكثير من المعاصرين على محاولة الإمام السّيّد الصّدر إنشاء مجلس إسلامي موحّد، ولكنّ طرحه لم يلقَ القبول ـ على ما وصلَنا ـ من القيّمين على المؤسّسة الدّينيّة الإسلاميّة السّنّية في لبنان. ونحيل القارئ، فيما يعني علاقة الإمام مع رجال الدّين والقادة الرّوحيّين من الطّوائف والمدارس الأخرى، إلى سِيَره والشّهادات الموثّقة حول عمله في مدينة صور العامِليّة أوّلاً، ثمّ في الجنوب والبقاع وبقيّة المناطق اللّبنانيّة ثانياً.
في الخلاصة، كان هدفنا من خلال هذه المقالة الدّفاع عن فكرة عدم تعارض طرح المقاومة مع مشروع بناء عقليّة المواطنة وبناء الدّولة المعاصرة في لبنان. وقد أشرنا إلى أنّ خطاب وحركة الإمام السّيّد موسى الصّدر يمثّلان دليلاً حيّاً وملموساً على ما ندّعيه (برأينا طبعاً). ونكرّر قناعتنا الموضوعيّة بأنّ الشّخصيّة القياديّة والعلمائيّة والعامليّة الوحيدة القادرة على الانطلاق نحو نقاش مشروع الدّولة الجديدة والنّظام اللّبناني الجديد، مع بقيّة مكوّنات المجتمع اللّبناني، هي شخصيّة سماحة السّيّد حسن نصرالله. وليس الهدف إحراج خصوم سماحته، ولا إحراجه هو لا سمح الله. لكنّ الواقع المقاوم والدّيني والسّياسي والشّعبي والإقليمي يفرضُ نفسَه.. وإلّا فلْيأتِ المخالفون لنا بشخصيّة علمائيّة أخرى تجمع أغلب الأبعاد المذكورة لحركة الإمام الصّدر، وسنكون لهُ إن شاء الله تعالى من التّابعين.
ونستأذنُ القارئَ للخروج ولو قليلاً من الحياد والموضوعيّة النّسبيَّين (ونحن أهلُ مدرسة أنّ الموضوعيّة، في باطن الأمور، لا يُعوّلُ عليها)، لنختم هذا العمل السّريع والمختصر والمتواضع بكلمات شاعريّة تَوجَّهنا فيها إلى السّيّد الحاضر والغائب معاً:
أتيتَ لُبنانَ،
للضّعيفِ تنصُرُهُ..
ومن لذي الضّعفِ دونَ الصّدرِ مُعتَصَمُ؟
غمَرْتَهُ كالوليِّ،
حُبّاً ومَعرِفةً..
فهَوَتْ بنورِكَ حُجْبُ النّفْسِ والظُّلَمُ!
(*) الجزء الأول: عدم تعارض طرح المقاومة مع مشروع بناء الدولة