الجائزة العالميّة للرواية العربية تُنظم الورشة الثانية للتحرير الأدبي

انطلاقاً من أهمية التحرير الأدبي في عالم النشر العربي، عقدت الجائزة العالميّة للرواية العربيّة ورشتان للتحرير الأدبي، أشرفَ عليهما مدرّبان متخصّصان في آليات التحرير وأدواته، شهدت مشاركة فاعلة وتجاوباً ملحوظاً.

بعدما نظمت النسخة الأولى في كانون الثاني/يناير من هذا العام (2025)؛ شهدت مكتبة عبد الحميد شومان في العاصمة الأردنيّة عمّان على امتداد خمسة أيام مكثّفة، وفي الفترة ما بين 19 و23 تشرين الأول/أكتوبر، انعقاد الورشة الثانية المتخصصة في التحرير الأدبي، من تنظيم ورعاية الجائزة العالميّة للروايّة العربيّة، وبإشراف المدرّبين سمر أبو زيد مستشارة النشر في دار الكرمة والروائي محمد ربيع مدير دار خان الجنوب في برلين، وصاحب رواية “عطارد” التي وصلت إلى القائمة القصيرة لجائزة الرواية العربيّة لسنة 2016.
شهدت الدورة إشرافاً مباشراً من منسقة الجائزة فلور مونتانارو التي رافقت المحرّرين طيلة الأيام الدراسيّة، بالإضافة إلى حضور رئيس مجلس أمناء الجائزة د. ياسر سليمان الذي ساهمَ بدوره في النقاشات حول مستقبل التحرير في العالم العربي، ورصدَ مع المشاركين أزمة اللغة والتعبير الأدبي في السرد العربي في الفترة الحالية.

شهدت الدورة مشاركة المحرّرين التالية أسماؤهم: رقيّة الحديثي عن منشورات نابو (العراق)، د. حنان عيد عن مركز الإمام موسى الصدر للأبحاث والدراسات (لبنان)؛ أمل إسماعيل عن مجموعة كلمات (الإمارات)؛ عُلا الديب عن دار تنمية للنشر والتوزيع (مصر)؛ بسمة الخطيب (لبنان)؛ سهيلة رمضان عن دار الرواق للنشر والتوزيع (مصر)؛ أحمد أسامة عن دار الشروق (مصر)؛ شادي رفعت عن دار ديوان للنشر والتوزيع (مصر)؛ ضيف حمزة ضيف عن منشورات دار ميم (الجزائر).
كما تخلّل الدورة حوار مباشر عبر تقنيّة “الزوم” مع الروائي الفلسطيني محمود شقير الذي شارك المحرّرين تجربتهُ الطويلة في التحرير الأدبي من جهة؛ وخبرتهُ في التعامل مع المحرّرين من جهة أخرى.

ومن أجل التطبيق العملي؛ نظمَ المدرّبان سمر أبو زيد (لبنان) ومحمد ربيع (مصر) ندوةً مع الروائي السوري الشاب سومر شحادة، وقد ناقشه المحرّرون خلالها في روايته “الهجران” الصادرة عن دار التنوير للتوزيع والنشر (2019)، معقّبين على أدوات التحرير المستخدمة في العمل، ومقترحين في الآن ذاته بدائل شتّى في المسودة محل الدراسة، ممّا خلق نوعاً من المتاح التحريري الذي يعطفُ على أفاقٍ تقنيّة مفتوحةً على إمكانات متعدّدة يمكن الاستثمار فيها من أجل إنتاج عمل روائي جيد. وكانت المحصّلة: الاتفاق على أنّ التحرير الأدبي عملٌ لهُ أصول مهنيّة تخضع لضوابط مرئيّة يتقلّص فيها هامش الاجتهاد المطلق، وعلى غرار هذا، نتمكن من رفد السرد العربي أكثر، وتقويم الرواية والنهوض بمستقبلها من أجل المنافسة على مواقع أفضل في العالم.
يُذكر أنّ الجائزة نظمت 13 ورشة (ندوة) للكتابة الإبداعيّة، عُقدت في الإمارات والأردن وعُمان، شارك فيها 95 كاتباً.

***

ياسر سليمان

عُقدت ورشة التحرير الأدبي الأولى في كانون الثاني/يناير 2025، وشارك فيها آنذاكَ ستة محررين. وتعدّ هذه الورشة هي الثانيّة في ذات المجال الواعد. وقد كان الباعث لتنظيم هذه الورشات الخاصة بالتحرير الأدبي هو الخلاصة التي خرجت بها إدارة الجائزة، من خلال الأعمال المترشحة للجائزة التي تأتيها من دور نشر عربيّة مختلفة كل سنة، فارتأت على منوال ما تأدّى عن مراجعات مكثّفة للروايات الواردة أن تُشرف على عقد ورشات متخصّصة، تهدف إلى التدقيق في مسألة فحص المخطوطات قد إعداداها للنشر النهائي.

سليمان: رفع مستوى الرواية العربية

من جهته، قال البروفيسور ياسر سليمان، رئيس مجلس أمناء الجائزة، حول ورشة التحرير الأدبي: “هذه هي الدورة الثانية لورشة التحرير الأدبي التي ترعاها وتشرف عليها الجائزة العالميّة للرواية العربيّة. تهدف هذه الدورة إلى توسيع دائرة المشاركين في ميدان التحرير الأدبي في العالم العربي، وإلى تعميق الخبرات وصقلها تحقيقاً لرسالة الجائزة في دعم الأدب العربي من خلال تحسين مقروئيّة الرواية العربيّة”. ولناحية القصد المرجوّ بلوغه، أشار سليمان إلى أنّه “لا شك لدينا في مجلس أمناء الجائزة أنّ رغبة الكتّاب والناشرين في تقديم المنتج الروائي على أفضل شكل للقراء، إلى جانب توافر الخبرات في هذا المجال للناشرين، سيؤدّيان إلى رفع مستوى الرواية العربيّة”.

مونتارو: تبادل الخبرات
من جانبها، قالت منسقة الجائزة العالمية للرواية العربيّة فلور مونتانارو لموقع “180 بوست” بأنّ هذه الورشة “التي عقدتها الجائزة العالميّة للرواية العربيّة بالتعاون مع مؤسسة عبد الحميد شومان الأردنيّة، تهدف إلى تعزيز مهارات المحرّرين من مختلف دور النشر العربيّة، من خلال جلسات نظريّة وتطبيقيّة مكثّفة، يتبادل المحرّرون فيها الخبرات، ويتدرّبون على العمل مع المؤلفين وعلى النصوص الروائيّة”، وعن الأهميّة والغاية منها سألناها، فأجابت بالتالي: “تكمن أهمية الورشة في أنّها تطوّر مهارات المحرّرين الذين يلعبون دورا أساسياً، وإنْ كان خفياً، في إنتاج الكتاب، ذلك أنّ للمحرّر عينٌ أخرى محترفة، تنظر إلى النص بموضوعيّة؛ تساعد الكاتب من خلال تقديم الاقتراحات ولفت الانتباه من أجل تحسين النص، بدون إصدار الأحكام عليه”.

إقرأ على موقع 180  تصفيق الكونغرس لنتنياهو لا يصنع له "نصراً" على أرض.. غزة!

أبو زيد: تدريب أجيال جديدة
اقتربنا من المدرّبة سمر أبو زيد، (حائزة على ليسانس في الأدب الفرنسي وماجستير في الفلسفة من جامعة القديس يوسف في بيروت، تابعت دراسة تخصصيّة في الفلسفة الألمانيّة في جامعة فرايبورج (ألمانيا) بمنحة ألمانية)، التي بدأت عملها في النشر محررةً في قسم النشر في مكتبة أنطوان (2005)، ثم أصبحت مسؤولة عن منشورات نوفل في دار هاشيت أنطوان عند تأسيسها (2009). كما أنّها شغلت منصب كبيرة المحرّرين في دار بلومزبري-مؤسسة قطر للنشر (2012)، وهي من مؤسسيّ الكرمة للنشر في القاهرة (2013)، وكانت مديرة النشر فيها حتى نهاية آب/أغسطس 2022، وهي الآن مستشارة النشر في الدار نفسه). سألناها عن التحرير الأدبي فكان جوابها على النحو التالي: “في السنوات الأخيرة، شهدت صناعة النشر في العالم العربي تطوراً متسارعاً، وكبرت الدور وكثر إنتاجها الروائي، فكان من الضروري أن يواكب هذا التوسع تدريب أجيال جديدة من المحرّرين، ما أرادت الجائزة العالميّة للرواية العربيّة المساهمة فيه عبر تنظيم ورشة سنويّة للتحرير الأدبي. وتكمن أهمية هذه الورشة في أنّها تجمع محرّرين من بلدان عربية مختلفة، فتسمح بتعميم نقل المعرفة على الدور العربيّة أينما كانت، وبإتاحة فرصة لتبادل الخبرات بين المحرّرين المشاركين من مختلف الدول”.

رضا حسني: دعم للأدب العربي

وبحثاً عن هامشٍ أكبر لالتقاء الرؤى، التقينا بأحد المشاركين في الورشة في طبعتها الأولى رضا حسني وهو أستاذٌ تونسي متخصّص في اللغة العربيّة وأدابها وشاعرٌ ومحرّرٌ أيضاً، فقال لنا الآتي: “تتنزّل ورشة التحرير الأدبيّ ضمن ما تقدّمه الجائزة العالميّة للرواية العربيّة من دعم مادي ومعنويّ للأدب العربي المعاصر بهدف تطوير مستواه ورفع مستوى الإقبال عليه عالمياً”، مُضيفاً “ولقد كانت الورشة، بأنشطتها المتنوّعة، فرصةً مهمّة جدّا تعرّفنا فيها على أدوار المحرّر المختلفة من قبيل التحرير البنيويّ وتحرير المخطوطة والقواعد التحريريّة وأخلاقيّات عمل التحرير. وكانت النقاشات والأسئلة العميقة التي طرحها المشاركون ممّا أثرى الورشة وأكّد الحاجة إلى مثل هذه الورشات في عالمنا العربيّ الذي ما يزال دور المحرّر فيه غير واضح، إن لم يكن مهمّشاً”.

ويُذكر أنّ الجائزة العالمية للرواية العربيّة هي أهمّ الجوائز الأدبيّة في العالم العربي. وتهدف من خلال أهميّتها هذه إلى مكافأة التميّز في الأدب العربي المعاصر، ورفع مستوى الإقبال على قراءة هذا الأدب عالمياً، وتتواءم ورشة التحرير مع مهمة الجائزة المتمثلة في تعزيز الأدب العربي الرفيع من خلال التركيز على دور المحرّرين الأدبيّين المهم، الذي غالباً ما يتمّ تجاهله، في تقديم العون للكُتّاب قبل نشر رواياتهم.

Print Friendly, PDF & Email
ضيف حمزة ضيف

كاتب وصحافي جزائري

Download Nulled WordPress Themes
Download Nulled WordPress Themes
Free Download WordPress Themes
Premium WordPress Themes Download
free download udemy course
إقرأ على موقع 180  حماية أبطال "جلبوع" أغلى من حريتهم