خبرونا عنكن Archives - 180Post

لا يمكن مقاربة البعد الصحي والطبي والعلمي لكورونا من دون مقاربة البعد الإقتصادي.

بَاغَتَ نبأ الموت صديقتنا زينب. كان مجيئه سريعاً عبر موجات الهاتف، ومُشابهاً لفيروس كورونا الذي كان قد أصاب شقيق زينب "أبو الياس" المقيم على فرصة عمل كسواه من شباب دفعتهم البطالة واختبار المستقبل إلى حيث توافرها في إحدى الدول العربية.

ما بين فيروس كوفيد-19 وفيروسات هذا الوطن الأُخرى"، هذا نص حوار واقعي:

حسناً فعلت الحكومة اللبنانية بأن قررت تشديد الإجراءات الصحية لمكافحة إنتشار كوفيدـ19، ذلك أن عدم انضباط اللبنانيين في ضوء ما شاهدناه مؤخراً وعدم وجود الحس الوطني الجماعي، قد يؤثران سلباً على جهود وزارة الصحة اللبنانية التي كانت بالفعل جريئة وفاعلة. لكن يبقى النظام الصحي اللبناني بحاجة الى إعادة تنظيم عصري بما يكفل لجميع المواطنين العدالة الصحية.

تعظيماً وبكل فخر، نرفع القبعة لكم، وأنتم الآن في زمن الكورونا أريتمونا نماذج من التضحية والشجاعة في ميادين العمل الطبي ـ الاجتماعي – الاسعافي - التطوعي. نماذج يستحق أصحابها أن نطلق عليهم لقب الجنود المجهولين. وسأقصر كلامي هنا على ما عاشه هؤلاء من تجربة رائدة تستحق رفع التحايا.

يدفعنا وباء كورونا نحو ذواتنا. ونحن ننعزل في وحدتنا القسرية خوفاً منه، وتجنباً لأوجاعه، ترانا نغوص في مخاوفنا وهواجسنا، وأيضاً في أعمق أفكارنا. هي الوحدة حد الصفاء التي تزيل غشاوة يومياتنا الرتيبة، وتلقي بنا في بحر الأسئلة عن أمثولة الوجود، وسبل إنبثاقه، وتشكل وعينا، وما خلف هذا الوعي.

قلق اللبنانيين، في زمن الكورونا، يتجاوز يومياتهم. الصورة قاتمة جداً. برغم الأزمات التي مررنا بها في العقود الماضية، كان يسجل للبنان قدرته على النهوض من كبواته، بعد كل حرب وتدمير، خصوصا على جبهة الجنوب. كان صمودنا مدهشاً ومضرب مثال للعالم، فهل كنا واهمين ام ان سحر ودهشة الخروج من الحرب الأهلية سالمين قد أعمى بصيرتنا عن كل الإرتكابات التي حصلت، وكنا كلنا شهوداً عليها؟

لعبة تتسع لكثر كادت ان تكون مسلية لولا انها تهدر دم عديدين وتندثر معها حيوات واحلام لكبار وصغار ويطاح بصورة بلد كاد ان يجدد دمه بإيجاد مساحة وصل بين شرق وغرب.

في زمن الكورونا، ألجأ إلى الكتابة. علّ الكلمات تداوي شيئا من دوامتنا المجنونة. عندما تفشل الأفكار (والعلوم) "تصبح الكلمات في متناول اليد"، وفق القول المأثور للشاعر الألماني الكبير يوهان فولفغانغ غوته.