
عقدان على هجمات 11 أيلول/سبتمبر 2001 ولا تزال الولايات المتحدة تنفض عنها غبار ذلك اليوم الذي ضرب رمزي قوتيها العسكرية والإقتصادية وقادها إلى حربين مكلفتين جداً في أفغانستان والعراق، مدفوعة بكبرياء إمبراطورية جريحة.
عقدان على هجمات 11 أيلول/سبتمبر 2001 ولا تزال الولايات المتحدة تنفض عنها غبار ذلك اليوم الذي ضرب رمزي قوتيها العسكرية والإقتصادية وقادها إلى حربين مكلفتين جداً في أفغانستان والعراق، مدفوعة بكبرياء إمبراطورية جريحة.
في أول سنة لي في برنامج الدكتوراه في جامعة ييل الأميركية، كان من ضمن المواضيع التي درستها مادة تاريخ الديانة المسيحية. إشتمل إمتحان نهاية الفصل الأول على سؤال بحثي بدا لي للوهلة الأولى بسيطاً للغاية: من كان الرابح في الصراع بين المسيحيين والإمبراطورية الرومانية؟
ينطوي الأسبوع الطالباني الرابع خلال أيام قليلة. في الخامس عشر من آب/أغسطس الماضي، دخلت حركة طالبان إلى القصر الرئاسي في كابول بينما كان الرئيس أشرف غاني يتوارى مع أمواله خارج البلاد. الحدث الأفغاني ما زال حمّال أوجه وقراءات.
يصاب بالذهول كل من يستمع إلى خطاب الرئيس الأمريكي جو بايدن وتصريحات وزير خارجيته ورئيس هيئة الأركان المشتركة في جيشه والناطقين باسم البيت الأبيض والخارجية ووزارة الدفاع. الذهول يقع عندما يسمع المرء أن الانسحاب من أفغانستان كان "انتصارا" وأنه لم يقع "المزيد" من الضحايا الأميركيين في استكمال عملية الانسحاب.
يبدو أن تفاقم الأعباء على كاهل حركة طالبان، التى لا تزال مدرجة على لوائح التنظيمات الإرهابية بدول شتى، سينال من قدرتها على الوفاء بتعهدها عدم السماح للجماعات الجهادية التكفيرية باتخاذ أراضى أفغانستان منصة لتهديد أية دولة.
ليس من الصواب أن نقارب انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان على أنه فشل ذريع مُنيت به الإدارة الأميركية، وليس من الصواب أيضاً، أن ننظر للولايات المتحدة على أنها الدولة القادرة على فعل أي شيء، فثمة منزلة بين الإثنتين، وإن كانت الكفّة، طبعاً، تميل أكثر نحو الإخفاق.
أخيراً أضيفت الى المجتمعات الإسلامية حكومة دينية أخرى. ذلك ما لا يبعث على السرور أو التفاؤل.
لا مبالغة متعمدة في صياغة عنوان هذا المقال، فالواقع شاهد على دور باكستان في الوصول بطالبان إلى تحقيق حلم استعادة الحكم في كابول. لم يكن خافيا خلال العقود السابقة، وليس بخافٍ اليوم، هذا الدور بكثير من تفاصيله ومشكلاته.
تبدو تركيا الدولة الوحيدة التي "ربحت" الحرب الأفغانية حتى الآن، وإذا استمرت آلية عمل دبلوماسية الأبواب المفتوحة الجارية بين أنقرة وحركة "طالبان"، على وتيرتها الحالية، فلا شك أن الحضور التركي سيتكرس في بوابة آسيا الوسطى، تماما مثلما تكرس الحضور المذكور في بلاد القفقاس بعد حرب ناغورنو قره باخ بين أذربيجان وأرمينيا في العام الماضي.
إذا كان بلد مثل أفغانستان هو "مقبرة الإمبراطوريات" تاريخياً، فإن حكمه وإدارته من أهله هو من أصعب المهام "ومن المُرجح أن تجد طالبان أن حكم أفغانستان أصعب بكثير من احتلالها"، كما يقول كارتر ملكاسيان، الكاتب الأميركي في "فورين أفيرز" ومؤلف كتاب "الحرب الأميركية في أفغانستان".