
ألهبت الازمة المالية والاقتصادية الخانقة التي يعيشها لبنان منذ ثلاث سنوات أسعار كل شيء بعد ان ربطت أسعار كل السلع التي يستهلكها المواطن بسعر صرف الدولار وفق تسعيرة متصاعدة يوميا في السوق السوداء.
ألهبت الازمة المالية والاقتصادية الخانقة التي يعيشها لبنان منذ ثلاث سنوات أسعار كل شيء بعد ان ربطت أسعار كل السلع التي يستهلكها المواطن بسعر صرف الدولار وفق تسعيرة متصاعدة يوميا في السوق السوداء.
في 27 أيلول/سبتمبر، أقرّ البرلمان اللبناني موازنة العام 2022. إحتُسبت نفقاتها على أساس دولار جمركي رُفِع إلى الـ15 ألف ليرة. بعد أقلّ من 24 ساعة صرّح وزير المال يوسف خليل أنّ "البنك المركزي سيتبنّى سعر صرف رسمياً 15 ألف ليرة بدلاً من 1507 ليرات اعتباراً من نهاية تشرين الأول/أكتوبر المقبل، وذلك في خطوة تهدف إلى توحيد سعر الصرف".
أعاد يوم اقتحام المصارف في الأسبوع الماضي الذاكرة إلى أزمة "بنك إنترا" في ستينيات القرن الماضي وكيفية مبادرة الدولة اللبنانية إلى حماية أموال صغار المودعين على وجه السرعة، في حين لا تلوح في الأفق أي بادرة لحل معضلة مصادرة القطاع المصرفي لثروات اللبنانيين منذ خريف العام 2019.
منذ أسابيع يتكرر على محطة تلفزيونية إعلان موضوع لجمعية المصارف، فحواه أن المصارف ضرورية للاقتصاد اللبناني. أخطر ما في الإعلان تهديد بأن زوال المصارف، أو انهيارها، فيه زوال للبنان. ما أُهين اللبنانيون بقدر ما تقصّد الإعلان إهانتهم. وقد تجاوزت المصارف حدود التهذيب بفظاظة وقحة واحتقار للمجتمع بأسلوب غير مسبوق.
يدور نقاش حاد، وضروري، في الأوساط الاقتصادية والمالية والسياسية والشعبية حول خطة التعافي التي تم الاتفاق عليها بين الحكومة اللبنانية وصندوق النقد الدولي.
هذه ليست المرة الأولى التى تعيش فيها أغلب البلدان العربية غير النفطية أزمات اقتصادية ومالية قاسية. إذ كانت قد شهدت الفترة التى تلت انهيار أسعار النفط فى 1985 إلى ما دون أسعار «الفورتين النفطيتين» فى 1973 (حرب أكتوبر) و1979 («الثورة» الإيرانية) تضخما فى الديون العامة وانهيارا فى أسعار الصرف، بل توقفت بعض الدول حينها، كسوريا، عن سداد ديونها الخارجية.
تحاول حكومة نجيب ميقاتي تجاوز عناوين المحاسبة والمساءلة في خطتها للتعافي الاقتصادي والتصحيح المالي والاصلاح المصرفي. خطة توافقت بشأنها مع صندوق النقد الدولي، على أمل الحصول على تمويل من الصندوق أولاً، ومؤسسات التمويل والدول المانحة تالياً. أما كلفة الانهيار فسيستمر اللبنانيون بدفعها لسنوات طويلة قادمة سواء من ودائعهم المتبخرة أو رواتبهم الهزيلة.
تحاول حكومة نجيب ميقاتي الظهور بمظهر المنقذ من الضلال السياسي لتضع البلاد على سكة الخلاص الإقتصادي. تراهن على تراجع حدة المناكفات السياسية والطائفية، لعلها تنجح في التفاوض مع صندوق النقد الدولي، والتوقيع معه على اتفاق تمويل مشروط بالإصلاحات. فما الممكن وما المستحيل؟
تشكلت حكومة جديدة في لبنان بين مهامها إطلاق مفاوضات مع صندوق النقد الدولي في سياق جهود وضع حد للإنهيار المالي والاقتصادي، وتطبيق إصلاحات يرجى منها تغيير النموذج الذي ساد طيلة 30 سنة. لكن دون ذلك دزينة عقبات، ما هي؟
يواجه لبنان أخطر أزمة إقتصادية واجتماعية وإنسانية عرفها في تاريخه (باستثناء المجاعة الكبرى عام 1915 والتي قضت على ثلث سكان جبل لبنان).