
لو لم يقع العُدوانُ الإسرائيلي – الأميركي على إيران، لكانَ الأمرُ مفاجِئاً فعلاً ، أمَّا وقد وقعَ فلا مفاجأةَ أبداً. ما كان يتسرَّب من أروقة المفاوضات الأميركية – الإيرانية في مسقط وفي روما، كان يشير إلى ذلك، وكان يُؤكِّدُ ثلاثةَ أمور:
لو لم يقع العُدوانُ الإسرائيلي – الأميركي على إيران، لكانَ الأمرُ مفاجِئاً فعلاً ، أمَّا وقد وقعَ فلا مفاجأةَ أبداً. ما كان يتسرَّب من أروقة المفاوضات الأميركية – الإيرانية في مسقط وفي روما، كان يشير إلى ذلك، وكان يُؤكِّدُ ثلاثةَ أمور:
في اليوم الأول للحرب "الإسرائيلية" على إيران أعلن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أن العملية العسكرية ستستمر لأسبوعين وهدفها تدمير برنامج إيران النووي، وقال إن إسرائيل قادرة على تحمل الرد الإيراني المرتقب. بعد مرور أسبوع على الحرب، لم يتمكن نتنياهو من تدمير مجمل البرنامج النووي ولا يبدو أنه احتسب جيداً الأثمان التي سيدفعها جراء الضربات الإيرانية، وبالتالي نحن على عتبة ستاتيكو حرب استنزاف، كيف يُمكن كسرها؟
قبل ١٤ عاماً، حذّر رئيس "الموساد" الأسبق مائير داغان، في إفادةٍ قدّمها يوم مغادرته منصبه، من ألّا يؤدّي أي هجوم إسرائيلي على إيران إلى إنهاء مشروعها النّووي، بل يكون ذريعة لإيران لاستئنافه بكلّ قوّة. وذكر يومها أنّ تدميره بالكامل بواسطة عمليّة عسكريّة إسرائيلية منفردة ليس ممكناً.
وسط الجدل حول حدود التدخل الأمريكى فى العدوان الإسرائيلى على إيران، قال الرئيس دونالد ترامب «نحن نسيطر على السماء الإيرانية»، وقصد ترامب سيطرة إسرائيل برغم استخدامه كلمة «نحن». لم تكن هذه زلة لسان أو هفوة ترامبية، بل هى تعبير صريح ومباشر عن حجم التناغم والتكامل فى رؤية قيادة الدولتين للشرق الأوسط ولسياستهما ومصالحهما المتطابقة فى أغلب ملفاته.
أن يكون المجتمع الأميركي غير مستعد للقبول بضرورة الانخراط في حرب إسرائيل على إيران، هذه مسألة يُفترض أن يعيرها الرئيس دونالد ترامب اهتماماً خاصاً كونه تعهد في برنامجه الانتخابي بإخراج الولايات المتحدة من دوامة "النزاعات التي لا تنتهي" في الشرق الأوسط، فضلاً عن الجهود التي يجب أن تبذل لتهيئة أميركا، بل تهيئة العالم، للحقيقة المرعبة التي تنطوي عليها الحرب مع إيران.
يسلط أنطوان شلحت، كبير الباحثين، في المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية (مدار) الضوء على الدوافع المعلنة وراء قرار رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو بشن حرب ضد إيران وما هي الغايات الممكنة أو تلك التي يصعب تحقيقها.
يجلسُ بوّاب أمام القانون حارسًا. يأتيه رجلٌ من الأطراف طالبًا الدخول، فيُجيبه البوّاب: "ليس الآن". ينتظر الرجل. يسأله في النهاية: "هل سيُسمح لي بالدخول لاحقًا"؟ ردّ البواب: "ممكن.. لكن ليس الآن".
«أحكمنا الآن السيطرة التامة على أجواء إيران، كانت لدى طهران منظومات رصد ودفاع جوى، لكنها لا تضاهى التقنيات المصنعة والمصممة عندنا، نعرف بدقة موقع المرشد على خامئنى، هو هدف سهل لنا، لكننا لن نستهدفه الآن تفاديا لإصابة مدنيين أو جنودنا، صبرنا ينفد، وعلى سكان طهران إخلاؤها فورا، وعلى إيران الاستسلام من دون شروط».
نستطيع أن نصف "عدوان الثالث عشر من حزيران/يونيو" أنه آلية اشتغال على البنية الرمزية للخصم. كان الهدف تعرية البنية الرمزية الإيرانية أمام ذاتها. فكل حرب، في جوهرها، ليست نزاعًا على الأرض فقط، بل على حق تمثيل الأرض، على سلطة اللغة التي تَسكُن الخرائط، وتعيد إنتاج الأنا في مواجهة الآخر.
في زمن الحرب الإسرائيلية ضد إيران في العام 2025، يعود اسم مردخاي فعنونو، ذلك الفني النووي الإسرائيلي المغمور الذي قلب معادلة الردع منذ نحو أربعة عقود، ليحضر من جديد، لا كتفصيل تاريخي، بل كرمز في النقاش المتجدد حول مستقبل الردع، حدود القوة، وتآكل السيادة.