الإستعمار الجديد الناعم يمر أيضاً عبر المنصات الرقمية، التي تهيمن على أكبرها وأكثرها شيوعاً وإستخداماً شركات أميركية قليلة بالعدد.. هائلة بالحجم. إنها المارد الغازي لعقولنا والمحرك لغرائزنا والموجه لتصرفاتنا و"النافض" لجيوبنا على مدار الساعة.
الإستعمار الجديد الناعم يمر أيضاً عبر المنصات الرقمية، التي تهيمن على أكبرها وأكثرها شيوعاً وإستخداماً شركات أميركية قليلة بالعدد.. هائلة بالحجم. إنها المارد الغازي لعقولنا والمحرك لغرائزنا والموجه لتصرفاتنا و"النافض" لجيوبنا على مدار الساعة.
لم يكن الإتفاق الموقع في منتصف تموز/ يوليو 2015 بين إيران والمجموعة السداسية الدولية، نتاج توافق دولي يقتصرعلى المحددات والجوانب النووية فحسب، فأبعاده تتجاوز الظاهر منه، إلى تطبيع العلاقات الإيرانية مع الغرب على وجه التحديد.
"كواد" تحالف رباعي يجمع الولايات المتحدة، أستراليا ، الهند واليابان، كان طي النسيان، لكن جو بايدن سارع إلى انعاشه كإستراتيجية ثابتة في سياق سعيه لإعادة بلاده إلى دورها القيادي في منطقة تشهد صعوداً قوياً لنفوذ الصين.
الإتحاد الأوروبي يطالب الكرملين بما لا طاقة له على تحمله، ألا وهو إطلاق حرية العمل السياسي أمام نافالني، بينما تتجه روسيا إلى إنتخابات تشريعية في أيلول/ سبتمبر المقبل، ويشهد حزب “روسيا الموحدة” تراجعاً في شعبيته، نتيجة الظروف الإقتصادية الصعبة التي تعيشها البلاد، بسبب تدني أسعار النفط وجائحة كورونا والعقوبات الأميركية والأوروبية المفروضة أصلاً على موسكو، على خلفية ضم شبه جزيرة القرم وحرب الدونباس في أوكرانيا ومساندة دمشق.
منذ فترة بعيدة، لم يسمع العالم لهجة روسية عالية النبرة، كتلك التي تحدث بها وزير الخارجية سيرغي لافروف لموقع “سولوفييف لايف” قبل أيام، عندما قال إن روسيا مستعدة للذهاب بعيداً حتى حدود قطع علاقاتها مع الإتحاد الاوروبي، في حال مضى الإتحاد في فرض عقوبات قاسية تمس بعض نواحي الإقتصاد الروسي الحساسة، وأنه على روسيا أن تعمل بالمقولة اللاتينية الشهيرة “إذا اردت السلام فاستعد للحرب”.
وسارع الناطق باسم الكرملين ديميتري بيسكوف إلى التخفيف من حدة كلام لافروف، ملقياً باللوم على الإعلام لإختياره عبارة “أخرجت من سياقها”، في مقابلة وزير الخارجية، وأن موسكو لا تريد “القطيعة” مع الإتحاد الأوروبي، لكنها في الوقت نفسه تستعد لـ”الأسوأ” في حال فُرضت عليها عقوبات جديدة، بسبب قضية نافالني.
لا ينتفي تهديد لافروف وتوضيح بيسكوف، مع سيطرة مناخ غير سليم في العلاقات بين الإتحاد الروسي من جهة والإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة من جهة ثانية.
وقبل أن يغادر الممثل الأعلى للإتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية جوزيب بوريل، موسكو، الأسبوع الماضي، أعلنت روسيا طرد مجموعة من الديبلوماسيين الأوروبيين، بتهمة مشاركتهم في تظاهرات داعمة لنافالني في مدينة بطرسبرج. خطوة أرادت من خلالها موسكو التعبير عن أنها ضاقت ذرعاً بالسياسة الأوروبية.
وليست أوروبا وحدها التي تدفع بقضية نافالني، فالروس يدقّقون هذه الأيام في كل إشارة تنم عن الإدارة الأميركية الجديدة برئاسة الديموقراطي جو بايدن، ويتبحرون في معاني كل كلمة يقولها سيد البيت الأبيض الجديد، وفي إنعكاساتها، ولا يفارقهم الإمتعاض حيال مسألة توقيت عودة نافالني إلى روسيا قبل ثلاثة أيام فقط، من مباشرة بايدن مهامه رسمياً في 20 كانون الثاني/ يناير الماضي.
بين مكالمتين
والإيجابية التي لمسها الروس بمسارعة بايدن إلى المصادقة على تجديد معاهدة “نيو ستارت 3″، ما لبث أن محاها كلام بايدن خلال المكالمة الهاتفية الأولى له مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. قال بايدن ما حرفيته “لقد قلت للرئيس بوتين: لقد ولى زمن عدم محاسبة روسيا على التدخل في الإنتخابات الأميركية، وعلى الهجمات السيبرانية”، ليضيف :”يجب على روسيا إطلاق نافالني فوراً”.
هل تشجيع نافالني على العودة إلى روسيا وتكبير حجم الرجل من قبل الغرب، هو بمثابة عملية إنتقام من بوتين، أم أنها سياسة غربية راسخة لا تزال تعتبر أن روسيا وليس الصين، هي الخصم الإستراتيجي الأساسي للولايات المتحدة؟
إذا ما قورنت محادثة بايدن مع بوتين، بتلك التي أجراها مع الرئيس الصيني شي جينبينغ لمدة ساعتين، لا يلمس المراقب تلك الحدة في النبرة. صحيح أن الرئيس الأميركي الجديد أبدى “قلقاً” حيال سلوك القيادة الصينية في هونغ كونغ وإقليم شينجيانغ، لكنه حرص في الوقت نفسه على إبراز عدم رغبة أميركا في خوض غمار حرب باردة مع الصين “ستكون لها انعكاساتها على العالم”.
مع الرئيس الصيني، كان بايدن حذراً في عدم الذهاب بعيداً في إستفزاز العملاق الاقتصادي الثاني في العالم، من دون أن ينكر في أحاديث سابقة له، أن أميركا هي في حال “تنافس إستراتيجي” مع الصين، وأن سياسة سلفه الجمهوري دونالد ترامب لم تكن كلها خاطئة حيال بكين. بينما من جملة مآخذ الديموقراطيين على ترامب، كان “التسامح” الذي أبداه حيال بوتين إبان رئاسته.
التعايش الأميركي مع الصعود الصيني، لا ينطبق على روسيا. دخل بايدن إلى البيت الأبيض حاملاً جرح إنتخابات 2016، لا يريد الديموقراطيون التخلي عن الاتهامات لروسيا، بأنها كانت السبب الرئيسي في إدخال قطب العقارات الجمهوري إلى البيت الأبيض وإلحاق الهزيمة بهيلاري كلينتون. حتى أن إنتظار بوتين ليكون آخر رئيس يهنىء بايدن على فوزه بالرئاسة، تتخذ دلالة رمزية في الولايات المتحدة، ويرتابون هل أن الرئيس الروسي كان يعتقد أن في إمكان ترامب قلب نتائج الإنتخابات؟ لا يمكن أن يكون بوتين بهذه السذاجة السياسية.
فهل تشجيع نافالني على العودة إلى روسيا وتكبير حجم الرجل من قبل الغرب، هو بمثابة عملية إنتقام من بوتين، أم أنها سياسة غربية راسخة لا تزال تعتبر أن روسيا وليس الصين، هي الخصم الإستراتيجي الأساسي للولايات المتحدة؟
وبديهي أنهم في الغرب يدركون أن قضية نافالني في نهاية المطاف لن تصل إلى “ثورة ملونة” في روسيا. والمزيد من الدعم الغربي لنافالني لا يصب في مصلحته على المدى البعيد، بحيث ستتعزز نظرية أنه لا يعدو كونه دمية في يد الغرب، وليس معارضاً حقيقياً يأخذ في الاعتبار مصالح روسيا قبل مصالح الخارج.
لكن يجب عدم الإستهانة بالضجة التي أحدثها نافالني وشريطه الوثائقي عن “قصر” بوتين على البحر الأسود. الشريط حاز على مئة مليون مشاهدة، بينما الدعوة إلى التظاهر إحتجاجاً على سجنه، لقيت إستجابة في 109 مدن روسية. ولدى نافالني 6 ملايين متابع على حسابه على اليوتيوب ومليوني متابع على تويتر. ولا شك في أن نافالني إنتهز فن مخاطبة الشباب الروسي عبر وسائل التواصل الإجتماعي. كما أن تركيز الحديث عن فساد بوتين والنخبة الحاكمة، دغدغ مشاعر العديد من الروس المتعبين من الوضع الإقتصادي الذي فاقمته جائحة كورونا.
قضية نافالني، لا تعدو كونها إحدى أوراق الضغط في حملة أوسع على روسيا
التوتر الذي أصاب المسؤولين الروس، مرده ليس نافالني وحجم حركته بحد ذاتهما. التوتر سببه من يقف خلفه ومن يشجعه، على المضي في التركيز على الفساد في أوساط المسؤولين الروس. المشكلة تكمن في تكثيف الحملة الغربية على روسيا مع رئاسة بايدن، الذي يقول إنه سيولي مسألة حقوق الإنسان أولوية في سياسته.
وفي السابق، عرف بوتين بعض الشخصيات المعارضة من أمثال سيرغي ماغنيتسكي الذي مات في السجن، وبوريس نيمتسوف الذي إغتيل، وميخائيل خودركوفسكي، الذي سجن حتى عام 2013.
والآن، ثمة من يدفع بنافالني إلى الواجهة، بينما رهان الكرملين أن حركته لن تلبث أن تتراجع مع وجوده في السجن ومع إتضاح أنه “غربي” أكثر مما هو روسي.
وقضية نافالني، لا تعدو كونها إحدى أوراق الضغط في حملة أوسع على روسيا. من محاولات تغيير النظام في بيلاروسيا، إلى إعادة تحريك جبهة شرق أوكرانيا، إلى تكثيف طلعات القاذفات الاستراتيجية الأميركية من قواعد في النروج، آخر حدود حلف شمال الأطلسي في القطب الشمالي، إلى تعزيز القوات الأميركية في بولونيا وجمهوريات البلطيق، كلها تحركات ثقيلة الوقع على روسيا، وتبعث برسائل غير مطمئنة للكرملين، مضافاً إليها إصرار أميركي على عرقلة مشروع أنبوب الغاز “نورد ستريم 2” إلى ألمانيا.
أثرنا منذ أسبوعين السؤال حول ما إذا كانت «القضية الفلسطينية» ستعود من جديد إلى جدول الأولويات الإقليمية، فى شرق أوسط يعيش على صفيح ساخن من الحروب والأزمات، ليس على مستوى الخطاب والشعار بالطبع بل على مستوى الفعل السياسي والدبلوماسي.
نظر البريطانيون خلف بحر المانش فوجدوا قارةً قديمةً تنخرها الأزمات. لذلك، قرروا النأي بأنفسهم عنها بالأميال الـ165 من المياه التي تفصل البر الأوروبي عن بر جزيرتهم.
هل تحوّلت المبادرة الفرنسية إلى عبء على الفرنسيين بعدما أقفلت الأبواب اللبنانية بوجهها أم تملك فرصة جديدة، عبر إعادة تعويمها أوروبياً وفاتيكانياً؟
يصح القول في تاريخ العلاقات الفرنسية التركية إنه تاريخ متقلب منذ مائة سنة حتى يومنا هذا. ثمة عناصر إشتباك بين فرنسا وتركيا تتوزع بين أوروبا والمنطقة العربية.. والأهم في القارة الإفريقية.
تحظى قضيتان بإهتمام الإعلام الإيراني والعالمي، وهما وضع قرار البرلمان الإيراني موضع التنفيذ بالبدء بتخصيب اليورانيوم بدرجة عشرين بالمئة في منشأة فوردو؛ الذكرى السنوية لإغتيال قائد "قوة القدس" في الحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني.
حرّكت تصريحات رئيس الحكومة المغربي سعد الدين العثماني بشأن مدينتي سبتة ومليلية الخاضعتين للسيطرة الإسبانية منذ القرن السادس عشر، المواجع المغربية، وإستدرجت في الوقت نفسه الإسبان إلى التعبير عن إنزعاجهم المعلن من إعتراف الولايات المتحدة بمغربية الصحراء الغربية، المستعمرة الإسبانية السابقة، وذلك مقابل التطبيع الدبلوماسي بين المغرب وإسرائيل!