نشر موقع "جاده إيران" تحقيقاً للكاتب بلال حسن، عرض فيه لواقع التيار الصدري في العراق في ضوء آخر قرارات زعيمه السيد مقتدى الصدر بتجميد تياره لمدة سنة واعتزال العمل السياسي وتجميد حساباته في الفضاء الإفتراضي.
نشر موقع "جاده إيران" تحقيقاً للكاتب بلال حسن، عرض فيه لواقع التيار الصدري في العراق في ضوء آخر قرارات زعيمه السيد مقتدى الصدر بتجميد تياره لمدة سنة واعتزال العمل السياسي وتجميد حساباته في الفضاء الإفتراضي.
ثمة انسداد سياسي في العراق ولبنان منذ ثلاث سنوات. انطلق الحراك التشريني في كل من بغداد وبيروت في خريف العام 2019. سقطت حكومتا عادل عبد المهدي في العراق وسعد الحريري في لبنان. تمت تسمية أكثر من مرشح لرئاسة الحكومة هنا وهناك قبل أن تؤول المهمة في مطلع ربيع العام 2020 لرئيس المخابرات مصطفى الكاظمي في العراق ولحسان دياب ثم نجيب ميقاتي في لبنان.
ما بين التفجير إلى حد عودة أشباح الاحتراب الأهلى والتهدئة إلى حد الرهان على إحياء العملية السياسية، التى ماتت إكلينيكيا، يجد العراق نفسه معلقا على احتمالات وسيناريوهات متناقضة.
خرجت الأمور عن السيطرة في بغداد بعد دقائق فقط من إعلان مقتدى الصدر اعتزاله السياسة نهائيا. جرس الإنذار لم يدق فقط في العراق، بل سُمع قرعه في طهران وبيروت على السواء. وإذا كانت سنة 2003 شهدت سقوط العاصمة العراقية بيد الاميركيين، فإن مشهد الاشتباكات بين أنصار التيار الصدري وخصومهم من القوى الشيعية المتحالفة مع طهران بدا كسقوط بغداد أخر، مهددا المحور الممتد من إيران إلى لبنان بخسارة كل مكتسبات ما بعد سقوط صدام حسين.
مع القرار الذي إتخذه السيد مقتدى الصدر باعتزال العمل السياسي وما أعقبه من مواجهة وسقوط ضحايا، يكون المشهد السياسي والامني العراقي قد بلغ أخطر منزلقاته منذ ظهور ارهاب الموجة الداعشية قبل اكثر من سبع سنوات وربما منذ الإحتلال الأميركي للعراق عام 2003.
يحتل المتظاهرون الموالون للتيار الصدري مبنى البرلمان في بغداد، وسط أجواء من الانقسامات العميقة تخيم على المعسكرات السياسية الرئيسية في العراق منذ فترة. ولا ينبغي أن تتحول هذه المواجهة إلى أعمال عنف، إذ بإمكان قادة البلاد حل خلافاتهم بالحوار، وبدعم من الشركاء الأجانب، بحسب المتخصصة بالشؤون العراقية لهيب هيغل من "مجموعة الأزمات الدولية".
لم يكن اجتياح تيار الزعيم الشيعى «مقتدى الصدر» للبرلمان العراقى والاعتصام فيه حدثا مفاجئا بذاته، فالأجواء ملتهبة بالأزمات المتلاحقة وسيناريوهات التصعيد واردة طوال الوقت. ولا كان التصعيد المضاد من «الإطار التنسيقى» للقوى والأحزاب الشيعية الأخرى إلى حافة الصدام مفاجئا هو الآخر، فالمصالح والولاءات تتناقض.
يعيش العراق منذ إجراء الانتخابات النيابية في 10 أكتوبر/تشرين الأول 2021 إلى يومنا هذا حالة انسداد آفاق سياسية ودون حكومة كاملة الصلاحيات، وهو أمر تكرّر بعد انتخابات الأعوام 2006 و2010 و2014 و2018، وما بعد الإطاحة بحكومة عادل عبد المهدي في نهاية عام 2019.
لم يُكتب للعراق الاستقرار منذ أول حكومة عراقيّة تشكّلت بعد الاحتلال الأميركي عام 2005، ولن يُكتب له ما دامت السياسة العراقية رهينة إرادة غلبة وانقسامات طائفية وتجاذبات اقليمية، وما دام العراق دولة شبه منقسمة على ذاتها، دون أن يُبتَدع مخرجٌ ما للشرذمة غير ما يعرف ببروتوكولات التّعايش والتّوافق والوحدة الوطنية و"الثلث المعطل"!