الحرية Archives - 180Post

George-Abdullah.jpg

ثمة خيط رفيع بين حرية جورج عبدالله ورحيل زياد الرحباني. الأول، لا يملك في أولى ساعات حريته إلَّا قاموس فلسطين وغزتها الجريحة. الثاني قرّر، أن يتوقف عن الكلام والعلاج والدواء منذ 18 شهراً، تاريخ "الطوفان". لماذا فعلت ذلك يا زياد؟ جوابُه المُضمر: فلسطين، بحسب رواية ثلة المقربين منه حتى أيامه وساعاته الأخيرة. في زمن الالتباسات، سأتحدث عن جورج عبدالله وربما تكون لنا عودة لاحقة إلى زياد الرحباني.

zreik.jpg

تتكدّس الأسئلة ومعها تتكدّس تداعيّات الهروب من الأجوبة. لم يبدأ ذلك مع كوارثنا الأخيرة حيث نسينا فنّ طرح الأسئلة ناهيك بالأسئلة الصحيحة، وبالتأكيد لا جواب خارج أفق السؤال الغائب أصلاً. لهذه القصة تاريخ؛ بعضه من عمر إحتكاك مشرقنا مع الغرب، وآخرها يعود إلى نكبة فلسطين، "النكبة المستمرّة" بلغة الياس خوري، وما لحقها من نكبات وهزائم حتى يومنا هذا. نكبة في لبنان ونكبة في سوريا ونكبة جديدة في ما تبقى من فلسطين.

dictatorships__eyad_shtaiwe.jpg

"أيها المقيم في هذا الربع الخالي" من المحيط إلى الخليج تستحق النسيان. أنت عبء على حياتك. اعتدت على الهزائم. أقمت هدنة بينك وبين وجودك. تتحمس لمذهبك. مذهبك هو رأسمالك الاجتماعي. فلا تسأل إذاً، لماذا عاقرنا الانحطاط المزدان بالنياشين.

DEMOCRACY_0.jpg

كأن الهزائم اختصاص. الانتصارات؟ ملأنا القرن أقوالاً وصراخاً وتهديداً. غريب! لم يُحاسب أحدٌ بعد. عُوقبت الشعوب العربية بالصمت. لم يتجرأ أحد على ابتكار الأسئلة. هذا ممنوع.. استطاعت قيادات الميادين أن تُعدِّل وجهة معاركها.. انتصرت على شعوبها. حوَّلت بلادها إلى سجون. عمّمت ثقافة الصمت، واستعانت بديموقراطية: "تبلّغوا وبلِّغوا". وقد تبلغنا على مدى عقود، كيف فازت القيادات العربية على شعوبها، بالصمت المبرم.

1111-2.jpg

الإنسان إلى حد كبير صدى التاريخ؛ يُولد في بيئة طبيعية واجتماعية، تختلف وتائر التطوّر في كل منهما. لكن كثير من سمات سلوكه هي انعكاس تلك البيئة في شخصه. أول ذلك، مثلاً، اللغة، الاسم والدين، إلخ..

dictator_syndrome__omar_al_abdallat.png

يُثير التعصبُ أسئلة كثيرة حول أسبابه وآليات اشتغاله، وكيف يعيق- مع عوامل أخرى- تشكل مجتمعات مستقرة، ويحول دون بناء علاقات وتفاعلات متوازنة داخلها، وفيما بينها؟ وأحياناً ما يمثل - مع عوامل أخرى أيضاً - مصدر تفخيخ وربما تفجير للمجتمعات المتعددة إثنياً ودينياً وقبلياً إلخ..

arabi.jpg

العروبةُ ليست هويتنا. العروبةُ هي وجودنا. كل فرد أو مجتمع متعدد الهويات، لكن وجودنا واحدٌ؛ وإن لم يتبلوّر في وحدة سياسية؛ وهي لا بدّ آتية. وما تُسمى الوحدة الشعبية، أو وحدة الشعوب، ليست مطلباً لأنها متحققةٌ فعلاً، كما ثبت في ثورة 2011 العربية، حين كان نبض القلب والضمير لكل عربي واحداً.

syrie-people.jpeg

استمرّت معاناة المجتمع السوري سنين طويلة. إنّ قدرته على التحمّل والصبر مُلفِتة للانتباه، مثله مثل مجتمعات بلاد الشام الأخرى في فلسطين ولبنان. لقد عانى السوريّون ضيق العيش وندرة سبل كسب الرزق لأسبابٍ تتعلّق بالعقوبات والتسلّط والصراع وأمراء الحرب على السواء. لكنّ ما زرع الأمل ودفع للصبر على المشقّات كانتا كلمتان كثيراً ما يتمّ تغييبهما عن المشهد. كلمتان جوهريّتان: المواطنة والحريّة.

c.jpg

يحارُ المرءُ في قدرة الأفراد والمجتمعات في الإقليم على "الحياة"، في ظل كل الدمار والموت، في صراعات لا بداية لها ولا نهاية، كما لو أن المنطقة مجبولة بالعنف والصراع، وكما لو أن الاستبداد والحرب والموت هو قدرها. أمر يعيد التذكير بمقولة باتت شبه مهجورة اليوم عن "الاستبداد الشرقي" أو بتعبير أقرب للأحوال اليوم "الموت الشرقي" أو "الموت في الشرق"، علماً أن النجاح في نقد وتفكيك تلك المقولة، ربما كان خطابياً وبلاغياً ونصياً في المقام الأول، ويبدو أن تجاوُزَها في واقع الإقليم ومعيوش الناس فيه ما يزال بعيداً!