الحرية Archives - 180Post

750-7.jpg

العلاقة بين القانون والأخلاق هي واحدةٌ من أكثر القضايا إثارةً للجدل في الفكر الإنساني. من ناحية، يُنظَر إلى القانون على أنه الحارس الأمين للقيم الأخلاقية. ومن ناحيةٍ أخرى، قد يتحوّل القانون إلى أداةٍ قمعيةٍ تفرض قيمًا معينةً وتكمّم الأفواه بحجة الحفاظ على الأخلاق. إنّ فهم هذه الحدود الفاصلة ليس مجرّد تمرينٍ أكاديميّ، بل ضرورةٌ حيويةٌ حتى يخدم القانون العدالة والحرية، لا أن يصبح غطاءً للاستبداد.

800-6.jpg

في التجربة اللبنانيّة، يتجلّى نمطٌ من الممارسة السياسيّة يمكن وصفه بالطفولة السياسيّة، حيث تتحوّل السياسة إلى تكرار محفوظاتٍ وخطاباتٍ جاهزةٍ بدل أن تكون مساحةً لإبداع مشاريع تأسيسيّة أو تسويات سياسية. كثير من الفاعلين يتعاملون مع الساحة السياسيّة كمسرحٍ للأدوار الرمزيّة: يكفي أن يشغل الفرد موقعاً على الخريطة السياسيّة، حتى لو كان هامشياً، ليحسّ بفاعليةٍ رمزيّةٍ. هذا الحضور يبقى ناقصاً لأنه لا يتضمّن القدرة على المبادرة أو صياغة رؤيةٍ مؤسّساتيّةٍ جديدةٍ.

780.jpg

الانغماس في المعرفة، كما تقول الحكمة القاسية، يؤهلك دائماً لسمعةٍ سيئةٍ وسط قطيعٍ يقدّس الجهل. خلف هذه الجملة خبرة اجتماعية ونفسية متراكمة: فكل مجتمع ينتج آليات دفاعية تحمي سرده المريح من الأسئلة المقلقة. حين تختار أن تبحث وتفكر وتشكّك، فإنك لا تكتفي بإزاحة الستار عن معلومة ناقصة؛ أنت تمسّ توازنات القوة والهيبة والرموز، وتحرّك ما يسميه علم الاجتماع "حدود المقبول". لذلك لا تُستقبل المعرفة بالتصفيق، بل تُستقبل أحياناً بالريبة والاتهام، لأن السؤال الصادق يحرج المؤمنين باليقين الكسول.

750-6.jpg

من يملك حق تشكيل الجسد ليس ككيان بيولوجي بل كنص ثقافي؟ هذا أحد أكثر الأسئلة إلحاحًا في الفلسفة وعلم الاجتماع المعاصر. فمنذ أن صاغ ميشيل فوكو مفهومه الثوريّ عن "الجسد كسطح لكتابة السلطة" في كتابه "المراقبة والمعاقبة" (1977)، انفتح الباب أمام تحليلات تكشف كيف تتنازع أربعة فواعل رئيسية: الدولة، الدين، السوق، والفرد، على حقّ تشكيل هذا الكيان الإنساني الأساسي.

George-Abdullah.jpg

ثمة خيط رفيع بين حرية جورج عبدالله ورحيل زياد الرحباني. الأول، لا يملك في أولى ساعات حريته إلَّا قاموس فلسطين وغزتها الجريحة. الثاني قرّر، أن يتوقف عن الكلام والعلاج والدواء منذ 18 شهراً، تاريخ "الطوفان". لماذا فعلت ذلك يا زياد؟ جوابُه المُضمر: فلسطين، بحسب رواية ثلة المقربين منه حتى أيامه وساعاته الأخيرة. في زمن الالتباسات، سأتحدث عن جورج عبدالله وربما تكون لنا عودة لاحقة إلى زياد الرحباني.

zreik.jpg

تتكدّس الأسئلة ومعها تتكدّس تداعيّات الهروب من الأجوبة. لم يبدأ ذلك مع كوارثنا الأخيرة حيث نسينا فنّ طرح الأسئلة ناهيك بالأسئلة الصحيحة، وبالتأكيد لا جواب خارج أفق السؤال الغائب أصلاً. لهذه القصة تاريخ؛ بعضه من عمر إحتكاك مشرقنا مع الغرب، وآخرها يعود إلى نكبة فلسطين، "النكبة المستمرّة" بلغة الياس خوري، وما لحقها من نكبات وهزائم حتى يومنا هذا. نكبة في لبنان ونكبة في سوريا ونكبة جديدة في ما تبقى من فلسطين.

dictatorships__eyad_shtaiwe.jpg

"أيها المقيم في هذا الربع الخالي" من المحيط إلى الخليج تستحق النسيان. أنت عبء على حياتك. اعتدت على الهزائم. أقمت هدنة بينك وبين وجودك. تتحمس لمذهبك. مذهبك هو رأسمالك الاجتماعي. فلا تسأل إذاً، لماذا عاقرنا الانحطاط المزدان بالنياشين.

DEMOCRACY_0.jpg

كأن الهزائم اختصاص. الانتصارات؟ ملأنا القرن أقوالاً وصراخاً وتهديداً. غريب! لم يُحاسب أحدٌ بعد. عُوقبت الشعوب العربية بالصمت. لم يتجرأ أحد على ابتكار الأسئلة. هذا ممنوع.. استطاعت قيادات الميادين أن تُعدِّل وجهة معاركها.. انتصرت على شعوبها. حوَّلت بلادها إلى سجون. عمّمت ثقافة الصمت، واستعانت بديموقراطية: "تبلّغوا وبلِّغوا". وقد تبلغنا على مدى عقود، كيف فازت القيادات العربية على شعوبها، بالصمت المبرم.

1111-2.jpg

الإنسان إلى حد كبير صدى التاريخ؛ يُولد في بيئة طبيعية واجتماعية، تختلف وتائر التطوّر في كل منهما. لكن كثير من سمات سلوكه هي انعكاس تلك البيئة في شخصه. أول ذلك، مثلاً، اللغة، الاسم والدين، إلخ..