"أيام حاسمة يمكن أن ترسم صورة المشهد الحكومي اللبناني بشكل واضح". عبارة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله تأتي غداة عودة رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري إلى بيروت.
"أيام حاسمة يمكن أن ترسم صورة المشهد الحكومي اللبناني بشكل واضح". عبارة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله تأتي غداة عودة رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري إلى بيروت.
كل اللبنانيين يجمعون على وجوب الكشف عن الحقيقة في جريمة تفجير مرفأ بيروت في الرابع من آب/ أغسطس 2020، لا بل يريدون لهذا الملف أن يصل إلى خواتيمه وأن يؤسس لمسار جديد عنوانه عدم الافلات من العقاب.
لم تكن المشادة القضائية التي نشهد فصولها المستمرة، السقطة الأولى للسلطة القضائية اللبنانية، فأزمة الدولة تعكس غفوات متتالية ومستمرة لم تفلح مناشدات المواطنين بإيقاظها. وقد كانت حيثيات إدارة ملف تفجير مرفأ بيروت إحدى المحطات "الساطعة" على هذا السقوط، وكان اللافت حينها تسليط الضوء على طائفة القاضي لضمان عدالة الملف.
"الفساد مثل زواج المصلحة. إذا أفسدنا المصلحة، يبطل الزواج. ويصبح الأحبّة أعداءً، يدمِّر بعضهم بعضاً". هكذا يمازح القاضي الإيطالي أنطونيو دي بييترو صحافيّاً كان يستفسره، عمّا يعنيه قوله "إنّ الفساد يدمّر الدولة من الداخل، لذلك يجب تدميره من داخله". ودي بييترو هذا، ليس قاضياً عاديّاً. إنّه أسطورة إيطاليا القضائيّة الحيّة.
علينا أن نختار، إما نكون بشراً، او نعاجاً. القضاء نعجة لبنان المثالية. يطيع ولا يُطاع. ليس امامه إلا الافلاس. المشاهد الاخيرة لمهزلة العدالة وخراب القضاء، كانت مهينة. دلَّت بوضوح فاجر. أن الطغمة الحاكمة من زمان، تصر على أن "الامر لي". لقد أجهز القضاء على نفسه علناً. انه لأمر معيب ولا يمكن له بعد الآن إخفاء عوراته.
لندخل في صلب الموضوع مباشرة. فلنتوقف عن تسمية الأشياء بغير أسمائها والقضايا بغير معانيها. لغتنا تكذب بشكل تلقائي. علينا أن نتجرأ بحرف حاسم وبصوت مرتفع وبتجرؤ حاد. كفى. فلنطرق لغتنا اللبنانية، ثم العربية، بمطرقة قاسية وطاحنة. كفى مرة أخرى.
فَتَح فتْحُ البازار في أروقة قصر العدل اللبناني، بعض خبايا الذاكرة عن تقنيّات إفساد القضاء في بلادنا. فإدّعاء القاضي فادي صوّان على بعض مسؤولي الصفّ الأوّل في جريمة تفجير مرفأ بيروت، قوبِل بتكشير هؤلاء عن أنياب الطبقة الحاكمة. اسمعوا ماذا قالت هذه الطبقة السياسة الساقطة، وهي تتشظّى على مرأى من الناس أثناء سقوطها: "يا شعب لبنان العظيم.. وراء كلّ دولةٍ فاسدة شعبٌ نائم".
يتعمق الشرخ أكثر فأكثر بين الناس و"الدولة"، ويتخذ أشكالاً جديدة ومستجدة بعد إنفجار مرفأ بيروت الاجرامي.
قبل كارثة مرفأ بيروت وبعدها، استشعر المواطن اللبناني، بمطلب بديهي جامع، هو أهمية السلطة القضائية في دولة القانون، لكن القضاء اللبناني نفسه لم يستشعر أن له دوراً في إنقاذ وطن يحتضر.