كيف يمكن لإسرائيل أن تقتل إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسى لحركة حماس فى غرفة نومه فى أحد المبانى شمال طهران بهذه السهولة؟
كيف يمكن لإسرائيل أن تقتل إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسى لحركة حماس فى غرفة نومه فى أحد المبانى شمال طهران بهذه السهولة؟
انقسمت المواقف العربية من الاعترافات الدولية المتتالية بالدولة الفلسطينية بين من يرى الاعتراف "نصراً لنهج المقاومة"، وبين من يراه "إنجازاً معنوياً لا يمكن أن يكتمل لأسباب تتعلق بالبنية التحتية للسيادة و/أو لغياب أيديولوجية تستطيع القيام بالدولة ضمن البنية العالمية الحاضرة ورغماً عنها".
انشغلت الاوساط السياسية المحلية والإقليمية والدولية خلال اليومين الماضيين بالتداعيات المرتقبة للمجزرة التي وقعت في بلدة مجدل شمس في مرتفعات الجولان السورية المحتلة وذهب ضحيتها نحو أربعين شهيداً وجريحاً مدنياً جراء صاروخ مجهول المصدر.
يقول المحرر العسكري في "هآرتس" عاموس هرئيل إن تبادل الضربات المقبل بين إسرائيل وحزب الله "سيُقرّر ما إذا كانت هناك انعطافة في الحرب ستتمركز على الجبهة الشمالية، أم المزيد من التصعيد الذي من الممكن احتواؤه من دون تغيير كبير في التوجه"، على حد تعبيره.
يقول المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس" عاموس هرئيل إن عدم التوصل إلى اتفاق مع "حماس" في الجنوب، "سيُعقّد الوضع في الشمال أكثر"، وتوقع أن تذهب إسرائيل بعد حادثة مجدل شمس "إلى تصعيد أكثر كثافةً للقتال، يستمر عدة أيام، من دون الانجرار إلى حرب شاملة بالضرورة. وهذه المخاطرة من الصعب التنبؤ بنتائجها"، على حد تعبيره. مقالة هرئيل بنصها الكامل كما ترجمته مؤسسة الدراسات الفلسطينية جاءت كالآتي.
أقحم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو نفسه في المشهد السياسي الأميركي المتقلب، منذ محاولة اغتيال المرشح الجمهوري دونالد ترامب، وانسحاب الرئيس جو بايدن من السباق لتحل محله نائبته كامالا هاريس في ترؤس اللائحة الديموقراطية إلى انتخابات تشرين الثاني/نوفمبر المقبل.
إنتهت زيارة رئيس الوزراء "الإسرائيلي" بنيامين نتنياهو إلى العاصمة الأمريكية بلزوم ما لا يلزم، بعدما وصل إليها في التوقيت الخاطىء. كيف؟
سنتوقف عند تطورين مهمين يتصلان بمجريات الحرب الإسرائيلية على غزة في شهرها العاشر؛ أولهما، زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى الولايات المتحدة. ثانيهما، المبادرة الصينية لتحقيق المصالحة بين الفصائل الفلسطينية.
تُردّد وسائل الإعلام المختلفة، التي تُؤيد وتُحابي إسرائيل أو المقاومة، أن جولة مفاوضات وقف الحرب أو إطلاق النار في غزّة (وحدة الساحات وجبهات الإسناد المختلفة)، التي بدأت في شهر تموز/يوليو الجاري تتسم بروح من الإيجابية لأن حماس تنازلت عن مبدأ وقف الحرب؛ فإذا كان الحديث صحيحاً: يا لها من كارثة!
يصلني من أصدقاء ومراقبين في عواصم غربية وشرق أوسطية ما يشي بأن هدوءاً غريباً في ملامحه يُخيّم على أجواء تبدو للعين الفاحصة والمدقّقة قلقة ومضطربة. عندي من وجهة نظري المتواضعة ما يُعزّز مضمون هذه الرسائل ويربط بينها وبين تغيرات وتطورات تتابع وقوعها في الأسابيع الأخيرة.
قرأت وثيقة طويلة صادرة قبل أيام عن السلطة الفلسطينية في رام الله، وسمعت بعد قراءتها مسئولاً كبيراً يُكرّر ويُؤكد على ما جاء فيها ويُعمّق مراميها ويستفيض في شرح معانيها ويُبرّر صدورها. مسئولون آخرون من مستويات نفوذ وسلطة أقل وأشباه مثقفين كانوا قد دأبوا خلال عشرة شهور من الحرب الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية على التلميح قبل التصريح بأهم النقاط التي استندت إليها الوثيقة عندما صدرت.
أقتبس من الوثيقة “… ورغم إدراكنا أن دولة الاحتلال لا تحتاج إلى مبررات وذرائع لتنفيذ جرائمها بحق شعبنا، إلا أنها في الوقت نفسه تستفيد من أية ذريعة تجدها لتبرير ما ترتكبه من جرائم حرب وجرائم إبادة جماعية بحجة أنها تدافع عن نفسها، ما يجعل أية جهة تقدم الذرائع لها شريكاً في تحمل المسئولية عما يلحق بشعبنا من مآسٍ ونكبات على يد قوات الاحتلال.
… وتعتبر الرئاسة حركة حماس… شريكاً في تحمل المسئولية القانونية والأخلاقية والسياسية عن استمرار حرب الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة بكل ما تتسبب به من معاناة ودمار وقتل لشعبنا..” انتهى الاقتباس.
***
أول ما خطر على ذهني كانت المقارنة مع الموقف الروسي على امتداد الحرب العالمية الثانية من الغزو الألماني للوطن الروسي، واستمرار تمجيد هذا الموقف إلى يومنا هذا حتى صار جزءاً خالداً من التراث القومي لروسيا. فقدت روسيا خلال صمودها ومقاومتها 26.6 مليون مواطن بين مدنيين وعسكريين.
خطر أيضاً على بالي أن مصر فقدت في حرب أكتوبر 1973 ضد العدو الإسرائيلي 10 آلاف مواطن بين مدنيين وعسكريين. أعرف أن مصر كانت وما تزال فخورة بما قدّمت من ضحايا في سبيل استعادة جزء من وطنها الغالي من براثن عدو شرس ومتواطئ مع الولايات المتحدة التي أسرعت فأقامت جسراً جوياً وأنقذت شريكها الإسرائيلي من نصر مصري كان ممكناً.
الشيء بالشيء يذكر. فالتاريخ يُقدّر عدد الفيتناميين الذين قتلوا وهم يقاومون القوات الأمريكية بحوالي ثلاثة ملايين وثمانمائة ألف شخص. انتهت الحرب بتحرير فيتنام وتوحيدها بفضل تضحيات قوات الفيتكونج وانتصاراتها على العدو الأمريكي وبفضل صمود الشعب الفيتنامي. مرّت الأيام لنرى أمريكا وهي تسعى اليوم لإقناع فيتنام بخطورة التهديد القادم ناحيتها من جانب الصين، أملاً في ضمها لحلف تقوده أمريكا جاري تشكيله من دول إندوباسيفيكية.
أتوقع مزيداً من الميل الروسي والصيني إلى ناحية الحق الفلسطيني بما يعني إعادة إدماج المسألة الفلسطينية في أتون الصراع بين أقطاب العالم. هذا الميل كفيل وحده بإعادة الشرق الأوسط إلى مكانه في قلب منظومة الأمن والسلم الدوليين. أتوقع زيادة في معدلات تسلح دول المنطقة وزيادة في عدد النزاعات والخلافات بين الدول العربية وفي حدتها، وبالتالي أتوقع، وأتمنى ألا يحدث، زيادة في مستويات العنف والتوترات الداخلية في دول المنطقة
وغير بعيد عن الذاكرة العربية رقم المليون شهيد جزائري الذين بشهادتهم وتحت قيادة قادة عظام دخلوا التاريخ من بوابة المقاومة المسلحة التي حقّقت للجزائر الاستقلال في حرب شنّتها ضد الإمبراطورية الفرنسية وانتصرت فيها عسكرياً وسياسياً.
ما زلت أجد صعوبة في الاقتناع بأن شعباً واقعاً تحت الاحتلال استطاع أن ينتزع الاستقلال من محتل شرس وعنيد بدون مقاومة وطنية مسلحة تشن ضد قوات هذا الاحتلال ومستوطنيه أو على الأقل التهديد بها إلى حد يجعل الاحتلال والاستيطان عملية مكلفة للعدو بشرياً ومادياً.
***
لم أقابل مسئولاً عربياً أثق في أمانة لسانه ودقة أحكامه إلا وقال إن ما تعانيه حكوماتنا العربية إنما ناتج، بين أشياء أخرى، عن لؤم أجنبي يُخطّط لوقيعة بعد أخرى، مرات بين الدول الشقيقة ومرات داخل كل منها. قال أيضاً إن ما تشهده الساحة الفلسطينية ليس أكثر من نموذج لهذا اللؤم أكثره وارد من خارج فلسطين وبعضه من صنع داخل معروف لا يقل لؤماً وبالتأكيد سيء النية وفاسد وعاجز إلا في خدمة دولة الاحتلال وحالة الأمر الواقع.
بناءً على ذلك، أتوقع في الأيام القادمة، وأرجو أن أكون مخطئاً، تدهوراً أشد في العلاقات العربية – العربية، وتـدهوراً في أداء العمل العربي المشترك في مجالات الأمن الإقليمي والتكامل الاقتصادي وتدهوراً في أحوال الاستقرار السياسي في بعض دول المنطقة.
***
بعد صدور بيان السلطة الفلسطينية بأيام قليلة، صدر عن منظمة “هيومان رايتس واتش” المعنية بحقوق الإنسان تقرير أثار غضباً أكبر من الغضب الذي أثاره بيان السلطة الفلسطينية. يتحدث التقرير بغير مناسبة عن أحداث 7 أكتوبر فيما يسمى بغلاف غزة. أراد التقرير تذكيرنا بحملة حماس العسكرية وضحاياها، مُركّزاً على اتهامات بقتل أطفال واغتصاب نساء وغيرها من اتهامات نشرت في وقتها وردّدها بشكل صبياني الرئيس جو بايدن ومساعدوه وأكثرهم ورئيسهم من الصهاينة حسب زعمهم. أغفل التقرير عن عمد ذكر مناسبة إصدارها فسنوية هذه الحملة باقٍ عليها ما يزيد على شهرين، أغفل أيضاً حقيقة هامة وهي اعتراف الرئيس الأمريكي في مرحلة لاحقة بأن بعض الاتهامات التي وردت في التقرير كانت زائفة. لاحظنا، وللأسف الشديد، أن المسئولين عن إصدار هذا التقرير أغفلوا بين ما أغفلوا، عن عمد مؤكد، الإشارة إلى الأعمال، التي ارتكبتها إسرائيل في الضفة الغربية وتجاوزاتها بصفتها دولة احتلال وتغافلها عن أعمال المستوطنين، وكلها وغيرها كثير مهّد للحملة التي قادتها حماس في غلاف غزة.
***
واضح تماماً لنا على الأقل أن هناك من قرّر الإسراع بإطلاق حملة إعلامية وسياسية للتخفيف من الآثار الضارة التي تسببت فيها الحملة الإسرائيلية ضد قطاع غزة ليس فقط على سمعة إسرائيل بل سمعة الصهيونية وأهم منها سمعة اليهود. (لذلك، وإلى جانب ما صدر أو أعلن أو تسرب حتى الآن، كنت واحداً ممن توقعوا أنشطة واختراقات وضغوطاً وأعمالاً تنفّذها الكيانات الصهيونية العالمية بنفسها أو توكلها إلى كيانات إقليمية ومحلية متواطئة معها أو مستفيدة منها أو كيانات تخشى غضبها وتحسب حساباً لقدرتها على الردع والضغط).
***
توقعت، وما زلت أتوقع، تكثيفاً للحملة الإعلامية والسياسية في بعض دول الغرب ضد جنوب أفريقيا ودول أيّدتها ودعمتها وحملات أشد ضد الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية وإجراءات تتخذها المحكمة الجنائية الدولية ضد إسرائيل بسبب ما ارتكبت وتسببت من أعمال إبادة وتهجير.
توقعت أيضاً، وما زلت أتوقع، حملات مدبرة ومدروسة تشنها أجهزة إعلامية دولية ضد الأمم المتحدة، المنظمة الدولية التي استمرت تساعد الشعب الفلسطيني بالمؤن والأدوية فكانت عائقاً ضد سرعة تحقق هدف تهجير الفلسطينيين من فلسطين إلى شتات جديد. يؤخذ عليها أيضا أن بيروقراطيتها استمرت تستعمل عنوان فلسطين العضو المراقب واستمرت تصدر قرارات بأغلبية كبيرة تدين إسرائيل. أتوقع الآن زيادة كبيرة في أعمال الحرب الصهيونية ضد الأمم المتحدة ووكالاتها ومؤسساتها وضد العاملين فيها كما فعلت مع موظفي وكالة “الأونروا” والإغاثة الصحية في غزة والضفة الغربية.
***
توقعت توقعاً جانبه الصواب. توقعت أن يتفاقم الحرج داخل الدول المطبعة مع إسرائيل عن اقتناع والمطبعة تحت ضغوط بعضها تعذر مقاومته، توقعت أن تتمرد دولة أو أكثر استشعرت حكومتها خطراً أو آخر نتيجة تعمد إسرائيل إحراجها أمام شعوبها وأمام حكومات عالم الجنوب وبعض شعوب وحكومات الغرب.
***
خرج علينا نتنياهو بقرار في الكنيست لم يعترض عليه نائب واحد. جاء في نص القرار رفض المجلس لفكرة الدولة الفلسطينية المستقلة ضمن مبادرة ما عرف بحل الدولتين. ليته نفذ تهديده ووعيده قبل سنوات، لو فعل لوّفر علينا وعلى العالم متاعب قاسية ومذابح وحرائق ودماراً هائلاً.
أنا ومعظم أبناء جيلي، كنا على امتداد سبعين عاماً وأكثر، نعرف أن هذه هي نية الصهيونية. نيتها إقامة إسرائيل الكبرى كما ظهرت في خريطة حملها نتنياهو أثناء خطابه الأخير في الجمعية العامة. سايرتنا بعض أجهزة الدولة الإسرائيلية ولها أسبابها، ولكن عندما وقع رئيس الحكومة الإسرائيلية على اتفاق أوسلو قتلته عناصر في الدولة العميقة. أتوقع مواجهات بين دول في الغرب وربما في رئاسة مفوضية الاتحاد الأوروبي وبين اليمين الإسرائيلي الجديد حول هذا البند في الصراع العربي الإسرائيلي.. ولا أشك للحظة بأنه ما يزال في جعبة الجانب الصهيوني في هذه المواجهة أساليب أكثرها لن يراعي تقاليد أو حدود.
***
أتوقع مزيداً من الميل الروسي والصيني إلى ناحية الحق الفلسطيني بما يعني إعادة إدماج المسألة الفلسطينية في أتون الصراع بين أقطاب العالم. هذا الميل كفيل وحده بإعادة الشرق الأوسط إلى مكانه في قلب منظومة الأمن والسلم الدوليين. أتوقع زيادة في معدلات تسلح دول المنطقة وزيادة في عدد النزاعات والخلافات بين الدول العربية وفي حدتها، وبالتالي أتوقع، وأتمنى ألا يحدث، زيادة في مستويات العنف والتوترات الداخلية في دول المنطقة.
***
نرى، وأتابع شخصياً، الدور الذي تقوم به منظمات ومؤسسات وقيادات الحركة الصهيونية لاستعادة الهيمنة التي كانت تمارسها على مختلف أنشطة العمل الأكاديمي والإعلامي في دول الغرب ودول أخرى، وهي الهيمنة التي أصيبت بضرر بالغ نتيجة ردود الفعل لحملة الإبادة في الجامعات ومراكز البحوث والمواقع الإعلامية ومختلف حصون الصهيونية في دوائر الفنون وغيرها. نراهم يتصرفون بكثير من المبالغة في تضخيم الضرر الذي أصاب هذه الهيمنة وبالتالي المبالغة في تعظيم وتنويع الإجراءات المضادة. أتوقع حرباً لا هوادة فيها. بوادرها غير خافية كما تكشف عنه الأوضاع السياسية والإعلامية في ألمانيا تحديداً، باعتبارها المسرح الذي تجري فيه الصهيونية أهم تجاربها في الهيمنة والتوعية والسيطرة والابتزاز.
***
هناك في بريطانيا، الدولة العجوز في كل شيء حتى في علاقتها بالصهيونية، ربيبتها، غير خاف ما يدور في داخل حزبيها الرئيسين من حرب ضروس وعمليات تطهير واسعة. غير خاف أيضاً ما يدور داخل الجماعات التشريعية والأكاديمية والحزبية والإعلامية في الولايات المتحدة الأمريكية والحديث عنها يطول.
***
أخشى أن نكون على حافة عنف إقليمي، وربما امتدت إحدى شراراته خارج حدود الإقليم فيصير عنفاً دولياً. لا أستهين بالضربة التي تلقتها الصهيونية سواء على مستوى غزة أو على مستوى ساحات الغرب وأفريقيا والعالم على اتساعه. ولكنها ليست الضربة القاصمة فقدرتها على مواصلة التهديد والابتزاز والوقيعة وشراء نواب وشيوخ وسياسيين وعملاء والتجارة في البشر والسلاح والمخدرات وغسيل الأموال ما تزال قدرة مؤثرة وفاعلة.