برغم أن الأردن ينضوي في حِلْفٍ معادٍ للحلف الذي كانت تنضوي فيه سوريا بشّار الأسد، لكن الكثير من القواسم الجيوسياسية تجعل مصالح البلدين الأمنية واحدة، قولًا واحدًا.
برغم أن الأردن ينضوي في حِلْفٍ معادٍ للحلف الذي كانت تنضوي فيه سوريا بشّار الأسد، لكن الكثير من القواسم الجيوسياسية تجعل مصالح البلدين الأمنية واحدة، قولًا واحدًا.
لا أعلم إن كان هناك من كان قادراً على التنبؤ بانهيار نظام بشار الأسد بهذه السرعة. فلو أن أحداً خاطبني قائلاً بأن المعارضة المسلحة ستصل إلى دمشق يوم 8 كانون الأول/ديسمبر 2024، وبأن الأسد سيكون قد غادرها، لضحكت بغرور الباحث، وقلت: كم قتلتنا وتقتلنا الرغبوية!
في أعقاب الإطباق المذهل والسريع على السلطة في سوريا على يد تحالف من الإسلاميين بقيادة "جبهة تحرير الشام" والإعلان عن تعيين رئيس حكومة انتقالية، كثُرت أسئلة المحللين والخبراء والصحافيين، لكن بدل الانشغال في تفاصيل هذا الحدث، ربما يجدر بنا التوقف عند الدلالات العميقة لهذا التحول على مختلف الأصعدة. كما ينبغي التحلي بالجرأة لمحاولة استشراف ما قد يحمله المستقبل لسوريا والمنطقة.
بعد 54 عاماً من إمساكه بالسلطة، سقط حكم حزب البعث في سوريا، في غضون عشرة أيام، ومن دون أية مقاومة، وذلك تتويجاً لمسار دشّنته المجموعات السورية المسلحة فور دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في لبنان فجر 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
يصعب الفصل في لبنان بين الشؤون الأمنية والسياسية، لا سيّما في الحروب الداخلية والخارجية. وعليه، لا يمكن فصل كل ما رافق مرحلة التفاوض لإبرام اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان عن الواقع السياسي اللبناني كما عن محاولات إسرائيل المتكررة منذ خمسينيات القرن الماضي إلى يومنا هذا في فرض أمر واقع سياسي جديد يؤدي بالتالي إلى فرض اتفاقية سلام مع لبنان.
في أيار/مايو من العام الجاري، تسرّبت وثائق من مكتب بنيامين نتنياهو تكشف النقاب عن تصوّر هذا الأخير لمستقبل غزة: "خطة غزة 2035.. من الأزمة إلى الإزدهار". بعد حوالي ثلاثة أشهر، أي في آب/أغسطس، صادق نتنياهو على مضمون ما تمّ تسريبه في مقابلة أجرتها معه مجلة "التايم" الأميركية.
تسعى إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن في أسابيعها الستة الأخيرة لتحقيق إنجاز سياسي ملموس، يتمثل بالتوصل إلى هدنة مؤقتة في قطاع غزة، لكن هذه المساعي تواجه تعقيدات ميدانية وسياسية عديدة.
علينا، بالطّبع، أن نُقارب القضيّة بموضوعيّة صارمة في هذا التّوقيت. فالمعنيّ، في نهاية المطاف، هو شعبنا ومستقبل شعبنا، كما ومستقبل هذا البلد.. بل ومستقبل هذه المنطقة برمّتها، وفي قلبِها قضيّتها المركزيّة بامتياز، ذاتيّاً وموضوعيّاً: أي قضيّة فلسطين وكلّ ما يتعلّق بهذه القضيّة الكُبرى.
ما أن انتهت الحرب مع إسرائيل، حتى سارع اللبنانيون إلى إخضاع نتائجها لقاموس انقسامهم العامودي التقليدي الحاد: انتصار أم هزيمة؟ هو السؤال الذي يُطرح عليكَ أينما حللت. لكن هل يُمكننا أن نهدأ قليلاً، أقله حتى ننتهي من لملمة جراحنا ودفن شهدائنا.. وبعدها ليكن لكلٍ منا رأيه، سواء أكان حريصاً على إبن بلده أو حاقداً عليه بما يتجاوز بأشواط حقد العدو وكراهيته لنا.
يتنابذ إعلاميون/ ناشطون/ أحزاب، وأكاد أقول كل الناس بوصف ما حدث لطرفي الصراع (حزب الله وإسرائيل) بعد وقف اطلاق النار: إنتصار أم هزيمة، الأمر الذي يُستعاد معه الإطلاق السائد في أحكامنا، فما معنى الإنتصار أو الهزيمة؛ الربح أو الخسارة في السياسة واستتباعاً في الحرب، سواء أكانت امتداداً لها حسب كلاوزفيتز أو العكس، حسب فوكو؟