
كلمات؟ ما نفع الكلمات؟ هذا زمن الدماء. هذا عصر تتنافس فيه الجثث على درب المقابر. هذا زمنٌ تُقتل فيه فلسطين ولا تموت. فلسطين ممنوعة، ولكنها مُصرّة على ولادتها في صخب القتل.
كلمات؟ ما نفع الكلمات؟ هذا زمن الدماء. هذا عصر تتنافس فيه الجثث على درب المقابر. هذا زمنٌ تُقتل فيه فلسطين ولا تموت. فلسطين ممنوعة، ولكنها مُصرّة على ولادتها في صخب القتل.
هي الحرب، نعم كرّروها وما زالوا حتى آخر مقالة لهم وهناك سيل منها. وهي أيضا نتيجة لـ«الحيوانات البشرية» القاطنة غزة كما سماها وزير الحرب الصهيوني يوآف جالانت، هي أصلا كيان لا يعرف سوى الحرب والموت والدمار والدماء.. كثير منها والأشلاء الندية لأطفال غزة وفلسطين.
ما حدث يوم 7 تشرين الأول/أكتوبر يُشكل حدثاً تاريخياً بكل ما للكلمة من معنى، ويقتضي الواجب أن نقرأ "طوفان الأقصى" بعين المتخصص بعلم العلاقات الدولية وبمستوى بلاغة حدث لا يقل قيمة عن أي حدث تاريخي غيّر مجرى العالم.
اهتزت صورة إسرائيل التى لا تقهر، وتحديدا سمعة الأجهزة الاستخباراتية والعسكرية والأمنية منذ نجاح "حماس" فى تحقيق عملية الاختراق العسكرية التى قامت بها في السابع من تشرين الأول/أكتوبر بعنوان "طوفان الأقصى".
لا بد من الوقوف على طريقة الغضب الأميركية والغربية حيال يوم 7 تشرين الأول/أكتوبر ومدى تشابهها مع الحملة التي خِيضت ضد روسيا مع بدء الأزمة الأوكرانية، ذلك أن الحدثين، وإن تباعدت المسافة بينهما، جغرافيًا وزمنيًا، لكنهما على رقعة الشطرنج ذاتها: مبارزة بين أحادية قطبية يأفل نجمها وتعددية قطبية تتبلور تدريجياً.
هذا السؤال يطرح نفسه على اللاعبين الكبار الدوليين المنخرطين بالحرب الأوكرانية. بقوة تداعيات ورسائل حرب غزة يتبدى فى هذه اللحظة تغيير جوهرى على سلم الأولويات وحسابات المصالح والاستراتيجيات الدولية المتصادمة.
رفعت إسرائيل سقف عمليتها العسكرية في قطاع غزة بمجرد أن حدّدت هدفاً رئيسياً هو تصفية حركة "حماس" وباقي مجموعات المقاومة الفلسطينية، ما يعني أن خروج مقاوم واحد من المعركة على قيد الحياة يعني أن الخطة الإسرائيلية باءت بالفشل، فكيف إذا كان الميدان حافلاً بالمفاجآت؟
بعد عملية "طوفان الأقصى"، في 7 تشرين الأول/أكتوبر، توقع العديد من المراقبين أن يبقى الصراع محدوداً بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية المسلحة في غزة. لكن بعد مجزرة مستشفى المعمداني، كثيرٌ من "حواجز" إحتواء نشوب حرب إقليمية اهتزت. حتى الآن الجميع يلتزم الحذر، لكن لا شيء يمنع الإنزلاق، فالتطورات الميدانية مائعة، والحسابات الاستراتيجية لدى إسرائيل أو إيران، أو كليهما، قد تدفعهما للاعتقاد بأن "المواجهة المباشرة" أقل خطراً على "وجودهما" من الوضع الراهن، بحسب "فورين أفيرز"(*).
في العام 1967، تمكنت إسرائيل في حرب الخامس من حزيران/يونيو من تغيير الشرق الأوسط في ستة أيام. هل هذه الإمكانية متوافرة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي قال إن الهدف من الحرب التي يخوضها حالياً في غزة هو "تغيير الشرق الأوسط"؟
لم تمضِ أيام قليلة على "طوفان الأقصى"، حتى كان وزيرا خارجية أمريكا أنتوني بلينكن وإيران حسين أمير عبدالليهان، أول الوافدين إلى الشرق الأوسط، ولو أن لكل منهما برنامجه وصديقه وحليفه.. وأيضاً حساباته الدقيقة؛ إلا أن السؤال المطروح هو كيف ستتصرف كل من واشنطن وطهران دعماً لحليف كل منهما في عقر داره؟