يتجاوز الحضور الفرنسي، غداة الرابع من آب/أغسطس 2020، حدود كارثة تدمير مرفأ بيروت وأحياء عديدة في العاصمة اللبنانية. ما هي أبعاد هذا الحضور؟
يتجاوز الحضور الفرنسي، غداة الرابع من آب/أغسطس 2020، حدود كارثة تدمير مرفأ بيروت وأحياء عديدة في العاصمة اللبنانية. ما هي أبعاد هذا الحضور؟
منذ العام 2013، لا يمكن عزل وتيرة العمليات الإرهابية في سيناء عن تطورات المشهد الليبي والعكس صحيح.
تشي تطورات المشهد الليبي خلال الأسبوعين الماضيين بتدحرج كرة النار إلى حدود اختبار ثبات وجدية الخطوط الحمراء لمعظم الأطراف المشتبكة، حتى وإن أوحى الإعلام الرسمي والشعبوي لأي من هذه الأطراف الإقليمية والدولية بأن هناك صداماً مباشراً على وشك الحدوث على الأراضي الليبية، وبخاصة بين القاهرة وأنقرة، اللتين تلتزمان حتى كتابة هذه السطور بالتحرك ضمن مدى لا يستبعد الخيارات العسكرية ولكن من دون الانجرار إلى صدام مباشر قد تنتج عنه حرب مفتوحة في توقيت ينشغل فيه ساكن البيت الأبيض الحالي بالانتخابات الوشيكة، في مقابل تضارب المواقف الأوروبية وعدم قدرة موسكو على إدارة مسار سياسي طويل المدى يضمن تحقيق مصالحها المتداخلة مع كل من البلدين.
طبول الحرب الليبية تقرع في القاهرة وانقرة... هذا ما تشي به الوقائع الميدانية والمواقف النارية العابرة لحدود ثنائية طبرق - طرابلس، والتي تبدت خلال اليومين الماضيين في لهجة تصعيدية تركية اشترطت انسحاب قوات المشير خليفة حفتر من سرت والجفرة - الجبهتان اللتان تعتبرهما مصر خطاً أحمر - وقابلها ما يمكن اعتباره طلباً رسمياً وجهه نواب الشرق الليبي إلى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للمساعدة في محاربة "الاحتلال التركي".
هل يمكن النظر إلى ما يجري اليوم في ليبيا باعتباره صراعاً بين "علمانيين" بزعامة المشير خليفة حفتر، وبين "إخوانيين" بقيادة فايز السراج؟ الأول، وراءه مصر والإمارات والسعودية وفرنسا. والثاني، وراءه تركيا وقطر، وتؤيده الأمم المتحدة، وإلى حد ما "اتحاد المغرب العربي" (ليبيا عضوٌ مؤسسٌ فيه).
صحيح أن الوضع العسكري الحالي على خط سرت - الجفرة هو الذي سيساعد على تحديد مسار التطورات السياسية في الملف الليبي، لكن الصحيح أيضا أن البعد الاقليمي هو الذي سيرسم خارطة التفاهمات الليبية الليبية قبل الحديث عن القدرات العسكرية وفرصها في حسم الامور على الجبهات.
قبل نشأتها في نهاية الأربعينيات، كان العالم العربي مساحة واسعة لإسرائيل، أطلقت فيها عملاءها وجواسيسها يرتعون ويجوبون أرجاءه لأهداف ترسيخ كيانهم الوليد. ليس هناك بلد عربي واحد لم يسجل فيه الموساد خطواته وبصماته، من المحيط إلى الخليج. غالبا ما كان يتم استقطاب أكثر من حاكم وضمان تجاوبه، أو تجنيد عدد من الأفراد النافذين في بلدانهم للعمل مع "الموساد". وتظل حقائق هذا الاختراق في الكتمان ولا يتم تسريب أسرارها إلا بمقدار ما ترغب فيه إدارة الكيان الصهيوني وفق ما يخدم برامجها ومقاصدها على المديين القريب والبعيد.
ليس من قبيل المبالغة القول أن الأوقات التي تمر بها مصر حالياً هي الأصعب منذ أربعة عقود، ليس بسبب الوتيرة المتسارعة للمتغيرات التي تمر بها المنطقة والعالم وتفاقم أثارها بتداعيات وباء كورونا فحسب، ولا بسبب تعقد الأزمات التي تهدد الأمن القومي المصري جنوباً في أثيوبيا وشرقاً في ليبيا، علاوة على نزاع الحدود البحرية والاقتصادية المتعلق بغاز المتوسط، وإنما بسبب غياب البوصلة الأميركية لتحركات القاهرة الخارجية، وانتفاء دورها الوظيفي في خريطة السياسة الأميركية، وهو الدور الذي كان يمكن من خلاله إيجاد أرضية مشتركة للحيلولة دون الإضرار بالمصالح المصرية، التي دوماً ما كانت تُحدد منذ أواخر سبعينيات القرن الماضي ضمن فلك سياسات الولايات المتحدة ومصالحها.
ما ان اعلن الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في مطلع العام الحالي، امام قمة برلين الاخيرة المخصصة لبحث الازمة الليبية، أن تركيا تنقل السلاح والعتاد والمقاتلين بشكل مباشر الى حكومة الوفاق، وتحاول استغلال حلف الاطلسي لتحقيق مآربها، حتى انتقلت المواجهة التركية - الفرنسية في ليبيا وشمال افريقيا من مرحلة تصعيد وتوتر الى مرحلة الاصطفافات الاوسع واحتدام المواجهة.
تحولت مدينة سرت الليبية إلى محور لصراع يتجاوز الأرض الليبية، ومن شأنه أن يعيد خلط أوراق اللعبة الجيوسياسية الأوسع نطاقاً على خطوط متقاطعة ممتدة من موسكو وأنقرة إلى القاهرة وابو ظبي.