إعادة طلاء الحائط عند جسر شارل حلو قبالة مرفأ بيروت، ومحو عبارة "دولتي فعلت هذا"، هو فعل جهل مقصود برتبة جريمة يضاف الى الجرائم المتراكمة للمنظومة الحاكمة.
إعادة طلاء الحائط عند جسر شارل حلو قبالة مرفأ بيروت، ومحو عبارة "دولتي فعلت هذا"، هو فعل جهل مقصود برتبة جريمة يضاف الى الجرائم المتراكمة للمنظومة الحاكمة.
عن المرفأ مجدّدًا، المكان الذي يسكننا منذ 4 آب/ أغسطس 2020، فكما كلّ لبنان طرح على نفسه سيلًا من الأسئلة، بدأت مع كيف لعاقل أن يعلم بوجود 2750 طنًا من متفجرات الأمونيوم بجانبه ولا يُصرّح أو يصرخ؟ هل من مزيد؟ ببساطة نعم، كلّ يوم نفاجأ بالمزيد من المفاجآت.
عندما نقترب من نهاية كل سنة، تتزاحم التواريخ أمامنا. نبدأ بعرض الأحداث فتنبري أمامنا محطات إعتدنا دوما على إضفاء طابع تاريخي عليها. لعل العلامة الفارقة في العام 2020 لبنانياً إنفجار مرفأ بيروت في الرابع من آب/أغسطس 2020. تاريخ تدمير عاصمة لبنان بالإهمال والفساد.. وربما يكون الأمر أفدح من ذلك بكثير.
فَتَح فتْحُ البازار في أروقة قصر العدل اللبناني، بعض خبايا الذاكرة عن تقنيّات إفساد القضاء في بلادنا. فإدّعاء القاضي فادي صوّان على بعض مسؤولي الصفّ الأوّل في جريمة تفجير مرفأ بيروت، قوبِل بتكشير هؤلاء عن أنياب الطبقة الحاكمة. اسمعوا ماذا قالت هذه الطبقة السياسة الساقطة، وهي تتشظّى على مرأى من الناس أثناء سقوطها: "يا شعب لبنان العظيم.. وراء كلّ دولةٍ فاسدة شعبٌ نائم".
في عز "الزمن السوري" لبنانياً، وحتى يومنا هذا، لم يخطر لا ببال القيادة السورية ولا باقي من حاولوا وراثتها "التبرع" بصياغة بيان وزاري لأي من الحكومات اللبنانية المتعاقبة، أقله طوال ربع قرن من الزمن.
ما جرى في مرفأ بيروت سواء في الرابع من آب/أغسطس أو العاشر من أيلول/سبتمبر 2020، سيُدرّسُ حتماً في كتب التاريخ والمدنيات، بعنوان: الفضيحة.
في الرابع من آب/أغسطس 2020، الساعة السادسة وعشر دقائق تقريباً بتوقيت بيروت، هزّ إنفجار ضخم وغير مسبوق مرفأ المدينة، مُدمراً جزءاً لا يُستهان به من أحياء المدينة المجاورة بالإضافة إلى الأبنية والعنابر فيه، فما هي قصة الإنفجار من وجهة نظر علمية؟
كلما تم التوغل في قضية الباخرة "روزوس" التي كانت محملة بـ 2755 طناً من نيترات الأمونيوم، كلّما ازدادت الشكوك وصارت "فرضيّة المؤامرة" هي الأكثر ترجيحاً.
منذ اللحظة الأولى للانفجار، تحوّل مرفأ بيروت إلى نقطة جذب لقوى اقليمية ودولية يسعى بعضها إلى استعادة نفوذ سياسي في لبنان.
أسباب كثيرة، سياسية وإنسانية، تشرح إهتمام فرنسا بملف كارثة مرفأ بيروت في 4 آب/أغسطس الماضي. أحدها يرتبط بملف إعادة إعمار المرفأ وإستثماره لاحقاً، خصوصاً أن وضعيّة المرفأ الراهنة ونوعيّة الأضرار التي لحقت به تشي بأنه سيكون عبارة عن مشروع إستثماري مغرٍ بالنسبة إلى أي شركة إستثمار أجنبيّة، بينما يملك الفرنسيون بالذات ما يكفي من إهتمام بموقع المرفأ الحيوي ودوره على الشاطىء الشرقي للبحر المتوسّط.