ما بعد خروج حزب الله من “حرب الإسناد”.. الوقتُ سلاحاً لك وعليك (6/6)

منذ اندلاع "حرب الإسناد" اللبنانية في 8 تشرين الأول/أكتوبر 2023، دخل لبنان مرحلة من التوتر العسكري والسياسي غير المسبوق، حيث واجه حزب الله تحديات عسكرية وأمنية من بوابة الحدود الجنوبية وضغوطًا سياسية متصاعدة في الداخل ومن الخارج. أدّت مآلات هذه الحرب إلى التأثير على مكانة الحزب الإقليمية. اليوم، يقف حزب الله أمام مفترق طرق حاسم بين مقاومة الانتهاكات الإسرائيلية وحماية موقعه السياسي أو الخضوع لتسويات داخل الدولة اللبنانية. يقدّم هذا التحليل قراءة مفصّلة لتطورات ما بعد حرب الإسناد، وحجم التحديات التي تواجه الحزب والطائفة الشيعية على حدّ سواء.

في 19 حزيران/يونيو 2024، وجّه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله إنذارًا لجمهورية قبرص (اليونانية) العضو في الاتحاد الأوروبي، حمّلها مسؤولية أي عمل تقوم به إسرائيل ضد حزب الله انطلاقًا من الأراضي القبرصية. في اليوم التالي، ردّ الرئيس القبرصي بطريقة شديدة التهذيب: “قبرص كانت وستبقى مركزًا للعمليات الإنسانية فقط. قبرص ليست جزءًا من الحرب، إنها جزء من الحل”.
سينتظر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مضي أسبوعين على اغتيال الشهيد السيد نصرالله حتى يدعو إلى قمة للدول الأوروبية الجنوب-متوسطية في جزيرة قبرص (11 تشرين الأول/أكتوبر 2024)، لطمأنة الجزيرة إزاء المخاطر التي يمكن أن تأتي من لبنان، وللإشارة إلى أن أوروبا تقف إلى جانبها.

سينتقل حزب الله من لاعب بين الأوائل في شرق المتوسط في حزيران/يونيو إلى مقاوم يسطر بطولات غير مسبوقة دفاعًا عن قرى جنوب لبنان الأمامية، في أعنف مجابهة عسكرية خلال حرب “طوفان الأقصى”، وفي ظروف ابتعاد إيراني صريح عن الحرب منذ انتخاب الرئيس الجديد مسعود بزشكيان. ستؤدي هذه البطولات إلى الحصول على وقفٍ لإطلاق النار في 27 تشرين الثاني/نوفمبر 2024 وفق القرار 1701 الذي انتزعه الحزب عام 2006 عندما كانت إسرائيل مهزومة في الحرب.

سيتم تطبيق القرار هذه المرة بإشراف لجنة خماسية مؤلفة من إسرائيل ولبنان وقوات الطوارئ الدولية، فضلًا عن ممثل لفرنسا وللولايات المتحدة الأمريكية، على أن يكون الممثل الأمريكي ضابطًا ورئيسًا للجنة، ما يعني أن تطبيق القرار الأممي صار بقيادة حليفٍ للدولة العبرية. هنا يكمن اختلاف كبير بين آليات تطبيق القرار الأممي عام 2006 وما استقرّ عليه الحال بعد وقف النار في “حرب الإسناد” في 27 تشرين الثاني/نوفمبر 2024.

يُضاف إلى ذلك أن إسرائيل أعلنت منذ اللحظة الأولى أنها ستشرف بنفسها على تطبيق الاتفاق. هذا ما نراه على الأرض، إذ تنتهك الأجواء والمياه والأراضي اللبنانية يوميًا، وتشنّ غارات على منازل ومقرّات وأراضٍ، زاعمةً أنها تضمّ أسلحة وذخائر ومسيّرات لحزب الله. تطارد إسرائيل المقاومين في كل مكان من لبنان، ودائمًا بذريعة تطبيق الاتفاق. وحصيلة هذا “التطبيق” آلاف الانتهاكات ومئات الشهداء والجرحى واستمرار احتلال عدد من النقاط ومنع الجنوبيين من ازالة الانقاض واعادة اعمار منازلهم ولا سيما في قرى الحافة الأمامية..

صفر هامش للمناورة
بالمقابل، يبدو حزب الله في موقعٍ يحتفظ فيه بـ”صفر” هامش مناورة. لذا يتكيّف حتى الآن مع ظروف ومستجدّات ما بعد القرار ضمن خطة صبرٍ استراتيجي، ويتجنّب حتى الآن الردّ على أيٍّ من الانتهاكات الإسرائيلية، بما في ذلك الانتهاكات التي طالت الضاحية الجنوبية. سينعكس تراجع الحزب على الجبهة بتراجعٍ موازٍ في الداخل اللبناني. سيتخلّى الحزب عن النائب سليمان فرنجية، مرشّحه لرئاسة الجمهورية، وسينتخبُ قائد الجيش جوزاف عون (9 كانون الثاني/يناير 2024). وسيسقط الحزب في فخٍّ منصوب من دون قدرة على الردّ، إذ تلقّى وعودًا بترشيح نجيب ميقاتي لرئاسة الوزراء، فإذا به يُفاجأ بتعيين القاضي نواف سلام رئيسًا للحكومة (8 شباط/فبراير 2024)، بوصفه مرشّح الثلاثي الفرنسي–الأمريكي–السعودي.

لقد فتحت مجابهة الحدود بابًا للحزب اللبناني الجريح، كي يخرج من الحرب بهزيمةٍ قاسية يحاول من بعدها استيعاب نتائجها وإعادة تنظيم صفوفه بحيث يحتفظ بأسلحته خارج جنوب الليطاني كما ينصّ القرار 1701.

راهَن الحزب على تسوية مع الدولة اللبنانية، تقوم على تفكيك بناه التحتية وسيطرة الجيش على القرى والبلدات المنصوص عليها في اتفاق وقف النار، على أن يعيد اندماجه في اللعبة السياسية اللبنانية في ظروف مختلفة، مع الاستجابة لكلّ التنازلات التي طُلبت منه حتى الآن: رئيس جمهورية ورئيس حكومة من الطرف الآخر المناهض للحزب، وتشكيلة حكومة خالية من الثلث المعطِّل، وبيانها ينصّ صراحةً على تسليم أسلحة الحزب تحت شعار حصرية السلاح، ما يعني نزع الشرعية عن سلاح المقاومة (قرارات الحكومة في 5 و7 آب/أغسطس 2025).

لم يكد الحزب يخرج من الحرب عبر اتفاقٍ هشٍّ لوقف النار حتى جاء سقوط حليفه في سوريا (8 كانون الأول/ديسمبر) ليُضفي صعوباتٍ جمّة على خططه لما بعد وقف النار، وليُضيّق هامش المناورة أمامه أكثر من ذي قبل.

صار عليه أن يواجه جبهةً عريضة تطالب بنزع سلاحه وإلغاء دوره المقاوم في لبنان. جبهةٌ تضمّ إسرائيل والنظام السوري الجديد وقسمًا كبيرًا من الرأي العام اللبناني وغالبية القوى السياسية اللبنانية، ولا سيما حزب “القوات اللبنانية” الذي يُلحّ على الجيش اللبناني بنزع سلاح الحزب بالقوة، على ما صرّح نائب القوات في البرلمان غسان حاصباني: «إذا لم يُسلّم الحزب سلاحه، ستلتزم إسرائيل بنزعه جنوبًا وسوريا شمالًا». ويوافقه الناشط الماروني مجد بطرس حرب بنبرةٍ أعلى: «إذا الحزب ما سلّم سلاحه، الجيش اللبناني بيفكّ رقبته». ويزيد الدكتور سمير جعجع، قائد حزب “القوات اللبنانية”، على هذه الأصوات: “بيجيك زمك من الحزب بقول انتصرنا. وين انتصرت بعد كل يلي صار. يتفضل الحزب ويسلم سلاحه ليس لديه خيار آخر”.

تحظى جبهة المطالبين بنزع سلاح الحزب وتسليمه للدولة اللبنانية بتأييدٍ واسع من الجامعة العربية والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية، ويقابلها صمت روسي وصيني يستند إلى موافقتهما على قراري مجلس الأمن 1710 و1559، وفيهما دعوة صريحة لبسط سيادة الدولة اللبنانية على كامل أراضيها ونزع كل سلاحٍ خارجٍ عن السلطة الرسمية.

واللافت للانتباه في هذا الصدد أن الرئيس الفرنسي طالب الرئيس السوري الجديد، أحمد الشرع، عندما استقبله في قصر الإليزيه بالعمل على مواجهة حزب الله، فضلًا عن تغطية باريس وواشنطن في اللجنة الخماسية للضربات التي توجّهها إسرائيل للحزب.

تحالف دولي لحصار حزب الله
تتحرك هذه الجبهة العريضة لتحويل تراجع حزب الله في حرب الإسناد إلى استسلامٍ كامل، وتعتمد للوصول إلى غاياتها الوسائل التالية:

أولًا؛ الضغط العسكري اليومي الذي تمارسه تل أبيب بطرقٍ مختلفة كي تُنهك حاضنة الحزب وتدفعها للانقلاب عليه، وتزيد الضغط على الحكومة اللبنانية لخوض معركة مع الحزب ونزع سلاحه بالقوة.

ثانيًا؛ فرض حصارٍ اقتصادي على الحزب وإضعاف شبكات الدعم الاجتماعية التي تساعده في الحفاظ على تماسك بيئته الحاضنة.

ثالثًا؛ منع رفع الأنقاض وإعادة الإعمار قبل أن يسلّم الحزب سلاحه، فيكون الإعمار ثمنًا لطيّ صفحة المقاومة.

رابعًا؛ اتخاذ إجراءاتٍ تنزع أفضليات الحزب في مطار بيروت الدولي، ومن بينها فتح مطار القليعات في منطقة لا تتعاطف مع الحزب وتُعتبر حاضنةً لخصومه اليمينيين.

إقرأ على موقع 180  "يسرائيل هيوم" عن "مخزن عبا".. والحرب المؤجلة مع حزب الله

خامسًا؛ الضغط عبر الحدود السورية على مناطق الحزب الحدودية وفرض رقابة صارمة على تهريب السلاح والبضائع والأموال.

سادسًا؛ زيادة تمويل وتعبئة المنظمات غير الحكومية التي تنشر ثقافة العداء للحزب وتطالب بتسليم سلاحه، ولا سيما الجمعيات التي يترأسها قادة وناشطون من أصولٍ شيعية.

سابعًا؛ أدّى الضغط المتواصل إلى إضعاف اتفاق مار مخايل (2006)، بل إلى قطع التحالف بين الحزب والتيار الوطني الحرّ عبر وضع زعيم التيار جبران باسيل على لائحة الشخصيات المقاطعة من طرف الولايات المتحدة.

ثامنًا؛ الضغط المتواصل لإضعاف تحالف الحزب مع حركة أمل، وبالتالي عزله داخل الطائفة الشيعية، ومن ثمّ استخدام الجيش اللبناني في مجابهةٍ معه وسط إجماعٍ محلّي وعربي ودولي.

تاسعًا؛ لا جديد في استراتيجية الحصار الدولي المعتمدة ضد حزب الله، فقد سبق للقوى نفسها أن اعتمدت الاستراتيجية ذاتها في كوبا وإيران والعراق وسوريا، وهي بصدد اعتماد السيناريو نفسه في لبنان.

تحويل الهزيمة إلى فرصة
هل يتمكّن الحزب من تحجيم خسارته عند حدود تراجعه في حرب الإسناد؟

يحتفظ الحزب بعناصر قوّة كبيرة ومؤثّرة لا يمكن الاستهانة بها، وتستدعي الإشارة في الخطوط التالية:

أولًا؛ يسبح الحزب وسط حاضنةٍ شعبية صلبة برهنت للتوّ عن إخلاصها واستعدادها للتضحية تحت شعار الإمام الحسين (هيهات منّا الذلّة). فقد فاز التحالف الوطني بين الحزب وأمل في كلّ المقاعد البلدية والاختيارية التي رشّح ممثلين فيها، وكانت الحاضنة الشعبية للحزب قد هبّت بعد انتهاء مهلة الانسحاب الإسرائيلي من القرى المحتلة إلى تلك القرى وواجهت المحتلّ باللحم الحيّ في مشهدٍ نادر في تاريخ حركات التحرّر في العالم. تبقى الإشارة إلى أنّ صمود المقاتلين الاستثنائي في المجابهات البرية الحدودية في حرب الإسناد، يُفصح عن طينة هذه الحاضنة التي لا تشبه الحواضن الأيديولوجية في الحركات السياسية الحديثة.

ثانيًا؛ التحالف الوطني بين حزب الله وحركة أمل اجتاز بنجاح كلّ مراحل المجابهة السابقة، ومن بينها استيعاب الضغوط الدولية على مسؤولين في أمل، من بينهم الوزير السابق علي حسن خليل، المساعد الأبرز للرئيس نبيه برّي. فقد تعرّض مع متموّلين مقرّبين من الحزب لعقوبات دولية لم يرمش لها جفن في التحالف. هذا التحالف لم تظهر على ملامحه حتى الآن مؤشرات الكهولة أو الوهن، وبالتالي يصعب الرهان على انشقاقٍ في داخله، أقله في المديين المنظور والمتوسط.

ثالثًا؛ في كلّ سيناريوهات نزع سلاح الحزب وتحويل تراجعه إلى استسلام، لن يقتصر الضرر عليه، بل سيطال الطائفة الشيعية برمّتها. لن تعود هذه الطائفة إلى حظيرة الإقطاع السياسي في جنوب لبنان، ولن تعود إلى نفوذ العائلات الإقطاعية في البقاع للسبب نفسه. وكذلك الأمر في ضاحية بيروت الجنوبية. إنّ مصير الحزب في لبنان ليس كمصير حزب البعث في سوريا أو العراق، فهو مصير الطائفة الشيعية برمّتها.. وإذا كان من الصعب الفصل بين مصير المقاومة ومصير الطائفة الشيعية في لبنان، فهذا يعني أنّ مصير “المساومة” الطائفية اللبنانية يتعلّق بكيفية حلّ قضية السلاح. وللذين يريدون التعمّق أكثر في هذه المعادلة، يمكنهم الاستماع إلى تصريحات الأستاذ وليد جنبلاط الأخيرة الشديدة الحذر: “نزع السلاح يعني صواريخ، ما بدنا، خلّيهم مع الجيش، أمّا السلاح الباقي فلا مشكلة”.

رابعًا؛ على الرغم من الخسائر الفادحة التي تعرّض لها، ما زال حزب الله قادرًا على خوض معارك عسكرية كبيرة وناجحة. لقد برهن عن هذه القدرة في جنوب لبنان في قتال ما قبل وقف النار، ولا حاجة إلى برهانٍ إضافي في أية محاولة لنزع سلاحه بالقوة في الداخل اللبناني. أمّا نزع السلاح عبر التكفيريين والجهاديين في سوريا، فقد بيّنت الاشتباكات الحدودية خلال الربيع الماضي أنّ من الصعب على الحكومة السورية الجديدة الذهاب بعيدًا في هذا الاتجاه، وهي لم تعد الكرة من بعد.

خامسًا؛ لا يمكن للجيش اللبناني نزع سلاح المقاومة بالقوة العسكرية. إنّ كلّ تجارب نزع السلاح من الطوائف اللبنانية في لبنان تمّت عبر التوافق والمفاوضات، وليس عبر القوة. لقد نجح الجيش في حالةٍ واحدة معزولة في مخيم نهر البارد الفلسطيني. كان الأمر يتعلّق في حينه بمنظمة غريبة الأطوار (فتح الإسلام)، محدودة التمثيل، ووسط تغطيةٍ من منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني. أمّا في مثال التصدي للجهاديين وداعش في عرسال والحدود الشرقية، فقد كانت المعركة مشتركة بين حزب الله والجيش. أضف إلى ذلك أنّ عقيدة الجيش الجديدة مبنية على العداء لإسرائيل. يبقى أنّ حزب الله، الذي صمد في مجابهة أهم وأقوى جيش في الشرق الأوسط، لن يتمكّن جيش آخر من قهره عسكريًا، خصوصًا أنه ما زال يملك وسائل قتال أساسية وفعّالة.

حدٌّ للحزب وحدٌّ عليه
سادسًا؛ لا يمكن نزع سلاح حزب الله بالقوة، وبالتالي من الصعب تحويل خسارته في جنوب لبنان إلى استسلامٍ يفضي في نهاية المطاف إلى إعادة الشيعة اللبنانيين قرنًا إلى الوراء. وهو ما يلاحظه أبناء هذه الطائفة الذين باتوا يقرأون على وسائل التواصل الاجتماعي تعبير “المتاولة”، الوصف الذي شاع في حقبةٍ كان الحكم اللبناني فيها مكرَّسًا لخدمة طائفةٍ واحدة تُطلق على غيرها من الطوائف أحكامًا وأوصافًا منبوذة.

لقد تغيّرت طبيعة الحكم في لبنان بعد اتفاق الطائف عام 1989، ولا يفكّر بالعودة إلى الوراء إلا الأغبياء. لذا نرى رئيس الجمهورية جوزاف عون يبذل جهودًا حثيثة لاستيعاب سلاح حزب الله عبر مفاوضاتٍ مع الحزب، بعيدًا جدًا عن صيغة الاستسلام التي تريد قوى دولية وعربية ومحلية فرضها على المقاومة.

سابعًا؛ لا يمكن للأوضاع الإقليمية أن تستقرّ على المعادلات الراهنة. مصائر عديدة لم تُحسم بعد، على رأسها مصير غزة، ومصير حلّ الدولتين، ومصير الملف النووي الإيراني، ومصير الحكومة الإسرائيلية ورئيسها نتنياهو، ومصير الحرب الأوكرانية–الروسية. أضف إلى ذلك، بل على رأسه، مصير “الترامبية” ومشاريعها. إنّ ترامب الذي وقّع اتفاقًا مع أنصار الله في اليمن بمعزل عن حليفه الإسرائيلي يمكنه أن يوقّع غيره، وهذا ما حصل في غزة وشرم الشيخ.. لذا يمكن لحزب الله الرهان على الوقت الذي يُعتبر هنا سلاحًا ذا حدّين: حدٌّ للحزب وحدٌّ عليه.

Print Friendly, PDF & Email
فيصل جلول

باحث لبناني في أكاديمية باريس للجيوبوليتيك

Download Best WordPress Themes Free Download
Download Best WordPress Themes Free Download
Download WordPress Themes
Download WordPress Themes Free
download udemy paid course for free
إقرأ على موقع 180  الحدود الأردنية-السورية.. الضفة، السلاح والجدار!