
مع عودة الوفد الإيراني المفاوض برئاسة علي باقري كني من فيينا إلى طهران، عشية العاشر من محرم، سرت مناخات في العاصمة الإيرانية مفادها أن الجانبين الإيراني والأميركي "أصبحا أقرب من أي وقت مضى من العودة إلى الإتفاق النووي".
مع عودة الوفد الإيراني المفاوض برئاسة علي باقري كني من فيينا إلى طهران، عشية العاشر من محرم، سرت مناخات في العاصمة الإيرانية مفادها أن الجانبين الإيراني والأميركي "أصبحا أقرب من أي وقت مضى من العودة إلى الإتفاق النووي".
أن تنتهي محطة الدوحة بين المفاوضين الأميركيين والإيرانيين بحضور الوسطاء الأوروبيين ويتوجه الجميع إلى فيينا، فهذا يضع المفاوضات غير المباشرة أمام أحد إحتمالين: الأول؛ فرصة التوصل إلى إتفاق جديد باتت عالية ولم يبق إلا تبديد بعض التفاصيل. الثاني؛ فرصة التفاهم غير متوفرة لكن لا أحد يريد أن يتحمل مسؤولية فشل المفاوضات.
كتب المحلل السياسي المختص بشؤون لبنان والشرق الأوسط في "هآرتس" عاموس هرئيل مقالة تناول فيها "رياح التفاؤل المفاجئة" التي هبّت، مؤخراً، على المفاوضات الثلاثية بين إسرائيل ولبنان والولايات المتحدة حول ترسيم الحدود البحرية.
لم تمضِ بضعة أيام على انتهاء قمة طهران الثلاثية، التي ظهر فيها الرئيس التركي رجب طيب إردوغان على الإعلام متجهّم الوجه، حتى خرج وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو بتصريح إستبق فيه قمة سوتشي التي ستُعقد في 5 آب/أغسطس بين الرئيسين الروسي والتركي، وفيه تأكيد على وضع الملف السوري على طاولة المباحثات بينهما كأولوية، واعتراف بالنظام السياسي في دمشق، بإبداء استعداد تركيا لتقديم المساعدة له في القضاء على التنظيم الإرهابي في شمال شرق سوريا، بحسب زعم جاويش أوغلو، فأين سوريا من كل ما يجري؟
الشرق الأوسط اليوم ليس بوضع يجبره على تلقي أوامر من الولايات المتحدة. قادته باتوا يرون خياراتهم ورهاناتهم في عالم متعدد الأقطاب. ومن السخرية أن ينتهي "النظام" الذي يتطلع إليه جو بايدن بحرب كارثية كما حصل مع بيل كلينتون، بحسب تقرير لمارك لينش في "الفورين أفيرز".
لم يعد الحوار العربي الإيراني يقتصر على دول الخليج العربي ولا سيما السعودية. تطور مجرى الحوار في الآونة الأخيرة في أكثر إتجاه إلى حد الحديث عن إعادة العلاقات الدبلوماسية بين دول عربية كالأردن ومصر وبين إيران، وذلك بعد قطيعة طويلة لأسباب مختلفة ومتفاوتة.
أما وقد أزاح حزب الله "ستار التقية" معلناً الانتقال إلى "أمام الدولة" في ملف النفط والغاز، ترسيماً وتنقيباً واستخراجاً وتصديراً من خلال معادلة "غاز لبنان مقابل غاز كاريش وما بعد بعد كاريش"، يكون المتوقع أصبح واقعاً، وبات الملف بنداً رئيسياً في مسألتين مترابطتين، الأولى الصراع الإقليمي ـ الدولي والاتفاق النووي، والثاني الصراع الداخلي بين الطوائف على الحصص والأحجام وطبيعة النظام.
بين طهران وواشنطن مسافة أكثر من عشرة آلاف كيلومتر. تشرق الشمس على طهران قبل تسع ساعات ونصف من شروقها على واشنطن. لغتان لا تشتركان تقريبًا بما يكفي لصياغة جملة واضحة المعنى. يجمع هذا المنحى الجغرافي إيران بكثير من الدول، لكن ما يجمعها بالولايات المتحدة، اليوم، طاولة مفاوضات شبه مهجورة. بليدة.
لا جولة جديدة من المفاوضات النووية في فيينا إلا في حال تحقيق تقدم في المفاوضات غير المباشرة بين طهران وواشنطن في الدوحة.
يعود الشرق الأوسط بقوّة إلى قلب السياسة العالمية والصراع الدائر حول أوكرانيا بين روسيا والغرب، مدفوعاً بالأهمية الحيوية للقضايا التي تناولتها قمّة جدّة العربية ـ الأميركية، ثم قمّة طهران الروسية ـ الإيرانية ـ التركية.