منذ العام 2013، لا يمكن عزل وتيرة العمليات الإرهابية في سيناء عن تطورات المشهد الليبي والعكس صحيح.
منذ العام 2013، لا يمكن عزل وتيرة العمليات الإرهابية في سيناء عن تطورات المشهد الليبي والعكس صحيح.
بين أذربيجان وارمينيا عداوة لا تنتهي. هو إرث التاريخ الطويل، الذي جعل بؤرة مثل ناغورني قره باخ نقطة ملتهبة في صراعات الامبراطوريات القديمة في منطقة كانت ولا تزال تعتبر مفترق طرق في أوراسيا، وميداناً لصراعات اليوم التي تتداخل فيها التناقضات الجيوستراتيجية وتقاطعاتها، بكل امتداداتها السياسية والاقتصادية، وفي القلب منها ملف الطاقة.
نعم، إن قرار تحويل متحف آيا صوفيا، الذي كان كاتدرائية، إلى مسجد، يحمل في طياته معانيَ تخالف القيم الإنسانية التي يحترمها الدين الإسلامي، والتي أسس لها العرب والمسلمون جذوراً راسخة في ثقافتهم، التي تدعي تركيا أنها أحد رعاتها اليوم. نعم، إن قراراً كهذا يتيح المجال للكيان الصهيوني بأن يستبيح المقدسات الاسلامية والمسيحية في فلسطين بحجة حقوق الدولة التي تخص المباني على أراضيها.
تشي تطورات المشهد الليبي خلال الأسبوعين الماضيين بتدحرج كرة النار إلى حدود اختبار ثبات وجدية الخطوط الحمراء لمعظم الأطراف المشتبكة، حتى وإن أوحى الإعلام الرسمي والشعبوي لأي من هذه الأطراف الإقليمية والدولية بأن هناك صداماً مباشراً على وشك الحدوث على الأراضي الليبية، وبخاصة بين القاهرة وأنقرة، اللتين تلتزمان حتى كتابة هذه السطور بالتحرك ضمن مدى لا يستبعد الخيارات العسكرية ولكن من دون الانجرار إلى صدام مباشر قد تنتج عنه حرب مفتوحة في توقيت ينشغل فيه ساكن البيت الأبيض الحالي بالانتخابات الوشيكة، في مقابل تضارب المواقف الأوروبية وعدم قدرة موسكو على إدارة مسار سياسي طويل المدى يضمن تحقيق مصالحها المتداخلة مع كل من البلدين.
طبول الحرب الليبية تقرع في القاهرة وانقرة... هذا ما تشي به الوقائع الميدانية والمواقف النارية العابرة لحدود ثنائية طبرق - طرابلس، والتي تبدت خلال اليومين الماضيين في لهجة تصعيدية تركية اشترطت انسحاب قوات المشير خليفة حفتر من سرت والجفرة - الجبهتان اللتان تعتبرهما مصر خطاً أحمر - وقابلها ما يمكن اعتباره طلباً رسمياً وجهه نواب الشرق الليبي إلى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للمساعدة في محاربة "الاحتلال التركي".
هل يمكن النظر إلى ما يجري اليوم في ليبيا باعتباره صراعاً بين "علمانيين" بزعامة المشير خليفة حفتر، وبين "إخوانيين" بقيادة فايز السراج؟ الأول، وراءه مصر والإمارات والسعودية وفرنسا. والثاني، وراءه تركيا وقطر، وتؤيده الأمم المتحدة، وإلى حد ما "اتحاد المغرب العربي" (ليبيا عضوٌ مؤسسٌ فيه).
حين تقام صلاة الجمعة في آيا صوفيا في اسطنبول يوم الرابع والعشرين من تموز/يوليو، ستتبدّى ملامح نشوة الانتصار على وجه رجب طيب أردوغان. الصورة التي ستُلتقط له في الصفوف الأمامية للمصلين في هذا اليوم سيكون لها طابع تاريخي، من دون أي شك، ليس لأن قرار اعادة المعلم التاريخي إلى وضعية المسجد قد حَسم جدلاً من عمر الجمهورية التركية فحسب، بل لأنّ الخطوة تحمل الكثير من الدلالات، إن على مستوى العلاقات الداخلية في تركيا، أو على مستوى علاقات تركيا الخارجية.
صحيح أن الوضع العسكري الحالي على خط سرت - الجفرة هو الذي سيساعد على تحديد مسار التطورات السياسية في الملف الليبي، لكن الصحيح أيضا أن البعد الاقليمي هو الذي سيرسم خارطة التفاهمات الليبية الليبية قبل الحديث عن القدرات العسكرية وفرصها في حسم الامور على الجبهات.
على مدار السنوات الماضية شكّل منسوب مياه الفرات، وكميات المياه التي تسمح تركيا بمرورها في النهر أحد أبرز القضايا الشائكة، والتهديدات المتواصلة للشمال الشرقي من سوريا خصوصاً، ولسوريا بشكل عام، لما يشكله نهر الفرات من أهمية بالغة في الأمن المائي، حيث تعمد أنقرة إلى استغلاله كسلاح في حربها مع الأكراد من جهة، وكأداة ضغط لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية من جهة أخرى، الأمر الذي يتجلى بزيادة كميات المياه الواردة في فصل الشتاء بالتزامن مع امتلاء السدود ما يمثّل تهديداً لهذه السدود، وتخفيض كميات المياه في فصل الصيف ما يؤدي إلى جفاف كبير في مناطق حوض الفرات، وما يتبعه من خسائر اقتصادية كبيرة في قطاعي الزراعة والثروة السمكية، إضافة إلى المخاطر التراكمية التي تنذر بكوارث مستقبلية.
دولنا العربية حازت الإستقلال منذ عقود طويلة. الجامعة العربية تأسست عام 1947. هي أول منظمة إقليمية في العالم. ما زلنا لم نصدق أننا مستقلون، ولم نقرر أن الإستقلال نحميه بالاتكال على النفس وليس بتحليلات ديبلوماسية، وتحليل القوى الدولية لدعم الإستنتاج المسبق أن المنطقة تديرها، بالأحرى تقرر مصيرها، القوى الدولية والإقليمية.