
تعيش منطقة الشرق الأوسط حالياً مرحلة خطيرة من مراحلها. فهذه المنطقة الواقعة على فوالق زلزالية متعددة، لم تهدأ أو تستقر منذ أكثر من مئة عام حملت في طياتها دماءً ودموعاً وويلات؛ قامت دول وتلاشت أخرى؛ قامت حروب وحدثت ثورات وانقلابات. ماذا بعد؟
تعيش منطقة الشرق الأوسط حالياً مرحلة خطيرة من مراحلها. فهذه المنطقة الواقعة على فوالق زلزالية متعددة، لم تهدأ أو تستقر منذ أكثر من مئة عام حملت في طياتها دماءً ودموعاً وويلات؛ قامت دول وتلاشت أخرى؛ قامت حروب وحدثت ثورات وانقلابات. ماذا بعد؟
كان المشهد آنذاك خارجاً عن المألوف. في حزيران/يونيو 2000، وبعد أيام على وفاة الرئيس السوري حافظ الأسد (الأب)، كان مئات من مقاتلي حزب الله، بزيهم العسكري الأسود (لباس قوات التعبئة في الحزب)، يصطفون في عرض عسكري في القرداحة، أمام الرئيس بشار الأسد (المخلوع)، وإلى جانبه كان يقف كلٌ من الأمين العام لحزب الله، الشهيد السيّد حسن نصرالله، ووزير الدفاع السوري آنذاك مصطفى طلاس. كان ذلك المشهد "رسالة"، تبدَّت مفاعيلها التنفيذية بعد 12 عاماً، عندما أضحت رئاسة الأسد (الإبن) ونظامه محل تهديد.
ما تزال الأحداث في سوريا في حالة من التدفق، بحيث يصعُب الخروج بتصور دقيق للمستقبل. إنما الواضح حتى الآن، هو بروز لاعبين جدد في الداخل والإقليم على حساب القوى التي سادت لعقود. وهذا، بدوره، لا بد أن يفرز واقعاً جديداً لهذا البلد المحوري.. وربما لسائر بلدان المنطقة.
برغم أن الأردن ينضوي في حِلْفٍ معادٍ للحلف الذي كانت تنضوي فيه سوريا بشّار الأسد، لكن الكثير من القواسم الجيوسياسية تجعل مصالح البلدين الأمنية واحدة، قولًا واحدًا.
بعد 54 عاماً من إمساكه بالسلطة، سقط حكم حزب البعث في سوريا، في غضون عشرة أيام، ومن دون أية مقاومة، وذلك تتويجاً لمسار دشّنته المجموعات السورية المسلحة فور دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في لبنان فجر 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
في أيار/مايو من العام الجاري، تسرّبت وثائق من مكتب بنيامين نتنياهو تكشف النقاب عن تصوّر هذا الأخير لمستقبل غزة: "خطة غزة 2035.. من الأزمة إلى الإزدهار". بعد حوالي ثلاثة أشهر، أي في آب/أغسطس، صادق نتنياهو على مضمون ما تمّ تسريبه في مقابلة أجرتها معه مجلة "التايم" الأميركية.
يتبيّن من النتائج المترتبة على الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة والتطهير العرقي ضدّ الفلسطينيين، وعلى المواجهة المفتوحة بين إسرائيل وإيران، أن الدولة اليهودية تواجه ورطة كبيرة في التشكيلين النزاعيّين المتوازيين المتقاطعين، وهي ورطة تنعكس أيضاً خسارة للولايات المتحدة في مقابل مكاسب لإيران لا شكّ فيها.
في مقال نشرته مجلة "فورين أفيرز"، أكد مساعد الرئيس الإيراني للشؤون الاسترايتيجية، محمد جواد ظريف(*)، أن طهران "لا تمانع في إجراء محادثات مع واشنطن تضمن مصلحة الطرفين". وأنها "مستعدة للانخراط في ذلك مع جميع الدول من أجل منطقة تنعم بالسلام والإستقرار والإزدهار، لكنها لن تستسلم لأي ضغوط أو مطالب غير معقولة"، داعياً إلى عدم تفويت الفرصة والإستفادة من "الشريك المثالي- إيران".
ما أن وُضع اتفاق وقف اطلاق النار بين لبنان و"إسرائيل"، يوم الأربعاء الماضي، موضع التنفيذ، حتى سارع أبناء الجنوب اللبناني إلى إشهار عودتهم إلى مدنهم وقراهم، فيما عمّت الخيبة مستوطنات الشمال في فلسطين المحتلة لرؤية مشهدية الجنوبيين يعودون إلى مدنهم وقراهم المدمرة رافعين رايات المقاومة حتى قبل أن يُوجّه أي مسؤول لبناني الدعوة إليهم للعودة.
قال الكولونيل الإسرائيلي، غاي حزوت، في دراسة له نشرها موقع "معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي" إن الجيش الإسرائيلي أنهك مقاتليه النظاميين والاحتياطيين طوال عام كامل من الحرب، ورأى أن إطالة أمد الحرب يعرض وجود الجيش النظامي والاحتياط للخطر، فمخازن الذخيرة وقطع الغيار للجيش هي معطيات سرية، لكن من الواضح للجميع أنها ليست بئرا بلا قاع". وفي ما يلي أبرز ما تضمنته الدراسة التي نشرتها "معاريف" بالعبرية وترجمتها مؤسسة الدراسات الفلسطينية إلى العربية.