ما يجري في شوارع معظم المناطق اللبنانية، في هذه الأيام، لا يشبه مشهد 17 تشرين.. أي سلوك تجنح إليه السلطة، سيكون مفهوماً، لكن الغريب أن قوى الإعتراض، وبرغم نضوج الظرف الموضوعي، ما زالت تفتقد للحد الأدنى من المشروع التغييري.
ما يجري في شوارع معظم المناطق اللبنانية، في هذه الأيام، لا يشبه مشهد 17 تشرين.. أي سلوك تجنح إليه السلطة، سيكون مفهوماً، لكن الغريب أن قوى الإعتراض، وبرغم نضوج الظرف الموضوعي، ما زالت تفتقد للحد الأدنى من المشروع التغييري.
منذ حوالي أربعة عقود كتب الرئيس سليم الحص أن في لبنان الكثير من الحرية والقليل من الديموقراطية. أين نحن اليوم من هذه المقولة؟
تعالوا نجري عملية حسابية بسيطة لعلها تعكس مدى خطورة الوضع الإقتصادي وإنهيار مقومات الحياة بحدودها الدنيا في لبنان.
البطريرك بشارة الراعي لم يراع الحقائق البينة والمؤلمة. أخذ لبنان إلى المستحيل الدولي. نفخ الأزمة من حيث يحلم، لا من حيث يجب. معه، بدا لبنان الواقعي ماض إلى مستقبل خرافي.
بتاريخ 30 تشرين الثاني/نوفمبر 2020، صدر عن القاضية اللبنانية السيدة ناديا جدايل حكم قضائي إستثنائي بأبعاده القانونية والأخلاقية والوطنية وبكونه يشكل إنعكاساً ساطعاً للقيم الاجتماعية والوطنية التي انتجتها انتفاضة 17 تشرين/أكتوبر 2019.
بعدما نجح النظام السياسي الطائفي اللبناني في امتصاص صدمة 17 تشرين 2019، تبدو قوى الاحتجاج عاجزة عن تغيير المعادلة. فهل تمثل "المبادرة الإنقاذية الوطنية" التي انطلقت في 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2020، من قصر العدل في بيروت، بمناسبة عيد الاستقلال، بفضل الحيوية الاستثنائية للنقيب ملحم خلف، فرصةً لقلب ميزان القوى لمصلحة قوى التغيير الحقيقية؟
قبل سنة تماماً، غادر سعد الحريري مبنى السراي الفخم في قلب بيروت، التي رممها والده الراحل الرئيس الشهيد رفيق الحريري من ضمن خطة لإعادة إعمار العاصمة التي تحتل قلبها السراي: المقر الرسمي لرئيس الحكومة في لبنان.
في خضم التخبط السياسي والانهيار الإقتصادي والمالي الذي عصف بلبنان، من كل جنبٍ وصوب، قال الرئيس اللبناني ميشال عون في كلمته لمناسبة مئوية دولة لبنان الكبير "لإنني مؤمن أن الدولة المدنية قادرة على حماية التعددية وصونها وجعلها وحدة حقيقية.. فإني أدعو إلى إعلان لبنان دولة مدنية".
حينما كنت اتابع خطاب السيد حسن نصرالله، الثلاثاء الماضي، همست ابنتي الصغرى البالغة من العمر تسع سنوات في أذني قائلة "بابا ليش ما عم يصرخ". لفتتني بسؤالها إلى هذا الهدوء العميق لرجل يقارب وقائع تراكمت على مدى ثلاثة اسابيع في خضم ازمة سياسية واقتصادية ومالية هي الاخطر على لبنان الكيان، الدولة، والشعب.
ينعقد المؤتمر الثالث لـ"تيار المستقبل" يوم السبت المقبل في الخامس والعشرين من الشهر الجاري برئاسة النائب أحمد فتفت وبحضور ما بين 800 إلى 900 مدعو، بينهم 200 قرر رئيس التيار سعد الحريري تسميتهم أعضاء في المؤتمر. مؤتمر سيكرّس "بمن حضر" إنضمام "التيار الأزرق" إلى النادي الحزبي التقليدي في لبنان، حيث يكون الزعيم الأوحد هو الآمر والناهي.. والبقية تصفق له!