برغم حديث الوفد الإيراني عن "محادثات بناءة" في ضوء الجولة الأولى من إجتماعات فيينا، بدت الأجواء في طهران، عشية الجلسة الثانية، ضبابية في ظل تقديرات إيرانية تشي بأن فرص التفاهم حظوظها ضئيلة للغاية "لأسباب أميركية وليست إيرانية".
برغم حديث الوفد الإيراني عن "محادثات بناءة" في ضوء الجولة الأولى من إجتماعات فيينا، بدت الأجواء في طهران، عشية الجلسة الثانية، ضبابية في ظل تقديرات إيرانية تشي بأن فرص التفاهم حظوظها ضئيلة للغاية "لأسباب أميركية وليست إيرانية".
لا أولوية تتقدم أميركياً على مواجهة جائحة كورونا أو "كوفيد ١٩". قبل ان يُضبط هذا الوباء الأول من نوعه منذ قرن من الزمن، لن يُعطي جو بايدن الاهتمام اللازم للسياسة الخارجية. فما هي ملامح هذه السياسة خاصة في ملفي إيران واليمن؟
رتب اتفاق الشراكة الإستراتيجية بين الصين وإيران، تغييراً في بعض موازين القوى بالشرق الأوسط وعزز موقع بكين في التنافس الدولي الحاد مع الولايات المتحدة، ولم تعد طهران في عجلة من أمرها لإحياء الإتفاق النووي، وباتت الكرة في الملعب الأميركي.
فيما تخرج إيران تدريجيا من إجازة عيد رأس السنة الهجرية الشمسية، نوروز، طفت إلى العلن تطورات على صعيد الملف النووي الإيراني أعادته مجددا إلى الصدارة بعد لقاء أولي بين الدول المشاركة في التسوية النووية المتداعية عبر تقنية الفيديو.
منذ بداية الولاية الأولى للرئيس الأميركي باراك أوباما، أي منذ ١٢عامًا، والولايات المتحدة الأميركية ترسل إشارات عدم إهتمام بالشرق الأوسط ورغبة بالإنسحاب من مسرحه، ما دفع قوى إقليمية عديدة للتشبيك مع قوى كبرى أو صاعدة أو قوى إقليمية أخرى.
كل ما نشهده على صعيد الملف النووي منذ شهر تقريباً حتى يومنا هذا، هو نتاج مبادرة قطرية أفضت إلى هدنة أميركية ـ إيرانية يفترض أن تستمر إلى ما بعد الإنتخابات الرئاسية الإيرانية المقبلة.. إلا إذا حصل تطور مفاجىء من شأنه أن يقلب الأمور رأساً على عقب.
لم يكن مفاجئاً، لا بل كان متوقعاً، أن سياسة الإدارة الأمريكية الجديدة فى الشرق الأوسط وبالأخص فى «الملف» الأمريكى الأهم، لانعكاساته الإقليمية المتعددة، وهو الملف الإيرانى، لن تأتى كاستمرار لسياسة إدارة ترامب التي قامت على المواجهة والتصعيد خاصة على مستوى الخطاب، دون أن تأتى بالنتائج التى تمناها أو انتظرها المؤيدون لتلك السياسة، «سياسة الضغوطات القصوى».
لم يكن الإتفاق الموقع في منتصف تموز/ يوليو 2015 بين إيران والمجموعة السداسية الدولية، نتاج توافق دولي يقتصرعلى المحددات والجوانب النووية فحسب، فأبعاده تتجاوز الظاهر منه، إلى تطبيع العلاقات الإيرانية مع الغرب على وجه التحديد.
أما وقد إنقلبت المعادلة، وباتت إيران على مسافة أيام لا بل ساعات، من الخروج من الإتفاق النووي، سارعت إدارة جو بايدن إلى إطلاق دفعة من حسن النيات حيال طهران ولم تمانع بإحياء صيغة "1+5"، بينما بدت أوروبا أكثر تهيباً لفكرة استنفاد الزمن من دون تقديم الإسعافات الضرورية لإنقاذ الاتفاق من "موت معلن"، إذا ما مضت إيران في التحلل التدريجي من مندرجاته. فمن يستطيع أن يتحمل نموذجاً كورياً شمالياً في قلب الشرق الاوسط؟
يتكئ الرئيس الأميركي جو بايدن على توافق دولي يجعله مرتاحا للخطوات البسيطة التي يخطوها باتجاه إيران. الهدف الرئيسي إعادة الفعالية للاتفاق النووي بما يضع البرنامج النووي لطهران تحت نظر المجتمع الدولي بشكل عام، ويسمح بفتح الباب تدريجيا أمام الخطوة التالية على ورقة أولوياته.