
بعد أسبوع على بدء العملية العسكرية التركية في شمال سوريا، ثمة مؤشرات على أنّ من بين نتائجها المحتملة، وربما أهدافها الأصلية، إعادة إحياء وتنشيط التنظيمات الجهادية وعلى رأسها تنظيم "داعش".
بعد أسبوع على بدء العملية العسكرية التركية في شمال سوريا، ثمة مؤشرات على أنّ من بين نتائجها المحتملة، وربما أهدافها الأصلية، إعادة إحياء وتنشيط التنظيمات الجهادية وعلى رأسها تنظيم "داعش".
مع تحرك الجيش السوري بإتجاه بعض مناطق الشمال السوري، باتت الأزمة السورية أمام مشهد يزداد تعقيدا وتتداخل في ميدانه أعلام وقوى وجيوش، لكنه مشهد قد يفضي تدريجياً إلى وضع الأزمة السورية على مسار التسوية، بما يتطابق مع خطط روسيا وطموحاتها.
زيارات مكوكية لوفد روسي رفيع بين دمشق والقامشلي بدأت قبل ثلاثة أيام بحثا عن مخرج يوقف العملية العسكرية التركية ويقطع الطريق على توغلها حتى الحدود المعلنة من قبل انقرة بثلاثين أو اربعين كيلومترا، هذه الزيارات انتهت باتفاق على مفاوضات مباشرة بين الحكومة والاكراد برعاية روسيا بدأت اليوم السبت في العاصمة السورية.
شكل توقيع إتفاقية أضنة في 20 تشرين الأول/ أكتوبر من العام 1998 بين سوريا وتركيا نهاية حقبة من التوتر الشديد الذي ساد بين البلدين خلال ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، وكاد أن يتدحرج إلى حرب، قبل أن تنجح وساطة عربية - إقليمية تولتها حينها كل من جامعة الدول العربية، ومصر، وإيران في لجم التوتر، والتوصل إلى حل سياسي نتج عنه التوقيع على الإتفاقية في مدينة أضنة التركية.
مع انطلاق أولى المقاتلات التركية في مهمة التمهيد الناري للعملية العسكرية التي اسماها رجب طيب اردوغان "نبع السلام"، تكون منطقة شمال سوريا قد دخلت منعطفاً جديدة في بقعة شديدة الحساسية، حيث تتقاطع أجندات إقليمية ودولية متناقضة، ما ينذر بتعقيدات جديدة في المشهد السوري.
تتبدى معالم خرائط جديدة للمنطقة العربية، إما موضوعة في الأدراج أو على طاولة اللاعبين الدوليين. خرائط أمنية وجغرافية وتاريخية وسياسية ومذهبية واقتصادية وأخيرا صاروخية وربما درونية (نسبة لطائرة الدرون).
اتفاق على الهدف واختلاف في الأسلوب. ضمن هذه الثنائية يقارب الأتراك، موالاةً ومعارضةً، العملية العسكرية في الشمال السوري، فيما يبقى الترقب سيد الموقف عند الجميع، خصوصاً حين يتعلق الأمر بالاستثمار السياسي لما يجري عند الحدود في المشهد التركي الداخلي.
انطلقت العملية العسكرية التركية في شرق الفرات السوري بعد تسعة أيام على المهلة التي حددتها أنقرة لحليفها الأميركي كي يفتح الطريق امامها أو يراجع سياسته هناك، فاختار الطريق الأول.
تجتمع دول غير عربية في أستانة (روسيا وإيران وتركيا) لمناقشة ملف عربي، وتجتمع قيادات الأمن القومي (روسيا والولايات المتحدة وإسرائيل) لمناقشة ملف عربي، بينم العرب يغيبون عن قضاياهم، فكيف نستغرب ألا يتعاظم دور تركيا وإيران وروسيا وإسرائيل في المنطقة؟
بإعلان تركيا عن اكتمال الاستعدادات للعملية العسكرية في شمال سوريا، غداة حصولها على ضوء أخضر أميركي، تتأكد مجدداً حقيقة أن منطقة شرق الفرات ستكون الميدان الأخير لتحديد المشهد الإقليمي والدولي، ففيها تتداخل العوامل الأميركية والروسية والتركية والإيرانية، وقد أضيف إليها أخيراً العامل الإسرائيلي، ما يرفع مستوى المخاطر على وجود الدولة السورية، وينذر بتصعيد في المواجهة الإقليمية والدولية على الأرض السورية.