ماذا بعد الدونباس؟ هل تنفتح أبواب التسوية أم تستمر الحرب؟ ما مدى طاقة كييف على تحمل المزيد من الخسائر البشرية والمادية؟ ألم يحن الوقت للولايات المتحدة كي تقتنع بأن الطريق إلى هزيمة روسيا، تنطوي على ثمن أكبر من أن يتحمله الغرب.. ومعه العالم؟
ماذا بعد الدونباس؟ هل تنفتح أبواب التسوية أم تستمر الحرب؟ ما مدى طاقة كييف على تحمل المزيد من الخسائر البشرية والمادية؟ ألم يحن الوقت للولايات المتحدة كي تقتنع بأن الطريق إلى هزيمة روسيا، تنطوي على ثمن أكبر من أن يتحمله الغرب.. ومعه العالم؟
إن أزمة الطاقة الناجمة عن الحرب في أوكرانيا يمكن أن تصبح الأسوأ منذ نصف قرن. لكن الاضطرابات الحاصلة في أسواق الوقود اليوم ليست سوى معاينة للحقبة المضطربة المقبلة. و"الأسوأ لم يأتِ بعد"، بحسب تقرير جديد لـ"الفورين أفيرز".
فى أوضاع قلقة يتقوّض فيها النظام الدولى دون أن تستبين حقائق القوة الجديدة، التى قد تتبدى بعد انقضاء الحرب الأوكرانية، نشأت مخاوف واسعة من انفجارين آخرين محتملين، أحدهما ــ بالقرب من الصين حول مصير «تايوان»، وثانيهما ــ هنا فى الشرق الأوسط بذريعة بناء تحالف عسكرى إقليمى تقوده رمزيا الولايات المتحدة وتقوده فعليا إسرائيل لمواجهة ما يطلق عليه «العدو الإيرانى» المشترك.
كل الطرق إلى إحياء الإتفاق النووي في فيينا بين إيران والقوى الكبرى، تبدو مقفلة حتى هذه اللحظة. إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تشعر أنها إستنفدت ما في جعبتها من تنازلات، في حين أن إيران لم تعد واقعة تحت إلحاح الحاجة إلى رفع العقوبات الإقتصادية، بفضل التعاون الإستراتيجي مع الصين وروسيا.
بعد طول تردد، تبدو أمريكا الآن واثقة بما تفعل وبما تريد منا ومن غيرنا. تبدو واثقة بمعنى أن سياساتها الخارجية صارت تحظى بما يشبه إجماع الداخل.
دخلت الحرب الروسية ـ الأوكرانية الشهر الرابع على التوالي، بصورةٍ تُظهر بوضوح، حالة الاشتباك الدولي المعقد، الذي يؤكد أن أمد الحرب مفتوحٌ، وأن تشديد الخناق السياسي والاقتصادي، الأمريكي والأوروبي، على روسيا، يشكل سياقاً والتزاماً استراتيجياً، وأن الولايات المتحدة ماضيةٌ في البحث عن تحالفاتٍ دولية صلبة ومتينة، وسياسات تمويل متماسكة، ونظم تسليح وتدريب متكاملة، ودعم لوجستي، تكنولوجي واستخباراتي غير محدود، ضد روسيا، ما يدفع لطرح السؤال الآتي: لماذا كل هذا الاستشراس الأمريكي، والتصلب في الموقف الأوروبي في استهداف روسيا؟
أعادت الحرب الروسية-الأوكرانية تشكيل السياسة الخارجية للرئيس الأميركي جو بايدن. ما لم يكن مُتخيلاً قبل 24 شباط/فبراير، بات من الأمور البديهية بعد هذا التاريخ، وفَرضَ الدفاع عن النظام العالمي القائم منذ اكثر من 30 عاماً، مقاربات مختلفة لم تكن في الحسبان عندما دخل بايدن البيت الأبيض رئيساً في 20 كانون الثاني/يناير 2021.
في وقت تبدو الحرب الروسية في أوكرانيا مفتوحة الأفق، ومن دون بروز ملامح عاجلة لإغلاق فوهات المدافع وإطفاء شُهب النار، شرعت هذه الحرب أبواب مضاعفاتها لتشمل فنلندا التي طلبت الإنضمام إلى حلف "الناتو"، وهذا الإضطراب في علاقات روسيا بفنلندا ينعش الماضي الدموي بينهما ويستحضر جحيم حربين وقعتا بين الطرفين في القرن العشرين الماضي، وأدتا إلى هزيمة روسيا في الأولى وإلى إخفاقها في الثانية.
قبيل حرب أوكرانيا، بلغ الإفراط في التأزيم المتبادل والاستثمار في الأزمات بين الدول الكبرى، حداً غير مسبوق من حيث الاتساع والتأثير؛ حيث طفا الغذاء وخطر المجاعة على سطح مجريات الصراعات الدولية.
تتّجه أنظار العالم، لا سيما الإدارة الأميركية، في ذروة ما يحصل من تحولات وصراعات نحو الصين، التي تعدها واشنطن التهديد الاستراتيجي الأكبر لتفوقها وهيمنتها على النظام الدولي.