ما حصل فجر السّابع من تشرين الأوّل/أكتوبر من عام ٢٠٢٣، في ما يُسمّى بغلاف قطاع غزّة: شيء عظيم وعظيم جدّاً. لماذا؟
ما حصل فجر السّابع من تشرين الأوّل/أكتوبر من عام ٢٠٢٣، في ما يُسمّى بغلاف قطاع غزّة: شيء عظيم وعظيم جدّاً. لماذا؟
غزة تاريخ وجغرافيا. طوبوغرافيا وديموغرافيا. غزة هي الناس البسطاء. المقاومون بالفطرة. قاهرة المحتلين وما أكثرهم. موقعها يجعل منها حكاية مفتوحة لا تنطوي أبداً.
الصورة أصدق إنباءً من كل التحليلات. ما حدث في محيط غزة وجرى توثيقه لحظة بلحظة من قبل حركة "حماس" كان بلا شك أكبر عملية إذلال علنية تتعرض لها قوّة عسكرية مسلحة بأفخر وأدق وأقوى أنواع الأسلحة، فضلا عن كونها القوة النووية المسلحة الوحيدة في محيطها.
"حزب الله هو الطرف الذي يجب مراقبته عن كثب لمعرفة التداعيات التي ستؤول إليها عملية طوفان الأقصى بالنسبة لإسرائيل والفلسطينيين والمنطقة ككل". هذا ما يراه مارتن إنديك، عضو مجلس العلاقات الخارجية الأميركية، الذي أكد في حديث مع "فورين أفيرز" أن "النظام الأمني والإستخباراتي في إسرائيل "فشل بالكامل.. والإستخبارات الأميركية أيضاً تتحمل المسؤولية"، وأن إسرائيل في مأزق حقيقي وأمام خيارات أحلاها صعبٌ ومر". وفي ما يلي بعض ما جاء في المقابلة.
لم يكن مفاجئا حصول انتفاضة فلسطينية مسلحة (الانتفاضة الثالثة)، وكنا قد حذرنا منذ عام من الزمن، كما حذر غيرنا، وكررنا ذلك مرارا فى مقالات عديدة أن الانفجار آتٍ وأن الكيل قد طفح. وتكفى شرارة بسيطة لتُحدث الانفجار الذى حصل.
برغم الرقابة العسكرية وإعلان حالة الحرب، لم تستفق إسرائيل من حالة الصدمة التي تسببت بها العملية العسكرية والأمنية غير المسبوقة التي نفذتها حركة "حماس" في مستوطنات غلاف غزة صباح السابع من تشرين الأول/أكتوبر.
حصل ذلك أيضاً في شهر تشرين الأول/أكتوبر، قبل خمسين عاماً بالتحديد، في عام 1973. كانت الجيوش المصرية والسورية قد عبرت خطوط وقف إطلاق النار لتُلحق خسائر فادحة بالجيش الإسرائيلي، فارتجّت تل أبيب لهول ما وقع. فرغم حصول أجهزة استخباراتها على معلومات تفيد بهجوم وشيك، التحفت القيادة السياسية بغطرستها: أنّى للعرب الذين هُزموا في عام 1967 أن يكونوا قادرين على القتال؟ فبالنسبة للإسرائيليين، كان من الممكن أن يستمر احتلال الأراضي العربية دون ردود فعل وإلى أجل غير مسمى.
خطوة جبّارة، لا بل استراتيجية، أن تنتقل المقاومة الفلسطينية من الدفاع إلى الهجوم وأن تُسيطر على مواقع عسكرية ومستوطنات تحوطها معسكرات من كل حدب وصوب. هذا تطورٌ غير مسبوق في تاريخ الصراع الفلسطيني مع إسرائيل.
ليس بالهيّن عليك، وأنت تغرق في كل الوحول السياسية حولك وأمامك وبين ظهرانيك، أن تشهد على انتصار القضية الفلسطينية.
تاريخ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 سيكون تاريخاً تحفظه الأجيال المقبلة، وحتماً سنكون ـ مع الوقت ـ أمام منسوب كبير من المعلومات والمعطيات، تمهيداً لكتابة رواية كاملة لهذا الحدث الفلسطيني غير المسبوق.