
أعاد سقوط النظام السوري بقيادة بشار الأسد تحديد الاتجاهات والأولويات في ما يخص الواقع السياسي اللبناني، كأنّها لعبة الأواني المستطرقة، من بيروت إلى بغداد مروراً بدمشق.
أعاد سقوط النظام السوري بقيادة بشار الأسد تحديد الاتجاهات والأولويات في ما يخص الواقع السياسي اللبناني، كأنّها لعبة الأواني المستطرقة، من بيروت إلى بغداد مروراً بدمشق.
إنّ تقييم نتيجة أي حرب في أي مكان وزمان تعتمد بصورة أساسية على نتائج الحرب، إذ لا يعقل أن يُصار إلى تقييم حدث ما قبل تبلور نهاياته. الحرب التي يشهدها الشرق الأوسط منذ لحظة "طوفان الاقصى" في السابع من أكتوبر/تشرين الأول عام 2023 هي من أعنف وأقسى وأطول الحروب التي شهدتها المنطقة، برغم أنها لم تنته فصولاً وتداعياتها ما تزال مفتوحة على احتمالات شتى.
عندما استولت "هيئة تحرير الشام" بقيادة أحمد الشرع (أبو محمّد الجولاني) وبعض مجموعات المعارضة السوريّة على مدينة حلب وريفها، لم يخطر في بال أحد أنّ نظام بشّار الأسد سينهار بسرعة خرافيّة. فاجأ الحدث السوري العالم أجمع. هل نحن أمام مرحلة إعادة تشكيل الشرق الأوسط من جديد؟ الجواب: نعم ولا وربّما.
رَحَلَت سلطة سوريّة مستبدّة ومجرِمة بحقّ أبناء وطنها وخائنة لمقدّراته إلى غير عودة. لم يكُن لبلدٍ بحجم سوريا وأهميّتها في العالم العربي أن تحكمه أسرة في ظلّ نظامٍ اختاره مواطنوه جمهوريّاً. ولم يكُن لخيارات رئيسٍ أن يأخذ شعب سوريا إلى التشرذم والعوز بدل أن يُوحّده ويحميه، وأن يُضعِف مؤسّسات دولته كي ينهار جيشه بين ليلةٍ وضحاها.
قد تكون سوريا أكبر جائزة جيوسياسية يحصل عليها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان منذ وصوله إلى الحكم قبل نحو ربع قرن. توازن القوى الجديد الذي أعقب سقوط نظام بشار الأسد وانكفاء النفوذين الإيراني والروسي، يمنح تركيا موقع القوة العظمى الإقليمية.
نشر موقع "أوراسيا ريفيو" (Eurasia Review) مقالًا للدبلوماسى البريطانى السابق، أليستير كروك، شرح فيه شكل الخريطة الجيوسياسية الجديدة لمنطقة الشرق الأوسط، بعد شطب سوريا منها ككيان مؤثر كان يشكل توازنا أمام إسرائيل. كما تناول التحركات المستقبلية المحتملة لبعض القوى الإقليمية والدولية مثل روسيا وتركيا وإيران والصين والولايات المتحدة وإسرئيل.
منذ تنفيذ مشروع جمع مقاتلي المجموعات السورية المسلحة في مدينة إدلب غداة تثبيت مناطق "خفض التصعيد" برعاية دول "مسار أستانة" عام 2017؛ بدأت ترتسم سيناريوهات مستقبلية لهؤلاء المقاتلين الذين يزيد عددهم عن ثلاثين ألفاً؛ وتولت دول "المسار" (تركيا وروسيا وإيران) تحييد هؤلاء المقاتلين الموجودين في مدينة محاصرة من الجيش السوري.
الحدث الأهم هذا العام فى الشرق الأوسط تمثل فى السقوط السريع، والمفاجئ للكثيرين بالشكل الذى تم فيه، للنظام السورى برغم أن الكثير من مؤشرات الضعف حول قدرات النظام كانت قد ظهرت قبل ذلك.
مرّ أسبوع على سقوط نظام البعث وآل الأسد في سوريا ولا تزال الأسئلة تتوالد بشأن أسباب الانهيار السريع لهذا النظام الذي حكم سوريا برئيسين فقط على مدى 54 عاماً، كما تتوالد الأسئلة أيضاً عن أبرز الخاسرين وأبرز الرابحين من هذا الانهيار، ولا يقل عنها عدد الأسئلة عن الاتجاه الذي تنحو إليه الدولة السورية الجديدة.
ما تزال الأحداث في سوريا في حالة من التدفق، بحيث يصعُب الخروج بتصور دقيق للمستقبل. إنما الواضح حتى الآن، هو بروز لاعبين جدد في الداخل والإقليم على حساب القوى التي سادت لعقود. وهذا، بدوره، لا بد أن يفرز واقعاً جديداً لهذا البلد المحوري.. وربما لسائر بلدان المنطقة.