برغم أن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، في 19 كانون الثاني/يناير، يُعتبر هشاً لكثرة الضغوط التي يتعرض لها، وقد ينهار خلال أسابيع قليلة، بحسب بعض التوقعات الإسرائيلية، إلا أن الأمر بالنسبة للغالبية العُظمى من الإسرائيليين لا يتعلق فقط بالتوّق لعودة الأمن والاستقرار بقدر ما تعنيه الصفقة بالنسبة لهوية إسرائية المحاصرة. فالقضية الأساس بالنسبة للإسرائيليين- والتي قد لا يفهمها المراقبون الخارجيون جيداً- هي أن تستعيد بلادهم مكانتها كـ”ملاذ آمن لليهود”. هذه الصورة التي حدَّدها الكيان الإسرائيلي لنفسه، منذ تأسيسه في عام 1948، حطّمتها عملية “طوفان الأقصى” كما حطّمت أسطورة “جيش الدفاع الذي لا يُقهر” و”الدولة الأمنية التي يصعب عليها محنة” (…). ومما ساهم في تعاظم صورة الانكسار هذه في عيون الكثيرين من الإسرائيليين طول مدة الحرب، وعجز الحكومة الإسرائيلية عن إنقاذ 251 رهينة – إسرائيليين وأجانب – أسرتهم الفصائل الفلسطينية في غزَّة (…).
لقد قبلت إسرائيل بصفقة ثمنها باهظ جداً، برغم أنها هشَّة ومن غير الواضح كم ستصمد (…)، وقدمت في مقابلها تنازلات بمثابة “معضلة ضخمة” بالنسبة لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو. هو يحتاج إلى شركائه في الائتلاف اليميني المتطرف ليضمن بقاءه في السلطة. وشركاؤه؛ على النقيض من الغالبية العُظمى من الإسرائيليين؛ يعارضون بشدَّة وقف إطلاق النار، ويُهدّدون بالإستقالة إذا لم تتخذ الحكومة قراراً باستئناف الحرب. وإذا ما أُجريت انتخابات تشريعية جديدة مبكرة اليوم، هناك احتمال كبير جداً أن يخسرها نتنياهو.
من جهة ثانية، يتعين على نتنياهو أيضاً أن يتعامل مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب (من المتوقع أن يلتقيا في البيت الأبيض خلال أيام). فالأخير يفرض ضغوطاً هائلة لإنجاز الأمور في إسرائيل والمنطقة على طريقته الخاصة، وقد سبق أن هدَّد بأنه لن يسمح باستمرار الحرب في عهده (…).
لدى ترامب جملة أهداف وخطط وترتيبات إقليمية يريد تحقيقها خلال فترة ولايته. هو يحتاج لأن يصمد وقف إطلاق النار لأطول فترة ممكنة؛ في غزَّة كما في لبنان؛ سواء كانت الأطراف مهتمة بالسلام أم لا. هذا يعني أن ما سيحدث من الآن وصاعداً يعتمد في المقام الأول على رجل البيت الأبيض. ويبدو أن هدفه الرئيسي هو عقد صفقات عسكرية وتكنولوجية بمئات مليارات الدولارات مع السعودية تترافق مع صفقة تطبيع إسرائيلية سعودية، على غرار تلك التي حاولت إدارة سلفه جو بايدن تحقيقها، قبل أن تُجهضها عملية “طوفان الأقصى”، في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023.
نهاية فاشلة للحرب
قصة وقف إطلاق النار طويلة بقدر طول الحرب نفسها. في تشرين الثاني/نوفمبر 2023، أي بعد أقل من شهر على “طوفان الأقصى”، انتبه قادة “حماس” إلى أن العدد الأكبر من النساء والأطفال الذين كانوا بين الرهائن الإسرائيليين يُشكّلون عبئاً عليهم. فقرّروا التفاوض على أول اتفاق لوقف إطلاق النار (بوساطة مصرية- قطرية- أميركية) مقابل إطلاق سراح عدد محدد من المعتقلين الفلسطينيين، معظمهم من النساء والقُصَّر (…).
من الناحية النظرية، كان من المفترض أن يؤدي التبادل الأول إلى مرحلة ثانية بعد 7 أيام، يتم فيها تمديد وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن المتبقين تدريجياً مقابل جني فائدة أكبر من إسرائيل. لكن؛ وعلى عكس توقعات الوسطاء؛ توقفت المفاوضات، وأُستؤنف القتال، ووسَّع الجيش الإسرائيلي اجتياحه البرّي ليطال وسط غزَّة والمناطق الجنوبية من القطاع.
في الأشهر التالية، وعلى الرغم من الجهود المتكررة، انهارت المفاوضات الرامية إلى التوصل إلى اتفاق جديد. وبحلول أيار/مايو 2024، كانت الإدارة الأميركية محبطة للغاية بسبب عدم إحراز الحكومة الإسرائيلية أي تقدم، لدرجة أن الرئيس بايدن اتخذ خطوة غير عادية بإعلانه عن وقف إطلاق النار مقابل “صفقة” قال إنها تمَّت الموافقة عليها سرّاً من قبل إسرائيل. لكن نتنياهو رفض “الصفقة” علناً. (في الواقع، كانت في الأساس الصفقة ذاتها التي وافق عليها الآن). ومع ذلك، ظلَّ بايدن، طوال عامه الأخير في منصبه، يقدم لنتنياهو غطاءً سياسياً وعسكرياً ودبلوماسياً من دون سقوف، وبقي يلقي باللوم على “حماس” (…).
كان العديد من أعضاء فريق التفاوض الإسرائيلي يدركون أن نتنياهو يتعمد تخريب المحادثات كلما اقتربت من الاكتمال، لأنه كان يخشى أن يستقيل شركاؤه في الائتلاف- الوزيران بتسلئيل سموتريتش وإيتامار بن غفير على وجه الخصوص. فإنهيار الحكومة يعني أن نتنياهو نفسه سيصبح رهن الملاحقة القضائية بتهم الفساد الثلاث المرفوعة ضده. لذلك، إستمر في المماطلة، وفضَّل إعطاء الأولوية لبقائه السياسي والشخصي على استعادة الرهائن (…).
بين مطرقة ترامب.. وسندانه
قد يُمثّل اتفاق وقف إطلاق النار نقطة تحول محتملة، لكن إسرائيل ما زالت بعيدة عن الإصلاح بسبب أزمة الثقة التي تعيشها. فالمجتمع الإسرائيلي منقسم بشكل حادّ، وثمة عقبات كبيرة تحول دون إتمام المصالحة الوطنية، أهمها: شخصية نتنياهو، ورفضه السماح بإجراء تحقيق مستقل في الإخفاقات التي أدَّت إلى “طوفان الأقصى”، وعجز حكومته عن الوفاء بوعدها في تحقيق “نصر كامل” على “حماس”.
علاوة على ذلك، قدّمت حكومة نتنياهو تنازلات قاسية كجزء من الصفقة، منها أن جيشها انسحب من ممر نتساريم الأمني الذي أنشأه في وسط القطاع لفصل شماله عن جنوبه، والتزم بالانسحاب من معبر “فيلادلفيا” (يفترض أن يتم ذلك في الأسبوع السابع بعد وقف اطلاق النار)، إلى جانب إطلاق سراح معتقلين فلسطينيين كانت تعتبرهم مصدر تهديد لأمنها القومي. هذه التنازلات أثارت انتقادات شديدة من جانب الأحزاب اليمينية المتطرفة وأنصار نتنياهو الأساسيين على حدٍ سواء، حتى أن البعض وصف الصفقة بـ”الاستسلام المُحرج” (…).
كثيرون فسّروا تهديد ترامب “بفتح أبواب الجحيم” إذا لم تتوقف الحرب على أنه موجه لـ”حماس”.. وربما لمصر وقطر كونهما الوسيطين في المفاوضات. لكن نتنياهو فهم أيضاً أن التهديد رسالة موجهة إليه شخصياً
لكن لماذا قبل نتنياهو بالصفقة التي لم تتغير عن تلك التي طُرحت في العام الماضي؟
الذي تغير هو أن نتنياهو؛ وعلى النقيض من أنصاره المتشدّدين؛ فهم على الفور العواقب المترتبة على عودة ترامب إلى البيت الأبيض بالنسبة لإسرائيل. فمنذ الانتخابات الأميركية، دارت مناقشات حامية بين كبار مساعدي ترامب من جهة، وكبار مساعدي نتنياهو من جهة أخرى- يتقدمهم عضو مجلس الوزراء رون ديرمر (أقرب المقربين إلى نتنياهو) الذي تنقل بين تل أبيب وواشنطن ومنتجع ترامب عدة مرات.
وبينما احتفل أنصار نتنياهو بتعيين حلفاء من اليمين المتطرف في مناصب رفيعة المستوى في واشنطن، ركّز نتنياهو وديرمر على أولويات ترامب. فقد أدركا أن العديد من مستشاري الرئيس الأميركي لديهم أيضاً ميولهم الانعزالية ويتبنون وجهة نظر متشكّكة بشأن التدخلات العسكرية. كما أن ترامب نفسه صرَّح، مراراً وتكراراً، قبل انتخابه وبعد، أنه ينوي إنهاء الحروب، وأنه لا يرغب في أي حروب جديدة.
في حالة إسرائيل، كان الهدف العاجل لترامب هو وقف فوري للحرب في غزَّة كجزء من صفقة الرهائن. ومع اقتراب يوم التنصيب، ألحَّ، مراراً وتكراراً، على إتمام الأمر؛ حتى أنه هدَّد “بفتح أبواب الجحيم” إذا لم يتم تلبية طلبه. في إسرائيل، فسَّر كثيرون هذا “التهديد” على أنه موجه لـ”حماس”- وربما لمصر وقطر أيضاً (الوسيطان في المفاوضات). لكن نتنياهو فهم أيضاً أن التهديد رسالة موجهة إليه شخصياً.
مصادر إسرائيلية وصفت اجتماع ويتكوف مع نتنياهو في القدس بمشاهد من فيلم “العرّاب”
بحلول نهاية كانون الأول/ديسمبر الماضي، توصل ترامب وبايدن إلى تفاهم غير عادي بشأن غزَّة: ستعمل الإدارتان (السابقة واللاحقة) معاً لتحقيق وقف إطلاق النار قبل 20 كانون الثاني/يناير (موعد تنصيب ترامب). من هذه النقطة، استؤنفت المفاوضات في الدوحة بشكل مكثف. وفي انحراف غير عادي عن البروتوكول المُعتاد لإدارة أميركية لم تتول السلطة بعد، انضم إلى المحادثات مبعوث ترامب المعين إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، الذي “بمجرد دخوله الغرفة اكتسبت المفاوضات زخماً”، بحسب إسرائيليين شاركوا في المفاوضات (…).
“العرّاب” في القدس
أمرٌ آخر غير عادي حدث يوم الجمعة 10 كانون الثاني/يناير: اتصل ويتكوف من الدوحة بنتنياهو، وطلب عقد اجتماع طارئ وعلى وجه السرعة، صباح السبت، 11 كانون الثاني/يناير، في القدس. حاول نتنياهو تأجيل الموعد، فهو نادراً ما يعقد اجتماعات يوم السبت، كما أنه ما يزال يتعافى من جراحة البروستات. لكن ويتكوف أصرَّ، ولم يتمكن نتنياهو من التملص منه. مصادر إسرائيلية وصفت ذلك الاجتماع بعبارات مبالغ فيها، وشبهته بمشاهد من فيلم “العرّاب”. فلم يكد يحل مساء السبت، حتى سارع نتنياهو للإيعاز لكبار مسؤوليه (رئيس “الموساد” ديفيد برنياع، ومدير “الشاباك” رونين بار، ومنسق لجنة الأسرى والمفقودين في الجيش اللواء نيتسان ألون) بالسفر إلى قطر على وجه السرعة. وكانت هذه المرة الأولى منذ أشهر التي يمنحهم فيها تفويضاً واسعاً للتفاوض. وبعد ثمانية أيام فقط، تم توقيع اتفاق وقف إطلاق النار، في 19 كانون الثاني/يناير.
برغم التنازلات الكبيرة التي قدّمها، لم يناقش نتنياهو الاتفاق علانية مع الجمهور الإسرائيلي. وبدلاً من ذلك، يواصل إرسال رسائل متضاربة إليهم. فلطالما كانت سياسته تعكس مخاوفه. وهذه المرة، يجد نفسه بين نارين: ضغوط ترامب من جهة، وتهديدات اليمين المتطرف بتفكيك حكومته من جهة ثانية.
يتعرض نتنياهو للابتزاز من بن غفير وسموتريتش، اللذين يشترطان عليه إيقاف العمل باتفاق وقف النار واستئناف الحرب مقابل عودتهما إلى الائتلاف. ففي اليوم التالي لدخول الاتفاق حيز التنفيذ، صرح سموتريتش في مقابلة إذاعية، قائلاً “إن بايدن سلَّم نتنياهو خطاباً يسمح لإسرائيل باستئناف الحرب في اليوم الـ 43 من الاتفاق إذا فشلت مفاوضات المرحلة الثانية”. وعلّق الصحافي الإسرائيلي أمير تيبون على الموقف بالقول: “نتنياهو يخدع ترامب، ويستعد لتخريب الاتفاق بطريقتين: تأخير مفاوضات المرحلة الثانية، أو التصعيد في الضفة الغربية”.
وبالفعل، اقتحم إسرائيليون متطرفون قرى فلسطينية في الضفة الغربية وحرقوا ممتلكات الأهالي، احتجاجاً على إطلاق سراح معتقلين فلسطينيين. ويتوقع جهاز الأمن الداخلي (شين بيت) أن يواصل هؤلاء هجماتهم بهدف إفشال الاتفاق. كما ساهم وزير الدفاع، إسرائيل كاتس (الذي يُنظر إليه على أنه دمية في يد نتنياهو) في تأجيج التوترات عندما أطلق سراح العديد من المستوطنين اليمينيين المتطرفين من الاعتقال الإداري.
وبدوره، يرى ديفيد ماكوفسكي، المحلل السياسي في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، والمراقب المخضرم لنتنياهو، أن الأخير سيحاول إيجاد حل وسط، “سيحاول إقناع ترامب بمنحه بضعة أسابيع أو أشهر أخرى لاستكمال العملية العسكرية ضد حماس، ثم سيعتمد على تشتيت انتباهه بأمور أخرى”.
نارٌ تحت الرماد
إستعراض القوة الذي نظّمته “حماس” أثناء إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين الثلاثة الأوائل (رومي جونين، وإميلي داماري، ودورون) أمام الكاميرات، وشاهده مئات ملايين الناس في شتى أنحاء العالم، يعني أن الحركة ما زالت تحتفظ بجزء مهم من مسؤولياتها المدنية وقدراتها العسكرية، برغم الضربات القاسية التي تعرضت لها (…). والاتفاق الحالي، إذا صمد، قد يسمح لـ”حماس” بالبقاء على قيد الحياة على الرغم من وضعها الضعيف، وقد تستعيد السيطرة على القطاع بسرعة.
ومع ذلك، لا يمكن القول إن نتنياهو وحده مَنْ قدّم تنازلات (قدمها تحت تهديدات ترامب). لقد استنفدت الحرب المدمرة سكان غزَّة: أكثر من 47 ألفاً لقوا مصرعهم (ربما يكون الرقم النهائي أعلى بكثير). أكثر من 70% من المنازل تحولت إلى خراب. نحو 90٪ من الغزاويين نزحوا من منازلهم وأجبروا على العيش في خيام. انقطعت المساعدات الإنسانية والطبية إلى حد كبير عن المدنيين لأشهر طويلة.
كما أن “حماس” خسرت مصادر الدعم الخارجي، بسبب ما تعرض له حزب الله (حليفها الإقليمي) وإيران (راعيتها)، و”محور المقاومة” ككل بسبب انهيار نظام بشار الأسد في سوريا (…). الأمر الأقل وضوحاً هو إلى متى ستبقى “حماس” قادرة على التوفيق بين أولوياتها والضغوط التي تتعرض لها؟
حسابات اليمين الأميركي
مع وجود خططه الخاصة للمنطقة على المحك، من غير المرجح أن يقف البيت الأبيض في عهد ترامب مكتوف الأيدي. وبالفعل، بدأت قائمة أمنيات ترامب تتشكل: الهدوء الطويل الأمد في غزَّة، صفقة مع الرياض، التطبيع بين إسرائيل والسعودية، وإذا أمكن، التوصل إلى اتفاق بخصوص النووي الإيراني. سيجدّد ترامب سياسة “الضغط الأقصى” على طهران، ومن غير المرجح أن يدعم ضربة استباقية على المنشآت النووية الإيرانية، كما يأمل نتنياهو وأعضاء ائتلافه.
نتنياهو يخدع ترامب، ويستعد لإفشال وقف إطلاق النار بطريقتين: تأخير مفاوضات المرحلة الثانية، أو التصعيد في الضفة الغربية، حسب الصحافي الإسرائيلي أمير تيبون.
ولكن بدلاً من ذلك، من المرجح أن يسعى ترامب إلى الاستفادة من تنسيقه الوثيق مع نتنياهو، وربما إمداد القوات الجوية الإسرائيلية بالذخائر الدقيقة، للإشارة إلى الإيرانيين بأنهم سيكونون في وضع أفضل إذا تنازلوا ووقعوا على اتفاق نووي جديد، حتى وإن كان أكثر قسوة من اتفاق عام 2015. ومن المرجح أن يكون لتحرك ترامب دافع آخر يتعلق بطبيعته التنافسية وازدرائه لأسطورة الرئيس باراك أوباما (راعي اتفاق 2015).
الواقع أن أحد مكونات الإطار الناشئ الذي يطرحه ترامب، وهو إنهاء الحرب في غزَّة، سيكون من الصعب على أقصى اليمين في إسرائيل قبوله. وإذا تحرك نتنياهو قدماً في تنفيذ المرحلة الثانية من الصفقة، بما في ذلك الانسحاب الكامل من القطاع، فمن المرجح أن تسقط حكومته. وحتى إذا نجت بطريقة أو بأخرى، بأعجوبة، لبضعة أسابيع أخرى (حتى نهاية آذار/مارس) فمن المرجح أن تنهار بسبب الأزمة السياسية الناشئة بشأن الجهود الرامية إلى إعفاء المتدينين المتطرفين (الحريديم) من الخدمة العسكرية الإلزامية.
ومن الناحية النظرية، قد يقرر نتنياهو التحول سياسياً نحو الوسط الإسرائيلي، والاستفادة من ترامب، وإعلان أنه الوحيد القادر على تحقيق اتفاقيات تاريخية مع الحفاظ على أمن إسرائيل. سيحتاج إلى محاولة كل هذا في حين تستمر محاكمته بتهمة الفساد في الخلفية وينمو تهديد آخر لمستقبله ــ حملة من جانب أسر الجنود الذين قتلوا في عملية “طوفان الأقصى” لإنشاء لجنة تحقيق مستقلة حول فشل الحكومة في منع “المذبحة”.
بعبارة أخرى، ستُجبر نهاية الحرب الإسرائيليين على الاعتراف بأن حكومة نتنياهو اليمينية قد فشلت تماماً منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر، برغم الحرب الوحشية التي أدارتها على مدى 15 شهراً (…). ويبدو أن العام المقبل لن يكون أكثر هدوءاً في إسرائيل (…).
– ترجمة بتصرف عن “فورين أفيرز“.
(*) عاموس هرئيل، محرر الشؤون العسكرية في صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية.