
من المُحتمل جدّاً أن تدخلَ الجمهوريّة الفرنسيّة في أزمة نظام حقيقيّة في اليوم التّالي للانتخابات التّشريعيّة المُبكّرة ذات الدّورة الأولى الحاصلة غداً (الأحد).
من المُحتمل جدّاً أن تدخلَ الجمهوريّة الفرنسيّة في أزمة نظام حقيقيّة في اليوم التّالي للانتخابات التّشريعيّة المُبكّرة ذات الدّورة الأولى الحاصلة غداً (الأحد).
هنيئاً لفرنسا هذا الخراب السياسي. عاصمة "الحرية والمساواة والعدالة" تتراجع وتترهَّل. قريباً، تقترب من العالم الثالث. مبادئ الثورة الفرنسية، لم تعد صالحة لدولة رهنت وجودها، إلى قيم رائعة، ومارست بكل فصاحة، القتل، الاستعمار، الاستبداد والتمييز. كانت فرنسا الثورة، أمثولة تحتذى. حرام. أشفقوا عليها. ساعدوها كي لا تتطرف في عنصريتها وتفوقها اللاأخلاقي. صورة فرنسا الحريات، تهلهلت. من سرّع هذه الإنعطافة هو جلالة "الأمير الصغير" إيمانويل ماكرون وحاشيته المبتذلة.
كثيرون حذّروا، وحذّرنا، من أن منطق الحرب الباردة الذى طبع النظام الدولى بعد الحرب العالمية الثانية، وسقط مع سقوط الاتحاد السوفياتى، ومع التداعيات التغيرية الكبرى لذلك السقوط، آخذ بالاستقرار كسمة أساسية تطبع النظام الدولى الجديد. نظام ما زال فى طور التشكل ولم تستقر قواعده بعد، والعالم ما زال فى حالة انتقالية توصف بنظام «ما بعد بعد الحرب الباردة». أحداث ثلاثة مؤخرًا تؤكد ذلك.
تتناثر نذر الحرب على لبنان، كأنها مقدمات لحرب إقليمية واسعة عواقبها «مدمرة» على ما يقول الأمريكيون. وحسب الجيش الإسرائيلى فإن قواته استكملت جاهزيتها والخطط العملياتية جرى التصديق عليها بانتظار أمر الهجوم الواسع على جنوب لبنان.
عظمة أمريكا كانت وما تزال باحتضان المهاجرين الذين يتدفّقون إليها سنويّاً بعشرات الآلاف، ومعظمهم من المتعلّمين الذين يُثرون مؤسساتها وشركاتها وجامعاتها ومصانعها ومصارفها وإعلامها، وبالتالي يُساهمون في توطيد هيمنتها على العالم. ومع ذلك، يستمرّ الحديث عن "خطر" المهاجرين، في خطاب شعبوي هو مزيجٌ من الهوس المرضي (فردي وجماعي) والعنصريّة والدجل السياسي الخبيث!
لا شكّ أنّ الحريّات، الفردية والجماعية، قيمة إنسانيّة سامية. إنّها طموح جميع المجتمعات البشريّة بمعنى ألاّ يستبدّ أحداً بقرارات وخيارات هذه المجتمعات. ولا تنحصر الديموقراطية فقط بإجراء انتخابات "حرّة"، بل هي أوّلاً وأساساً صون هذه الحريّات.
فى العديد من القضايا الداخلية كما فى الأمور الخارجية، يعود الرئيس الروسى فلاديمير بوتين ببلاده إلى الماضى السوفييتى الذى يقيمه بإيجابية لا تختزله فى النهاية الحزينة حين تفكك اتحاد الجمهوريات السوفييتية الاشتراكية فى ١٩٩١.
"ليس الاستعمار مجرد مسألة قهر، إنه بطبيعته مسألة إبادة ثقافية. فلا يمكن للاستعمار ان يأخذ مجراه بدون تصفية سمات المجتمع الأصلي" (جون بول سارتر).
يتعالى الحُكّام على شعوبهم. افترضوا أنهم يحكمون مجتمعات يتآكلها الفقر والمرض، وأن الحداثة تقتصر عليهم وعلى حاشيتهم. أطلقوا برامج تحديث من فوق. تجاهلوا أن مجتمعاتهم أكثر حداثة منهم، وأن توقها للحرية يفوق كل اعتبار، وأن قمعهم لشعوبهم واضطهادهم لها ليس له ما يبرّره إلا التسلّط والتعالي. انفكت عرى التفاهم مع شعوبهم وصار الواحد منهم لا يختلط بالناس ولا يظهر في المناسبات إلا خطيباً من وراء الستار.
يشغل بالي، وبال كثيرين على ما أتصور وأتمنى، حال عالمنا العربي. كان الرأي قد استقر لفترة طويلة على أن دول العالم العربي قرّرت منذ مرحلة مبكرة أن يجمعها نظام إقليمي خاص بها يحمي استقلالها الوليد من الذوبان في نظام أوسع ويوفر لها فرصة توليد طموحات قومية لن يُوفّرها انضمامها إلى تجمعات تتكوّن على أسس أخرى.