ماذا بعد الدونباس؟ هل تنفتح أبواب التسوية أم تستمر الحرب؟ ما مدى طاقة كييف على تحمل المزيد من الخسائر البشرية والمادية؟ ألم يحن الوقت للولايات المتحدة كي تقتنع بأن الطريق إلى هزيمة روسيا، تنطوي على ثمن أكبر من أن يتحمله الغرب.. ومعه العالم؟
ماذا بعد الدونباس؟ هل تنفتح أبواب التسوية أم تستمر الحرب؟ ما مدى طاقة كييف على تحمل المزيد من الخسائر البشرية والمادية؟ ألم يحن الوقت للولايات المتحدة كي تقتنع بأن الطريق إلى هزيمة روسيا، تنطوي على ثمن أكبر من أن يتحمله الغرب.. ومعه العالم؟
دخلت الحرب الروسية ـ الأوكرانية الشهر الرابع على التوالي، بصورةٍ تُظهر بوضوح، حالة الاشتباك الدولي المعقد، الذي يؤكد أن أمد الحرب مفتوحٌ، وأن تشديد الخناق السياسي والاقتصادي، الأمريكي والأوروبي، على روسيا، يشكل سياقاً والتزاماً استراتيجياً، وأن الولايات المتحدة ماضيةٌ في البحث عن تحالفاتٍ دولية صلبة ومتينة، وسياسات تمويل متماسكة، ونظم تسليح وتدريب متكاملة، ودعم لوجستي، تكنولوجي واستخباراتي غير محدود، ضد روسيا، ما يدفع لطرح السؤال الآتي: لماذا كل هذا الاستشراس الأمريكي، والتصلب في الموقف الأوروبي في استهداف روسيا؟
في وقت تبدو الحرب الروسية في أوكرانيا مفتوحة الأفق، ومن دون بروز ملامح عاجلة لإغلاق فوهات المدافع وإطفاء شُهب النار، شرعت هذه الحرب أبواب مضاعفاتها لتشمل فنلندا التي طلبت الإنضمام إلى حلف "الناتو"، وهذا الإضطراب في علاقات روسيا بفنلندا ينعش الماضي الدموي بينهما ويستحضر جحيم حربين وقعتا بين الطرفين في القرن العشرين الماضي، وأدتا إلى هزيمة روسيا في الأولى وإلى إخفاقها في الثانية.
قبيل حرب أوكرانيا، بلغ الإفراط في التأزيم المتبادل والاستثمار في الأزمات بين الدول الكبرى، حداً غير مسبوق من حيث الاتساع والتأثير؛ حيث طفا الغذاء وخطر المجاعة على سطح مجريات الصراعات الدولية.
تضغط روسيا على جبهة الدونباس لتحقيق إختراق عسكري تضعه على طاولة المفاوضات، عندما يحين الحوار الجدي مع كييف ومن خلفها الغرب.
لم أتفاجأ بالسؤال ولا بالإجابة. المسرح معد ومكتمل وصفحات السيناريو مفتوحة لمن يريد أن يقرأ ليعرف ولمن يريد أن يقرأ ليؤدي الدور المكتوب.
إذا ما غابت فرص انفساح الأفق على التسويات السياسية للحرب الأوكرانية، فإن الفوضى سوف تضرب النظام الدولى كله، أو ما تبقى من أطلال تشير إليه.
قدمت حكومتا السويد وفنلندا طلبين رسميين للإنضمام إلى منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو). واعتباراً من الآن، من المتوقع على نطاق واسع أن يصبح البلدان العضوين الـ31 والـ32 في التحالف العسكري الغربي. ومع ذلك، هناك شكوك تتعلق بما إذا كان البلدان سيكونان أكثر أماناً واستقراراً داخل "الناتو". وهناك أيضاً سؤال مفصلي وهو كيف سيتأمن ذلك إذا لم يتم الإجماع، وهو شرط أساسي لقبول عضو جديد، بالنظر إلى موقف تركيا التي تهدد باستخدام حق النقض؟
لفهم الوضع الحالي في أوكرانيا، يجب أن نفهم الدور المركزي الذي تلعبه الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (الناتو) في الصراع الدائر هناك منذ البداية، أي منذ أن خطَّطت واشنطن وأدارت ما يُعرف بـ"ثورة الميدان الأوروبي" (الإنقلاب الأوكراني) في عام 2014، حتى بدء العملية العسكرية الروسية في شباط/فبراير الماضي.
منذ بدء الهجوم الروسي على أوكرانيا في 24 شباط/فبراير الماضي، تنتظر تركيا وإسرائيل، على حافة النهر، مجرى الحرب للإستفادة من الوقائع الجيوسياسية الجديدة التي لا تلقي بثقلها على الحدود الأوروبية الآيلة إلى التبدل فحسب، بل إن تردداتها تطاول الفضاءات الأقرب إلى أوروبا ومنها الشرق الأوسط.