للمرة الأولى في تاريخ الحكومات اللبنانية يلتفت أحد رؤساء الحكومة إلى فقرات مجهولة من المادة 64 من الدستور التي لم تنل أيضاً نصيباً في مناقشات مجلس النواب عند إقرار التعديلات الدستورية في العام 1990 حيث صُدّقت هذه المادة من دون نقاش.
للمرة الأولى في تاريخ الحكومات اللبنانية يلتفت أحد رؤساء الحكومة إلى فقرات مجهولة من المادة 64 من الدستور التي لم تنل أيضاً نصيباً في مناقشات مجلس النواب عند إقرار التعديلات الدستورية في العام 1990 حيث صُدّقت هذه المادة من دون نقاش.
كلما اقتربت لحظة انتهاء ولاية الرئيس اللبناني العماد ميشال عون، تتكثف سياسة "الغموض البناء" التي يعتمدها الفريق الرئاسي، فلا يُعرف إذا كان "الجنرال" سيغادر القصرفي حال لم تتشكل حكومة جديدة، ولا يُعرف إذا كان سيبقى في أجنحة القصر وأروقته إذا تعثرت عملية التشكيل.
لا يُشبه هذا الخميس الغاضب إلا أصحابه. تجهمٌ مكشوفٌ بحسابات سياسية، مُضمَرة ومُعلنة.. أما "الغلابى"، فلا سند لهم إلا بيوتهم وعائلاتهم.. وللأسف، شاشات صغيرة أو كبيرة وغضب مكبوت لا يعلم إلا الله متى ينفجر وفي أي إتجاه وماذا ستكون تداعياته.
يمكن الاشارة الى ملاحظتين بديهيتين للإستنتاج ان السعودية لن تقدم اي مساعدات مالية او اقتصادية للبنان بعد تشكيل حكومته الجديدة برئاسة نجيب ميقاتي. ما هما؟
لا أحد يحسد حكومة نجيب ميقاتي على المهمة الأصعب في تاريخ لبنان الحديث، بإمساكها كرة نار أزمة وجودية غير مسبوقة، يدرك الجميع صعوبتها، وبالتالي، يُسجل لرئيسها ولها، جرأة تحمل المسؤولية.. ويبقى الحكم على النتائج رهناً بالبيان الوزاري وتنفيذه.
أما وأن حكومة نجيب ميقاتي الثالثة قد أبصرت النور، فإن المعنى الأكبر لهذه الولادة الحكومية، بعد طول مخاض وإنفجار وإنهيار، أن لبنان ما زال ساحة لا يمكن أن يصادرها لاعب محلي أو إقليمي أو دولي وحده، وإذا عُقدت التسويات الكبرى في الإقليم كان أول المستفيدين وإذا إحتدم الإشتباك بين اللاعبين الكبار "بيروح البلد فرق عملة" على حد تعبير أحد القادة السياسيين.
وصول نجيب ميقاتي إلى الرئاسة الثالثة جاء إثر محنتين سياسيتين تشابهتا بظروفهما من دون أن تتماثلا في النتائج. الأولى، كانت غداة إغتيال رفيق الحريري عام 2005؛ الثانية إثر ما أُشتُهرت بـ"حكومة القمصان السود" عام 2011 يوم دخل سعد الحريري إلى البيت الأبيض ليجتمع بالرئيس الأميركي آنذاك باراك أوباما ويخرج رئيساً سابقاً للحكومة بفضل الثلث المعطل الذي جرى تثبيته في الدوحة.
لولا مؤتمر الجوار العراقي، لكان إعتذار نجيب ميقاتي عن التأليف الحكومي صار أمراً واقعاً، بخلاف ما أعلنه الرئيس المكلف عبر قناة "الحدث" من أن الإعتذار "ليس على أجندته". حقيقة الأمر أن الديبلوماسي الفرنسي باتريك دوريل تمنى على ميقاتي تأجيل خطوته أياماً قليلة، بسبب إنشغال الفريق الرئاسي الفرنسي برحلة إيمانويل ماكرون العراقية التي تنتهي هذه الليلة. الفرصة الحكومية تضيق ولا يفصلنا عن الإعتذار سوى بضعة أيام.
أدى إعلان الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، عن إنطلاق أولى السفن الإيرانية المحملة بالمحروقات لمصلحة المستشفيات والأفران اللبنانية، وإعتباره السفن المحملة بالنفط "أراضٍ لبنانية"، إلى خلط أوراق ربطاً بمعادلات الإقليم السياسية والعسكرية والغازية.
هذه هي المرة الاولى منذ تشرين الأول/أكتوبر 2016، التي يخوض فيها رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف غمار تأليف حكومة جديدة بروحية التوافق إنسجاماً مع مقتضيات الدستور من جهة وإستثنائية اللحظة اللبنانية من جهة ثانية.