
بالأمس كان الغد، وكانت سبقته أمسيات الأمس تباعاً، فتكاثر الغد المأفول برجع زمني كنقطة صفر. كنقطة بداية يعوزها الامتداد.
بالأمس كان الغد، وكانت سبقته أمسيات الأمس تباعاً، فتكاثر الغد المأفول برجع زمني كنقطة صفر. كنقطة بداية يعوزها الامتداد.
"الزمن هو أعظم الكتّاب، لأنّه يكتب دائماً أعظم النهايات"... هكذا كان يرى "عبقري السينما" شارلي شابلن، إلى العلاقة الإشكالية بين الزمن والتاريخ في حياة الأمم. شابلن، الذي وُرِي الثرى في سويسرا قبل نحو نصف قرن، بحضور أكثر من عشرين رئيس دولة، قارعه الأميركيون طوال حياته تقريباً، واتّهموه بمعاداتهم ونفوه من بلادهم. فأفلام شابلن، كانت مرآةً تعكس المعاناة الإنسانية من خلال الكوميديا، وتنتقد بقسوة السلطة وأرباب العمل والبورجوازية والنظام الرأسمالي اللاهث للسيطرة على كلّ مقدّرات الحياة، عبر تجريد الفرد من إنسانيته واستلابه أمام الآلة وتكريس كلّ نشاطٍ بشري (وغير بشري) لمصلحة الربح المالي المفرط.
لا تعلم "ناجين" ولا ابنتها "فاتو" متى بدأ ذلك الرّوتين المسائي المحبط، ولكنّهما كانتا تنخرطان فيه مع الآخرين مع غروب شمس كلّ يوم. كان الجميع يجتمعون ليطّلعوا، بقلوب مرتجفة، على الخطّ البياني لعدد ضحايا ذلك اليوم. وكما في كلّ مرّة، ومنذ زمن طويل، لم تكن هناك إلّا الأخبار السيّئة: الخسائر لا تتوقّف والخطّ البياني يكاد يصبح عموديّا مع الوقت. وبعد ليلة أخرى مليئة بالكوابيس، ينخرط الجميع في جهد سيزيفي لإيقاف النّزيف و"تسطيح المنحنى". ولكن لا شيء يتغيّر وتتواصل المأساة الّتي بدأت منذ أكثر من قرن.
بعد انتهاء أزمة الكورونا سيواجه الاتحاد الأوروبي صعوبة في ترميم صورته التي تهشّمت، ووحدته التي تضعضعت.
يهتزّ العالم برمتهِ على وقع الإيقاع المتسارع لانتشار فيروس كورونا (كوفيد- 19)، ففضلاً عن الخسائر البشريّة الفادحة (عدد الإصابات يقترب خلال أيام من رقم المليون حالة)، ثمة خسائر اقتصاديّة متلاحقة.
إشتباكات بالجملة يشعلها رئيس مجلس النواب نبيه بري مع حكومة حسان دياب. آخرها موضوع المغتربين الراغبين بالعودة إلى لبنان، ربطاً بحماية أفضل قد يوفرها لهم بلدهم من فيروس كورونا.
يبدو الزمن الكوني اليوم على مفترق حاسم.. هناك إشارات يصعب التغاضي عنها تدل على الصين بوصفها قد تكون الطريق الأكثر أماناً نحو المستقبل البشري الجامع. أمكن للأداء اللافت للإنتباه الذي مارسته بلاد النهر الأصفر حيال تحدي كورونا أن يكسر الكثير من المسلمات بشأن أية قوة دولية يسعها، أو ربما يجدر بها، أو يتعين عليها، أن تقود العالم.
إذا كانت محنة وباء الكورونا العالمية تعيد إظهار حقائق مختلفة وتقلب المعادلات في العلاقات الدولية والإقليمية، على ما أظهره التخلي الأوروبي والأميركي عن إيطاليا المنكوبة، فكيف الحري بلبنان العابر من محنةٍ إلى أخرى؟
ليس من المبالغة وصف جائحة كورونا بأنها التحدي الأكبر الذي يواجه النظام الدولي منذ الحرب العالمية الثانية، بل يذهب الكثير من المفكرين والباحثين والعلماء إلى أنها تمثل التحدي الأكبر للحضارة البشرية ككل، وليس للنظام الدولي ونمط اقتصاده وتجلياته الاجتماعية والسياسية فحسب.
ما لم تكن السياسة كافية لفعله، ها هو فيروس كورونا (كوفيد ـ 19)، يوفّر لأهل السياسة الذريعة والحافز لفعله. النموذج هو الإتصال الذي أجراه ولي العهد الإماراتي محمد بن زايد بالرئيس السوري بشار الأسد، أمس (الجمعة)، وأبلغه فيه أن سوريا "البلد العربي الشقيق لن يكون وحده في هذه الظروف الدقيقة والحرجة".