سوريا.. وطنٌ يُستعاد أو حرب تُستأنف على غير وجه!

يُحسب لهيئة تحرير الشام بقيادة أحمد الشرع أنها ملأت الفراغ الذي تركه النظام البائد، حين انهار بدون مقاومة منخوراً من الداخل، فحقنت دماء المواطنين المهدورة بالمجان على مدى أكثر من عقد.

مع سقوط النظام البعثي، هلّل الشعب السوري بمجرد سماعه بفرار رأس الدولة، ثم هزج عندما سمع مدير العمليات العسكرية يؤكد عزمه على الحفاظ على السلم الأهلي. إنّها لَحظةٌ ارتقت إلى رمز تاريخي جامع، فيها استعاد أحمد الشرع، بحدس المواطن وبديهته، الكلمة البكر التي صدرت عن الحراك الشعبي بداية عام ٢٠١١، بوحي من شبيبته، ذكوراً وإناثاً، مدويّة بالوحدة والألفة: «واحد، واحد، واحد، الشعب السوري واحد». الكلمة البكر، منذ البدايات، تصدر عن الشعب، قبل السياسيين والمثقفين وأولياء الأمر من مدنيين ودينيين، بوحي من إحساسه بالتاريخ المشترك ومن خفقة في القلب، قبل أن تكون تحليلاً عقلانياً بارداً. إنّها كلمة البدء، وقديماً قيل :«في البدء كانت الكلمة». تلك لحظة الحراك الأولى قبل أن تتحوّل إلى حرب قد تكون الأشرس بين الحروب الأهلية منذ الحرب الأسبانية عام ١٩٣٦. لم ينتصر فيها إلا الموت، كما حذّرنا قبل اندلاعها. وإننا لعلى يقين من أن أحمد الشرع، وهو يستدعي تلك اللحظة التاريخية، تسنّى له فعلا أن يعانق أماني الشعب ويدخل التاريخ من أوسع أبوابه، إذ فتح الطريق إلى استعادة وطن اختلسه من شعبه نظام شرير، ما زلنا نحاربه منذ أن بدأت مخططاته تظهر إلى العلن، بُعيد حرب تشرين ١٩٧٣، على اعتبار مؤسسه وجهاً «لعبقرية الشر». وهل ننسى أن آخر مخازيه تتمثل بإباحته حدود الوطن لعدو لئيم استباح سماءه وترابه وماءه.

***

لا يتوقع أحدٌ أن تتمكن القيادة الوافدة من تحقيق الآمال المعقودة عليها بطرفة عين. ولكن، لأمر ما، بدت القرارات وبعض التصرفات والتعيينات الصادرة وكأنها تجافي النوايا المعلنة، بل وتنبثق من منطق آخر أقرب إلى منطق الحرب التي أرادها النظام ليُبرّر أمام العالم قمعه الوحشي، كما كان بعض “الإخوان” يعدون لها العدّة منذ مجازر حماه عام ١٩٨٢. فانخرط آنذاك عدد كبير من جيل الحراك وراء “المجلس الوطني”، إيماناً منهم بأنه المؤتمن على الوديعة أو باعتباره التنظيم الوحيد القائم بدعم إقليمي ودولي. والتحق به “الجيش الحر” الذي ما عتم أن أُفرغ من مضمونه الوطني بقرار من داعمي المقاومة. فيما ارتمى النظام في أحضان غرباء آخرين، قادمين من الشرق، دفاعاً عن مصالحه. فراحت شبيبة الحراك تفنى فوجاً تلو آخر في مواجهة النظام أو في صراعات بين القوى الإيديولوجية المهيمنة، من الجناح المتطرف لدى “الإخوان المسلمين” إلى الحركات الجهادية المنبثقة عن “القاعدة” أو مجموعات “داعش” الظلامية. وهكذا، تحول الصراع شيئاً فشيئاً، من حرب على النظام إلى حرب أهلية (ولكل حرب أهلية خصوصياتها) ماحقة. والموت ينتصر في حمأة سكرة حمراء، بحيث أصبح السوريون غرباء في بلدهم، يهجرونه أفواجاً ليفلتوا من قبضة الغاشم ومن الجوع المتفشي، وهرباً من حرب همجية أصبحوا لها وقوداً.

إن منتهى آمالنا أن يطمئن إخواننا الوافدون مع قائد العمليات العسكرية إلى احتضان الشعب لهم حالما استبشر بإمكانية استعادة الوطن، ليعودوا هم أيضاً إلى دفء الوطن بحضارته الأخوية المعهودة. وأفظع ما نخشاه في أعتى كوابيسنا هو أن يتشبثوا بإيديولوجيات آبدة، ينكرها الدين الحنيف نفسه، فيتجاوزوا الشعب ويتنكّروا للشعلة التي اهتدت بها الشبيبة في حراكها البكر

***

من الواضح أن الحراك السلمي كان يسير بهدي مبادئ أساسية واضحة المعالم، ترسم في الواقع الخطوط الرئيسية لبرنامج عمل يلتقي عنده الجميع. خطوطٌ يمكن تلخيصها بكلمات أربع: الحرية، وحدة الوطن، العدالة، أما رابعها فتقول بالمساواة بين الرجل والمرأة. كلمة لم تُرفع شعاراً، بل تجسّدت باحتشاد الفتيات والنساء، من سافرات ومحجبات، في المظاهرات العامة، بحيث ملأت الأنوثة الحيّز العام، فانبثّ شيءٌ منها في الذكورة على نحو لم يمّحَ مع السنين، وتآلف الجنسان في المواطنة. أما ما تلاه من مقاومة فلم تساوره نهائياً فكرة البرنامج السياسي. بل إن “الإخوان المسلمين” رفضوا رفضاً قاطعاً، ومنذ أول اجتماع في الدوحة صيف ٢٠١١، اقتراح مجموعتنا (التي عُرفت في ما بعد باسم «المنبر الديمقراطي») بالاتفاق على برنامج عمل نعرضه على جميع مواطنينا، ليطمئنوا إلى نوايانا ومواقفنا الوطنية فيعدلون عن التشبث بالنظام علّه يحميهم كما كان يدّعي. برنامجٌ يوضّح وسائل النضال وأهدافه، ويقترح للفترة التالية خطة عمل متكاملة، تشمل المستوى السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي، كفيلة بالنهوض بالبلد بعد إرساء الديمقراطية. وقد تمثلنا بالمقاومة الفرنسية أثناء الحرب العالمية الثانية. إذ تمكنت من تجاوز خلافاتها الإيديولوجية العميقة، لتتوحدّ على أساس مشترك، هو «برنامج المجلس الأعلى للمقاومة»، فانتزعت من الحلفاء أحقيّتها بتمثيل فرنسا بعد التحرير، وتجنبت الصراعات الفئوية، وتمكّنت من تطبيق الإصلاحات المتفق عليها، مما جعل فرنسا تستعيد قدراتها ومرتبتها الرابعة بين القوى الكبرى بسنوات قليلة. وقد تحقق ذلك بفضل شخصيات استثنائية من أمثال ديغول وزملائه.

من سوء الحظ أنّ “الإخوان” وعرّابيهم اكتفوا بشعار “إسقاط النظام” ليس إلا، «وبعدين بنشوف»، فيما هم يُعدّون للحرب عدّتها. وكذلك فعلت الفصائل الجهادية من بعدها. وإن كان لـ”الإخوان” برنامج الحد الأدنى المُستمدّ من تجربتهم البرلمانية السابقة، فلم يكن للآخرين سوى برنامج تبسيطي، لم يصلح حتى الآن لأيّ بلد، لأنه لا ينبثق من الواقع، بل يُستمدّ من خارج الزمن. ولم يتنبهوا – سامحهم الله! – إلى أنّ الجنرال فرنكو، قائد الكتائب المسيحية في إسبانيا، حين اكتفى بهدف إسقاط الحكم الشعبي واستبداله بالحكم المسيحي التقليدي المتطرف، شلّ تطور إسبانيا أثناء حكمه الذي دام ٤١ سنة، وتركها عند وفاته (١٩٧٥)، مدة ثلاثة عقود خارج عملية التطور التي عرفتها أوروبا آنذاك. سبعة عقود من عمر إسبانيا راحت هباء، وعدة ملايين من الأرواح أزهقت باطلاً.

أما الفرق الجهادية التي تلت “الإخوان المسلمين”، فقد اكتفت بمصارعة النظام. ولم يكن لديها ما تقترحه على الشعب الذي استبشر بها خيراً سوى إيديولوجيتها. فهل تنساق لتلك الإيديولوجية الآبدة فتتسبّب في استئناف حرب أهلية (وإن على المستوى المعنوي) تقضي على ما تبقى من الوطن، أم تُصغي إلى نداء الحراك الأول، عساها تستمد شرعيتها من الشعب وهو صاحب القضية الأول والأخير؟

***

إننا نستجيب للواجب ولصوت الضمير، إذ نساهم بدورنا في إضاءة طريق المستقبل، لا سيما وأننا ساهمنا منذ البداية في التصدي سلمياً للنظام، كما للمعارضة حين اقتضى الأمر. وإخلاصاً منا لروحية الحراك الشعبي ولتاريخ سورية الحديث المتأصل في التاريخ، نُذكّر ببعض البديهيات.

أول البديهيات أن إرساء الأمن الأهلي، بما تُوجبه العدالة، هو المطلب الأساسي الذي يجتمع عليه كافة المواطنين، بعد أن ذاقوا الأمرّين من النظام البائد. فليُحَاكم قانونياً كل رجل أو امرأة أساء أو يسيء إلى الشعب ليتحمّل وزر أفعاله، شخصياً. أما الانتقام العائلي أو الجماعي فليس من العدالة ومن الأخلاق في شيء. ونؤكد أن الطائفة العلوية بالتحديد ليست بأي شكل من الأشكال مسؤولة جماعياً عن جرائم من ساس البلاد أو استفاد من تلك السياسة ليلحق الأذى بالمواطنين. أننسى أم نتناسى أن أول من نالهم الشر من تلك الفئة الحاكمة هم من نفس الطائفة وأحياناً من الأقارب (فهل من يذكر مصير صلاح جديد ومجموعته؟)، وأن الكثيرين ممن احتموا بنفس الفئة ليستغلوا الشعب لمصالحهم هم من طوائف أخرى. فالعقل الشرير المؤسس لذلك النظام لم يحكم، مهما ادّعى، لصالح طائفة ما، بل كان يستغلها، سعياً منه لتأسيس سلالة حاكمة من صلبه مستعيناً بكل المستكلبين على حقوق الشعب؛ شأنه شأن أيّ عامل كان قديماً ينتهز فرصته ليستقل عن الخلافة ويُؤسّس إمارة لنفسه. يكفي أن نقرأ التاريخ بالأسماء لكي لا نعمى عن الحقيقة والواقع. لا يبنى وطن على الوهم ولا على الوتر والانتقام. تلك هو الصخرة الصلدة التي يقوم عليها بنيان المجتمع: العدل أساس الحكم.

إقرأ على موقع 180  ما دخَلَ الدينُ السياسي بلداً إلا وكانت النتيجة حرباً أهلية!

***

إنّ العديد من القرارات والاقتراحات الصادرة، حتى الآن، تبدو لنا انتهاكاً واضحاً لقيم مجتمعنا السوري، كما صاغها التاريخ وعبّر عنها الحراك، وذلك على كافة المستويات التاريخية والثقافية والمجتمعية. فلا بد من التصريح بالنوايا الحقيقية واستدراك الخطأ في حال وقوعه، تجنباً للانخراط مجدداً في دورة عنف ثانية، وسعياً لبناء دولة حديثة وفية لقيمها التاريخية بقدر إخلاصها للقيم الإنسانية الجامعة، وطالما ساهمت حضارتنا العربية في إرسائها.

ولذلك، يجب التأكيد أولاً على أن التمييز بين فئات الشعب السوري إنما هو انتهاك لشخصيته التاريخية العريقة، التي نشأت منذ آلاف السنين على التمازج بين الأعراق والثقافات والحضارات، بحيث أنها تأسّست على تعددية – يحسدنا عليها العالم – صاغت من تنوعها عقداً فريداً يُزيّن جيد أجيالنا منذ مطلع التاريخ. فليس من باب الصدفة أن تنضج في بوتقتنا الثرية هذه أهمُّ الاكتشافات الإنسانية الأولى، من الكتابة الأولى ثمّ الأبجدية إلى الدساتير والسرديات الكبرى والكتب الدينية، ومن قنوات الريّ ثمّ الزراعة إلى تأسيس المدن. وليس من وجه الغرابة كذلك أن تزدهر فيها الحضارة العربية التي، بعد أن انتشرت بفضل الإسلام، بلغت أوجها بأقل من قرن ونصف، على نحو يشهد له التاريخ الإنساني. فإذا – لا سمح الله – غلبت نزعة الإقصاء، التي غالباً ما تنشأ من فكر إيديولوجي أو دينيّ متحجّر، فقد عفا الله على كل حضارة. ولنتذكر أن أسوأ فترات تاريخ هذه المنطقة ترجع إلى مرحلتين سوداويتين، العهد الصليبي وفترة حكم المماليك، وكلاهما محسوبة على التلاعب الإجرامي بالمسيحية في الحالة الأولى، وبالإسلام في الحالة الثانية. تماماً كما تُحسب على التلاعب باليهودية أكبرُ كارثة حلّت بنا في العصر الحديث من جرّاء الهمجية الصهيونية.

إرساء الأمن الأهلي، بما تُوجبه العدالة، هو المطلب الأساسي وليُحَاكم قانونياً كل رجل أو امرأة أساء أو يسيء إلى الشعب ليتحمّل وزر أفعاله، شخصياً. أما الانتقام العائلي أو الجماعي فليس من العدالة ومن الأخلاق في شيء. ونؤكد أن الطائفة العلوية بالتحديد ليست بأي شكل من الأشكال مسؤولة جماعياً عن جرائم من ساس البلاد أو استفاد من تلك السياسة ليلحق الأذى بالمواطنين

ولا يقلّ عن ذلك خطورة انتهاك البعد الثقافي الذي يجمعنا، ذلك البعد الذي يتجلّى في اللغة العربية وثقافتها، منذ نشأتها الأولى في رحم الفكر السامي وحتى اليوم. إن الرابط الوحيد الذي يجمعنا بدون أدنى عائق، على تنوّع انتماءاتنا، منذ ما قبل الإسلام بقرون وحتى اليوم، هو اللغة العربية. قد ننشأ عليها وقد نكتسبها إرادياً، وفي كلا الحالتين تصبح الرابط الفكري والعاطفي والثقافي بيننا جميعاً دون أي تمييز. ولو أدرك العروبيون مغزى ذلك لاعتمدوا الرابط الثقافي ركيزة للهوية الجمعية، بدلاً من الركيزة القبلية أو الإثنية أو الجغرافية، أو حتى القومية التي اقتبسناها من الغرب. وهل بلغت الحضارة العربية أوجّها أيام العباسيين إلا بفضل اجتذابها لكافة العقول البشرية الوافدة من كافة الثقافات والأصول؟

إنّ لغتنا العربية الجليلة تضرب جذورها في التاريخ، فمن الخطأ التاريخي والضلال الإنساني أن نقطعها عن جذورها وحتى عن عصرها الذهبي المتجلي على نحو ساطع في ما تبقى من المعلقات (القرن الخامس ميلادي). علينا أن نزدهي بلغتنا التي عنها وبجوارها نشأت الثقافات السامية الأخرى من سريانية وعبرية وأمهرية وغيرها. وجلّ القرآن الكريم عن الخطأ باختياره، لتبليغ الرسالة، هذه اللغة إياها، وهي التي وحّدت سكان منطقتنا السامية الآرامية، وربطتها بحضارات مصر واليونان والهند وما وراءها. ومن المؤكد أنّ ادّعاء أيّ قطيعة ثقافية عن الجذور (أما الفروق الدينية فأمر آخر)، وأي تفرقة بين متكلم أو مبدع بالعربية وآخر، إنما هو طعن في اللغة التي اصطفاها القرآن الكريم.

***

أخيراً، إننا نعتبر أن الخطر الأكبر والتحدّي الأدهى يقوم على التمييز بين المرأة والرجل من حيث الأهلية والقدْر. تختلف ما بينهما الوظائف الإنسانية العضوية وما يرتبط بها من عواطف وغرائز، ولا يُفرّق بين الجنسين أمر آخر. وكل تمييز، على أيّ مستوى كان، فإنما هو هدر لقيمة المرأة والرجل في آن. ولعلنا نجرؤ على القول إن ذلك قد يقوم بمقام وأد البنات، الذي نهى عنه الرسول. وعلينا، فوق ذلك، مواكبة الحضارة الإنسانية التي تحاول بجهد بالغ أن تخرج من عهدة الأبوية/البطريركية، لا سيّما أنها ليست من فعل الطبيعة، بل طرأت على البشرية في عصر متأخر نسبيا، وفق ما اتفق عليه المؤرخون.

كُلنا يشعر بأننا، بعد أن طوينا ذلك الفصل المظلم الطويل من عمرنا، قائمون الآن على مفرق تاريخي خطير بالنسبة لشعبنا وشعوبنا العربية. فإما أن نعود إلى الكهوف المعتمة، وإمّا أن ننطلق إلى الرحاب النيّرة التي نحلم بها لنا ولأحفادنا؟ لذلك، فإن منتهى آمالنا أن يطمئن إخواننا الوافدون مع قائد العمليات العسكرية إلى احتضان الشعب لهم حالما استبشر بإمكانية استعادة الوطن، ليعودوا هم أيضاً إلى دفء الوطن بحضارته الأخوية المعهودة. وأفظع ما نخشاه في أعتى كوابيسنا هو أن يتشبثوا بإيديولوجيات آبدة، ينكرها الدين الحنيف نفسه، فيتجاوزوا الشعب ويتنكّروا للشعلة التي اهتدت بها الشبيبة في حراكها البكر. فيعودون إذّاك إلى الأخذ بمنطق حرب شنّوها سابقا على النظام، يحولونها الآن إلى حرب على أحلام الشبيبة ودمائها الطاهرة؟ إننا لواثقون أنهم لن ينسوا – أو يتناسوا – جحيم حرب كَوَتنا جميعاً، تكفي ذكراها لبث القشعريرة في النفوس والأجساد؟ لا، لا! نجلّهم عن مثل ذلك.

Print Friendly, PDF & Email
بطرس الحلاق ومحمد مخلوف

بطرس الحلّاق أستاذ كرسي في جامعة السوروين بفرنسا؛ محمد مخلوف كاتب سوري مقيم في أوروبا

Download Nulled WordPress Themes
Download Premium WordPress Themes Free
Free Download WordPress Themes
Download WordPress Themes
udemy paid course free download
إقرأ على موقع 180  عندما تروي السجون حكايا سوريا.. والوحش!