

في أيلول/سبتمبر الماضي، حاولت إسرائيل اغتيال الوفد المفاوض في حركة حماس في العاصمة القطرية، الدوحة. هزَّت تلك الغارات دول الخليج بأكملها، وألقت بظلالٍ من الشكّ على مصداقية المظلّة الأمنية الأميركية. وقطر هي الدولة السابعة التي تقصفها إسرائيل منذ هجمات “طوفان الأقصى”، في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023. ويتباهى القادة الإسرائيليون بأنهم نجحوا- خلال العامين الماضيين- في اغتيال أغلبية قيادة حزب الله، وقصفوا أهدافاً مهمة في اليمن، ووجهوا ضربة “موجعة” لإيران. ولكن بدلاً من أن يؤدي كل هذا إلى تعزيز القوة الإسرائيلية، أو تحسين العلاقات مع الدول العربية- التي طالما كانت حذرة من إيران ووكلائها- فإن كل ما يتباهى به القادة الإسرائيليون أتى بنتائج عكسية تماماً. فحتى الدول التي كانت ترى في إسرائيل شريكاً مُحتملاً، باتت تنظر إليها الآن على أنها دولة خطيرة لا يمكن التنبؤ بتصرفاتها.
قبل أيام، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن “خطة سلام” جديدة من 20 نقطة، واحتفلا بها على اعتبارها “ختراق كبير” وفرصة لإعادة الاستقرار إلى المنطقة. لكن آفاق هذه “الخطة” قاتمةٌ جداً، وستزداد قتامةً طالما واصلت إسرائيل عدوانيتها واستمرت في تجاهلها لحقوق الفلسطينيين ومخاوفهم المشروعة. وبالرغم من ترحيب مجموعة من القادة في المنطقة، يبدو من غير المرجّح أن تعكس “الخطة” الأضرار الفظيعة التي تسببت بها الحرب الهمجية التي تُشنّ على قطاع غزة منذ عامين. وهنا لا بد من التذكير أنه حتى قبل هجمات “طوفان الأقصى”، كانت إسرائيل، وبدعم قويّ جداً من أميركا، تأمل في إعادة تشكيل منطقة الشرق الأوسط لصالحها، وتصوير نفسها كـ”شريك” للحكومات العربية مع تهميش المنافسين لها- خصوصاً إيران. لكن ما فعلته في الواقع أنها عزلت نفسها فقط، وجعلت الدول العربية متردّدة في تحمل أعباء مجرد التفكير في شراكتها (…)، كما أنها حوَّلت شركاء سابقين إلى خصوم يتوخون الحذر منها.
موجة جديدة من التطرف
العديد من دول المنطقة- وكرد فعل على الممارسات العدوانية التي ترتكبها إسرائيل هنا وهناك- بدأت تهتم بتنويع شراكاتها الأمنية، وتركز على الاستثمار في استقلالها الذاتي، وإبعاد فكرة التطبيع من سلم أولوياتها. ومن المرجّح أن تتلاشى مجموعة من المشاريع التي سعت إلى ربط إسرائيل بدول عربية- ودعمتها أميركا بشكل أساسي، والهند وأوروبا. وهذه أخبارٌ سيئة ليس فقط لإسرائيل، بل وللولايات المتحدة أيضاً. إن الدعم غير المحدود الذي تقدمه واشنطن لإسرائيل يُقوّض مكانتها في المنطقة، والعالم أيضاً. فبعد أن كان من الممكن تشجيع الأنظمة العربية على التقرب من المحور الأميركي، على اعتبار أن إيران هي مصدر التهديد الرئيسي، فإن شبح إسرائيل المُتغطرسة يدفع هذه الأنظمة بعيداً جداً عن هذا المحور.
على الولايات المتحدة أن تُدرك التحولات الجارية في الشرق الأوسط. فالإطار المُقترح حديثاً (خطة ترامب) لن يكفي لإصلاح العلاقات المتصدعة بين إسرائيل وكل المنطقة. إذا لم تُسارع واشنطن إلى كبح جماح حليفتها الأقرب، وتجد حلاً سياسياً عادلاً للقضية الفلسطينية، فإنها تُخاطر بإضعاف علاقاتها مع شركائها الإقليميين الرئيسيين، وفقدان نفوذها في النظام الإقليمي الناشئ. كما أن الفشل في حلّ القضية الفلسطينية والسماح لإسرائيل بالإستمرار بغطرستها والإفلات من العقاب سيولّد موجة جديدة من التطرف تُهدد ليس فقط مصالح أميركا بل والاستقرار الإقليمي والأمن العالمي.
كيف تخسر الأصدقاء؟
لأكثر من عقدين من الزمن، تمكَّنت إسرائيل من إيجاد أرضية مشتركة مع عددٍ من دول الشرق الأوسط. وكانت مصر أول دولة عربية تُطبع علاقاتها معها نتيجةً لاتفاقات كامب ديفيد. وحتى وقت قريب، كانت مصر تعتبر تركيا منافسها الرئيسي في شرق البحر الأبيض المتوسط. وقد تدهورت العلاقات بين البلدين في عام 2013 بعد الإطاحة بالرئيس محمد مرسي (…). ونتيجة لذلك، أبرمت مصر في عهد عبد الفتاح السيسي اتفاقات ثُنائية مع إسرائيل، وعملت معها داخل “منتدى غاز شرق المتوسط”(*)، كما عمّقت التنسيق الأمني المشترك في صحراء سيناء، وسمحت لإسرائيل بشنّ ضربات ضدَّ الجماعات المسلحة هناك، وساهمت في إدارة الحدود مع قطاع غزة. وكان من بين أهداف هذه الخطوات؛ بشكل غير معلن؛ مواجهة المطالبات التركية في البحر المتوسط.
كل ذلك تغير بعد 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023. فالهجمات العسكرية التي تشنُّها إسرائيل على غزة وغير غزة أجبرت القاهرة على اتخاذ موقف مختلف. في أيلول/سبتمبر الماضي، وصف السيسي إسرائيل بـ”العدو”، في خروج لافت للانتباه عن عقود من الخطاب الحذر الذي تمسك به رجال الدولة المصريين. كما اتخذ خطوة رمزية بتخفيض مستوى التعاون الأمني معها، وأجرى مع تركيا مناورة بحرية مشتركة في شرق البحر الأبيض المتوسط، بهدف تعميق التعاون الدفاعي بينهما.
كذلك قبل حرب غزة، تحالفت بعض دول الخليج بشكلٍ مبدئي مع إسرائيل لأنها اعتبرت أن إيران تشكل التهديد الأكبر لأمنها (…). عزَّز صعود الإسلام السياسي وانتفاضات “الربيع العربي”، عام 2011، هذا الاصطفاف (…)، فقد انبثقت “اتفاقيات أبراهام”، في عام 2020، مع الضرورة المركزية لاحتواء إيران وعزل الأنظمة عن أي تحول محلي وإقليمي محتمل.
إسرائيل حولت شركاءها السابقين إلى أعداءٍ حذرين وقلقين.. وفشل واشنطن في حلّ القضية الفلسطينية وكبح جماح الغطرسة الإسرائيلية سيولّد موجة جديدة من التطرف تُهدد الاستقرار الإقليمي والأمن العالمي والمصالح الأميركية
ولكن منطق التطبيع اليوم يتفكك. فعقيدة الدفاع الأمامي الجديدة التي تنتهجها إسرائيل، والتي تسمح لها بانتهاك سيادة أي دولة متى شاءت، تجعل جميع دول المنطقة؛ دون استثناء؛ تشعر بعدم الأمان. فالحرب المدمرة في غزة، وتوسيع المستوطنات في الضفة الغربية (…)، ونهج إسرائيل المُتصلّب في لبنان، واعتداءاتها المتكرّرة على الأراضي السورية، حوّلت الحفاظ على علاقات رسمية مع إسرائيل إلى عبءٍ سياسي واستراتيجي على الحكومات العربية. في الواقع، أثارت الممارسات الإسرائيلية غضباً عارماً في جميع أنحاء العالم العربي لدرجةٍ أن أي شكلٍ من أشكال الانحياز الواضح لإسرائيل أصبح تهديداً مباشراً لشرعية الأنظمة وأمنها. ووفقاً لتحليل استطلاعات رأي، أجرتها مجموعة “الباروميتر العربي” البحثية مؤخراً، فإن الدعم الشعبي للتطبيع مع إسرائيل ما يزال منخفضاً جداً في جميع أنحاء المنطقة (في المغرب انخفض التأييد من 31% عام 2022 إلى 13% عام 2023).
الخليج حذر
السعودية، التي كانت في السابق تحت ضغط أميركي مُكثف لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، باتت متتردَّدة الآن، ليس فقط بسبب المخاطر الداخلية، ولكن أيضاً بسبب الشكوك حول موثوقية إسرائيل كشريكٍ استراتيجي، نظراً لسلوكها العدواني خلال السنوات الأخيرة.
والإمارات، التي كانت في السابق أقرب حليف لإسرائيل في الخليج، دفعت ثمناً باهظاً من سُمعتها وسط الجماهير العربية والإسلامية بسبب دفاعها عن “اتفاقيات أبراهام” فيما كان الإسرائيليون يعملون على تطهير غزة من سكانها والتمهيد لضمّ الضفة الغربية.
بعد الهجوم الإسرائيلي على الفريق المفاوض التابع لحركة حماس في الدوحة، نصّبت قطر نفسها “الناقد العربي الرئيسي للسياسة الإسرائيلية في غزة”.
ما تزال الكويت وعُمان حذرتين من الانجرار إلى أي ارتباط بإسرائيل من شأنه أن يقوّض الشرعية المحلية لحكومتيهما، أو يثيرُ استعداء شعبيهما، أو يعقّد استراتيجياتهما الإقليمية الدقيقة لتحقيق التوازن.
إن إسرائيل، التي كان يتصورها بعض صانعي السياسات الخليجيين والأميركيين على أنها ممكن أن تكون “ركيزة” لأمن الخليج، باتت ينظر إليها الآن على أنها عبء ومصدر تهديد يزعزع الاستقرار.
تركيا متوجسة
إن تراجع تركيا لافت للنظر بالقدر نفسه. لسنوات، أدانت أنقرة معاملة إسرائيل للفلسطينيين لكنها لم تعتبرها منافساً أمنياً مباشراً. من جانبها، لم تسعَ إسرائيل علناً إلى استعداء تركيا في المسائل الجيوسياسية والأمنية. خلال المواجهة التي وقعت عام 2020 بين اليونان وتركيا في شرق البحر الأبيض المتوسط، اتخذت إسرائيل موقفاً أقل تصادمياً تجاه تركيا مما فعلته مصر وعددٌ كبير من الدول الأوروبية. خلال حرب عام 2023 بين أذربيجان وأرمينيا، دعمت كل من إسرائيل وتركيا أذربيجان وزوّدتا جيشها بالمعدات. قام الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ بزيارة رسمية إلى أنقرة عام 2022، وقبل أسابيع فقط من 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، التقى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، لاستكشاف التعاون المحتمل في مجال الطاقة في شرق المتوسط.
دفعت الحرب في غزة البلدين إلى مزيدٍ من التباعد. علّقت تركيا التجارة مع إسرائيل وأغلقت مجالها الجوي أمامها عقاباً لها على حملتها في غزة. كما أثارت الإجراءات الإسرائيلية في سوريا قلقاً بالغاً في تركيا: فأطول حدودها البرية مع سوريا، وقد عبر ملايين اللاجئين إلى تركيا منذ اندلاع الحرب الأهلية السورية قبل أكثر من عقد. تريد أنقرة جاراً مستقراً ودمشقاً مركزية. في المقابل، تدعم إسرائيل الأقليات في جنوب سوريا، وتتوغل في الأراضي السورية، مما يُقوّض الحكومة الجديدة في البلاد ويُعزّز الانقسام وعدم الاستقرار. ومع تحوّل سوريا إلى منطقة رئيسية للصراع الجيوسياسي، أصبحت تركيا ترى في إسرائيل تهديداً كبيراً.
استخلص حُكام الخليج من العدوان على قطر درساً مفاده أن إسرائيل لا يمكن التنبؤ بتصرفاتها وعدوانيتها، وأن الضمانات الأمنية الأميركية غير موثوقة. ونتيجة لذلك، سيسعون إلى تنويع علاقاتهم مع قوى أخرى وتوسيع استثماراتهم في الصناعات الدفاعية المحلية
البحث في أماكن أخرى
تُسرّع سياسة الغطرسة الإسرائيلية وتيرة العسكرة وتنويع الاستراتيجيات الدفاعية في جميع أنحاء المنطقة.. فقد وسّعت السعودية؛ بالفعل؛ تعاونها مع الصين في مجال الصواريخ والطائرات المسيّرة، وتسعى إلى زيادة توطين الإنتاج الدفاعي. كما وقّعت مؤخراً اتفاقية تعاون دفاعي مع باكستان، وأعربت عن رغبتها في شراكات أمنية بديلة، وبناء علاقات مع قوى إسلامية شقيقة خارج إطار الهيكل الأمني الذي تقوده الولايات المتحدة. كذلك اشترت الإمارات طائرات مقاتلة فرنسية، ودخلت في شراكة مع كوريا الجنوبية في مجال الدفاع الصاروخي والطاقة النووية، مُعززة بذلك قدراتها التكنولوجية ومُقلّلة اعتمادها على أميركا. بدورها، استحوذت قطر- كما الكويت- على طائرات “يوروفايتر تايفون” من المملكة المتحدة وإيطاليا. وتشتري جميع دول الخليج طائرات تركية مسيّرة فعّالة من حيث التكلفة. ومن جانبها، كشفت تركيا، في آب/أغسطس الماضي، عن نظام الدفاع الجوي المتكامل “القبة الفولاذية” (**)، ما يشير إلى تحول عقائدي حيث يشعر المخططون الأتراك الآن بأنهم ملزمون بقياس قدراتهم مقابل قدرات إسرائيل.
تُواجه إسرائيل اليوم تراجعًا في مساحة نفوذها داخل شبكة الشراكات الإقليمية المتنامية، التي صُمّمت، وتحت إشراف أميركي، لبناء نظام إقليمي يقوم على التعاون العربي الإسرائيلي. من أبرز هذه المبادرات: اتفاقيات أبراهام، والممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا، وقمة النقب، وتحالف I2U2 (يضم الهند، إسرائيل، الإمارات، والولايات المتحدة). الهدف من هذه المبادرات كان دمج إسرائيل في المنطقة، وتهميش تركيا، واحتواء إيران. وقد افترض المسؤولون الأميركيون والإسرائيليون أن التطبيع مع إسرائيل مسألة حتمية. لكن هذه الرؤية بدأت تنهار، إذ جعلت السياسات الإسرائيلية ملف التطبيع قضية حساسة، بل تهديدًا داخليًا واستراتيجيًا للقادة العرب وحكوماتهم.
والهجوم الإسرائيلي على الدوحة أكدَّ هذه الديناميكيات. قطر وسيطٌ بين إسرائيل وحماس، وحليفة وثيقة للولايات المتحدة تستضيف أكبر قاعدة أميركية في المنطقة. لم يُقوّض الهجوم قطر فحسب، بل قوّض أيضاً هيبة الولايات المتحدة ومصداقيتها: من تلك الحادثة، استخلص حُكام الخليج درساً مفاده أن إسرائيل لا يمكن التنبؤ بتصرفاتها وعدوانيتها، وأن الضمانات الأمنية الأميركية غير موثوقة. ونتيجة لذلك، سيسعون إلى تنويع علاقاتهم مع قوى أخرى وتوسيع استثماراتهم في الصناعات الدفاعية المحلية.
ستُفضي هذه التطورات إلى تحالفاتٍ جديدةٍ قد تُعيد تشكيل المنطقة. ومن المرجح أن تتعاون تركيا والسعودية، وهما من أهم القوى الإقليمية، بشكل أوثق (…)، فهما يتشاطران الآن مخاوفهما بشأن عدم الاستقرار الإقليمي ودور إسرائيل التخريبي. وفي الواقع، دعا وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، إلى إنشاء منصةٍ أمنيةٍ مشتركةٍ مع دول المنطقة، لا سيما مصر والسعودية. ويتعين على كل من أردوغان وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إدارة التكاليف السياسية الداخلية الناجمة عن حرب غزة. فقد واجه أردوغان غضباً شعبياً متزايداً إزاء استمرار التجارة مع إسرائيل، التي علَّقتها أنقرة منذ ذلك الحين، كما واجه ضغوطاً من الدوائر الانتخابية الإسلامية والمحافظة لاتخاذ موقف أكثر تشدداً؛ بينما يواجه بن سلمان انتقادات داخل مملكته وفي العالم العربي الأوسع لمجرد تفكيره في التطبيع مع إسرائيل. كما يتعين على كليهما التعامل مع احتمال تفاقم الصراع بين إسرائيل وإيران (…).
نظامٌ موثوق
بالنسبة للولايات المتحدة، تتطلب هذه الديناميكيات إعادة تقييم استراتيجيتها. فصانعو السياسات الأميركيون يغفلون عن القلق العميق الذي أحدثته أفعال إسرائيل، وعليهم أن يأخذوا في الاعتبار الضرورة المُلحة لتنويع الشراكات الأمنية في المنطقة. إن استمرار الدعم غير المشروط لإسرائيل يُقوّض النفوذ الأميركي ويُعزز التصورات بأن واشنطن تنظر إلى المنطقة من منظور المصالح الإسرائيلية فحسب.
وتتخذ النُخب الإقليمية بالفعل إجراءاتٍ وقائية من خلال تعزيز علاقاتها مع الصين وأوروبا وروسيا وقوى أخرى. وسيتسارع هذا التوجه ما دامت الولايات المتحدة تدعم إسرائيل بلا مبالاة وتتجاهل الأضرار الجانبية المترتبة على علاقاتها مع دول المنطقة الأخرى. وبدون تصحيح المسار، ستتخلف الولايات المتحدة عن الركب في منطقةٍ لا يُعرّفها التحدي الذي تُشكّله إيران بقدر ما يُعرّفها الدور التعديلي والتخريبي لإسرائيل. وإذا فشلت في التكيف، فستكون واشنطن متواطئة في هدم البنية الاستراتيجية ذاتها التي سعت لسنواتٍ إلى بنائها في الشرق الأوسط.
أميركا ستندم كثيراً على ذلك إذا لم تُسارع إلى معالجة مخاوف مصر ودول الخليج وتركيا بشكل مباشر، والعمل على إرساء أطر أمنية تعاونية تُعطي الأولوية لخفض التصعيد ومنع الصراعات وتحقيق التكامل الاقتصادي. سيُمثل ذلك تحولاً جذرياً عن سجلها الأخير في تشجيع عسكرة المنطقة وسياسات الكُتل. يجب عليها أيضاً أن تُرسّخ سياستها الداعمة لحلٍ عادلٍ للقضية الفلسطينية. وينبغي أن تكون نقطة البداية هي إنهاء حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة ومنع ضمّ الضفة الغربية (…).
– ترجمة بتصرف عن “فورين أفيرز“. التقرير من إعداد: غالب دالاي (استشاري أول في “تشاتام هاوس” ومنسق برنامج تركيا المعاصرة في جامعة أوكسفورد)، وسانام فاكيل (مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في “تشاتام هاوس”).
(*) منظمة إقليمية تنسق تطوير الطاقة بهدف تشجيع الاستكشاف المشترك لاحتياطيات الغاز البحرية.
(**) نظام مماثل لنظام “القبة الحديدية” الإسرائيلي للدفاع المضاد للصواريخ.