
لم يغادر السودان والكثير من بلدان العالم الثالث حقبة الخمسينيات والستينيات الماضية، وتقبع في الذاكرة التاريخية طائفة من الانقلابات العسكرية التي شهدتها منذ استقلالها في العام 1956.
لم يغادر السودان والكثير من بلدان العالم الثالث حقبة الخمسينيات والستينيات الماضية، وتقبع في الذاكرة التاريخية طائفة من الانقلابات العسكرية التي شهدتها منذ استقلالها في العام 1956.
محمد حمدان دقلو، أو "حميدتي" أي (المحبب) وهو لقبه المفضل. عمره دون الخمسين بسنتين، لكنه عمر بحيوات كثيرة: المتشرد، راعي الإبل، تاجر الماشية، المُهرّب، المقاتل، قائد الميليشيا المخيفة، الجنرال، السياسي، الثري، نائب الرئيس، والطامح الآن للقب الرئيس صاحب الثروة الخيالية، أو في أسوأ الأحوال أن يضيف إلى حيواته حياة المعتقل السياسي أو ربما "الشهيد"!
عرف السودان حروباً كثيرة منذ إستقلاله عن بريطانيا عام 1956. لكن الحرب التي تفجرت في 15 نيسان/أبريل الجاري بين الجيش السوداني بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو "حميدتي"، تختلف إلى حدٍ كبيرٍ عن سابقاتها، شكلاً ومضموناً.. وربما على صعيد النتائج التي ستسفر عنها.
ثمة وجه آخر للسودان، غير وجوه الجنرالات والسياسيين الذين تطرفوا وأفرطوا بإحدى أغنى دول العالم، ففي السودان رجال من طينة الطيب الصالح و"موسم الهجرة إلى الشمال"، وفيه أيضاً "أغداً ألقاك" للهادي آدم، إحدى غرر القصائد العربية التي غنتها أم كلثوم، وذهبت معها إلى سدرة الخلود.
كان فض الشراكة بالقوة بين العسكريين والمدنيين تعبيراً خشناً عن أزمة سودانية مستحكمة تداعياتها منذرة على مستقبل البلد، سلامته ووحدته وقدرته على مواجهة أزماته المتفاقمة.
متأخراً جداً، ومرتبكاً جداً.. اتخذ الفريق أول عبد الفتاح البرهان القائد العام للقوات المسلحة السودانية مجموعة قرارات لحل أزمة الشراكة المختلة في حكم الفترة الانتقالية عقب اسقاط حكم الرئيس السابق المشير عمر البشير وحلفائه الإسلاميين.
في العام 2019، وفي أعقاب سقوط عمر البشير - الذي استولى بنفسه على السلطة في انقلاب مدعوماً من الجيش في عام 1989 - كانت احتمالية حدوث انشقاقات في التسوية السياسية الوليدة في البلاد واضحة بالفعل. كيف؟ هذا ما يشرحه مراسل "الغارديان" بيتر بومونت (*) في هذا التقرير.
ليس أسهل لفهم وتفكيك وقائع ومستقبل الحياة السياسية في السودان وتحولاتها من النظر في التأريخ السياسي لمصر، وليس، في هذا السياق، أيسر من القول بأن الكثير من مظاهر الحياة في السودان انعكاس - يتواصل أو يتقطع - للحياة في الجارة الشمالية الكبرى، وإن بدا في بعض الأحيان مكرراً بصورة تبعث على السأم، وفي البعض الآخر مشوشاً يبعث على الضجر!
منذ 20 سنة، وتحت رئاسة فلاديمير بوتين، أعادت الديبلوماسية الروسية تأكيد حضورها في الشرق الأوسط وفي القرن الإفريقيي. وقد وضعت موسكو لنفسها هدفا في إطار هذه “العودة” يتمثل في إقامة قاعدة عسكرية على ضفاف البحر الأحمر، كما في فترة الاتحاد السوفياتي. هذا التقرير للأكاديمي إيفان أوليسس كنتروس كليش، نشره موقع "أوريان 21" يسلط الضوء على هذه القضية.
حققت ثورة ديسمبر المجيدة انتصارات تاريخية هائلة للشعب السوداني برغم المصاعب التي تواجه حركتها، وبرغم التثبيط المستمر من العناصر التي لا تؤمن إلا بحقيقة أن هذه الثورة فرصة لتغيير ينبغي تجييره أو اعاقته وأن أسهل الوسائل لتحقيق ذلك الهدف هي تمكين الأفراد الأقل كفاءة، والأدنى معرفة، والأضعف التزاماً، والأكثر قابلية للفرد والطي والتطويع من رقبة الشئون العامة بحيث تصبح البلاد كلها مرهونة لآلية خارجية تقوم بتحريك الدمى المحلية. مؤسف أن يحدث هذا في بلد من أقدم البلدان الأفريقية والعربية نيلاً لإستقلاله.