
كثيرٌ ممّا يحدثُ في هذه الأيّام يُشبه لحظات محاولات الانقلاب السّياسيّ الكبرى التي عرفها لبنان منذ عام ١٩٤٨ عموماً، وتحديداً لمصلحة الأميركيّ وحلفائه وأدواته في المنطقة.. وعلى رأسها الكيان الإسرائيليّ.
كثيرٌ ممّا يحدثُ في هذه الأيّام يُشبه لحظات محاولات الانقلاب السّياسيّ الكبرى التي عرفها لبنان منذ عام ١٩٤٨ عموماً، وتحديداً لمصلحة الأميركيّ وحلفائه وأدواته في المنطقة.. وعلى رأسها الكيان الإسرائيليّ.
سؤال يبدو مستهجناً نوعاً ما باعتبار أن أحد مبادئ الفعل السياسي والجهادي الذي تبنّته قوى المقاومة في المنطقة وبيئاتها هو تجّنب الاصطراع مع الأنظمة وتركيز المواجهة مع العدو الخارجي للأمة ومجتمعاتها أي أميركا والصهيونية.
فلسطين المُشْمسَة، من القدْس إلى حيْفا، ومن الخليل إلى غزّة، تتوسط الأرضَ من جديد. لم يكن ذلك في الحُسبان قبل يوم 7 أكتوبر 2023، الذي جعل العالم ينْـتبه إلى وجود فلسطين، أرضاً وشعباً، لا ينفصلان. تلك هي فضيلةُ المقاومة، التي أعادت فلسطين إلى مكانتها، بعد أنْ وصل الجبروت الإسرائيلي حدّ مسح اسم فلسطين من خريطته التي بشّر، من خلالها، بشرق أوسط جديد، يدّعي الإقبال على إنشائه.
ذات يوم قيل للقائد الجهادي للمقاومة الشهيد عماد مغنية أن تجهيز الجندي الأميركي أو الإسرائيلي يُكلّف 10 آلاف دولار، فردَّ بالقول: "ونحن يُكلّفنا تجهيز المجاهد الواحد روحيته التي تقاتل.. وبها يقاتل وينتصر" .
لم يتخلَ المقاومون عن قضيتهم، ولن يتخلوا عنها، ليس لأنهم سوداويون وحاقدون أو راغبون بالحرب من أجل الحرب، وإنما لأن إسرائيل قوة احتلال واستيطان وسيطرة وعدوان، ولا تدع مجالاً لهم للنسيان، وتُذكّرهم في كل يوم وكل لحظة بأنهم شعب تحت التهديد، بل موضوع اعتداء وتدمير وإبادة بيولوجية ومادية ورمزية، كلما وجد الإسرائيلي فرصة أو حاجة لذلك.
نحن في خضم حرب حقيقية ولو كان حزب الله يُصرّ على إدراجها في خانة مساندة غزة ومؤخراً أضاف إليها عنوان "الدفاع عن لبنان وشعبه". ما يجري منذ حوالي العشرة أيام على أرض لبنان يشي بما تُضمره إسرائيل للبنان منذ الدقيقة الأولى لانتهاء حرب تموز/يوليو 2006، وهو ما كان يجعلها تعتقد لسنوات طويلة أن جبهة غزة ثانوية.. وأن الحرب الأساس هي تلك التي لا بد منها في ما تُسمى "الجبهة الشمالية".
بلادنا مُستباحة، أرضاً وجواً وبحراً. وهي كذلك مُستباحة وعياً ومجتمعاً وممارسة سياسية. منذ سنوات كتبنا حول عودة الاستعمار، واليوم نكتب حول الاستباحة واغتصاب المنطقة، مكانياً، وزمانياً، وجغرافياً، وتاريخياً.
أعلنها كيان الاحتلال الصهيوني "حرباً وجوديةً" مفتوحة، غايتها استكمال إبادة أو تهجير أبناء وبنات أمتنا من فلسطين وتثبيت الاحتلال حتى خارجها، كما في الجولان، بل توسعة كيان الاحتلال إلى أبعد حدٍّ ممكن، وإلحاق "الهزيمة الاستراتيجية" التاريخية بأمّتنا لتحقيق الهيمنة المطلقة "من النيل إلى الفرات".
المشهدية المُكثّفة في "الأربعينية" تعبيرٌ عن أسلوب حياة أهل مدينة كربلاء والعراقيين تجاه ضيوفهم. ففي عشرة أيام يُقدّم العراقيون كلَّ ما باستطاعتهم، وتستنفر الدولة العراقية كلَّ طاقاتها الأمنية واللوجستية لإنجاح واحدة من أكبر التجمّعات الشعبية في العالم والتي سجَّلت هذا العام رقماً تجاوز الـ21 مليوناً.
غالباً ما تُشكّل الايديولوجيا عبئاً على أصحابها، بخاصة الذين منهم يُغلّبون التمنيات على الواقع، ولا يعتبرون الأفكار مستمدة منه، وعلى الأخص لدى الذين يسحبون الأفكار على الحقائق، ويعتبرون أنها ما ينبغي لها أن تكون إلا انعكاساً لما في ذاتهم؛ وهذه هي مآل اللبنانيين بمختلف أطيافهم بل طوائفهم، لأن الأطياف حدودها الطوائف لا غير.