
في تل أبيب، صرّح الرئيس الأميركي جو بايدن قائلاً: "صُدمتُ مما حصل أمس في مستشفى الأهلي، ويبدو أن الخسائر البشرية جاءت نتيجة خطأ من غزة".
في تل أبيب، صرّح الرئيس الأميركي جو بايدن قائلاً: "صُدمتُ مما حصل أمس في مستشفى الأهلي، ويبدو أن الخسائر البشرية جاءت نتيجة خطأ من غزة".
رَفَعَتْ اليد المبتورة ملامح يدها التي كانتها قبل البتر. لوّحَت بأصابع تخيّلت أنها ما تزال. جَمَعَتْ الأصابع، ثم فلشتها، ثم دَنَتْ من محاولة شَبْكِها باليد الثانية. لا وجود ليدٍ ثانية، ولا جزء من جسد يحمل تلك اليد سواء الأولى المبتورة، أو الثانية المفقودة.
تَعلَّمت أنّ الصورة بألف كلمة، وأنّه لا حاجة لشرح ما تحكيه الصورة، لكنّ ما شاهدته أنا وغيري من إبادة جماعية في غزة، دفعني إلى أن أنظر في مُقبل الأيام، لأرى ما سيكون عليه العالم بعد اغلاق عينيه عمداً عن الضحية والوقوف مع القاتل، قلباً وقالباً.
ما شهدته غزة على مدار الأحد عشر يوماً الماضية، ولا تزال، يندرج في خانة الإبادة الجماعية، بدليل مجزرة المستشفى المعمداني التي ذهب ضحيتها مئات الشهداء، بينهم موظفون دوليون ينتمون إلى مؤسسات الصليب الأحمر والهلال الأحمر والأمم المتحدة.
ما أن إنتهيت من كتابة هذه المقالة، حتى بدأت تتوالى الأنباء عن المجزرة الوحشية المروعة التي ارتكبها العدو الإسرائيلي، ليل أمس، في المستشفى المعمداني في غزة وذهب ضحيتها مئات الشهداء؛ وأول تعليق للرئيس التركي رجب طيب أردوغان كان هذا: "قصف مسشفى فيه نساء وأطفال ومدنيون أبرياء هو آخر مثال على الهجمات الإسرائيلية المجردة من أبسط القيم الإنسانية". حتمًا ما بعد هذه المجزرة ليس كما قبلها، فإذا لم يتحرك الشارع الدولي والإسلامي والعربي، فسيكون موت الشهداء.. إيذاناً بموت ما تبقى من ضمير عالمي وإنساني.
كنتُ أرتكب الأحلام: فلسطين وحدها لم تدفعني إلى اليأس. لا شعب أو كياناً، يضاهي الإنسان الفلسطيني، لم أتعلم مواقفي من الكتب. فلسطين كتابي وانتمائي. إنما، في مسلسل البكاء والأحزان والخسران، صرتُ طافحاً بالإنتماء إليها، في كل أحوالها وأهوالها وأحلامها. هذا نوعٌ من العذاب الضروري لعدم فقدان الأمل.
يقول الكاتب الإسرائيلي المخضرم جدعون ليفي، في مقالة له نشرتها "هآرتس" أمس (الأحد) إن إسرائيل على أعتاب كارثة تاريخية إذا مضت في سيناريو الغزو العسكري البري لقطاع غزة. لماذا؟ هذا جواب ليفي.
عموماً كلّ الكلام صعب. وثمن العزّة ثقيلٌ ثقيل. نستسخف فعل الكتابة أمام هول المجازر. العجز مُخجل. تُقصفُ نصوصنا بمشهدٍ من مشاهد المحرقة الرهيبة في غزة، وفي لحظة غضبٍ مهول وتحسس للمسؤولية، يستجمع الحرف/الدم نفسه، ويسيل.
بعد ساعاتٍ قليلة من عمليّة "طوفان الأقصى"، كان لافتاً للإنتباه أن تَحشِد الدول "الغربيّة" جهودها الدبلوماسيّة والإعلاميّة وصولاً إلى العسكريّة وراء القيادة الإسرائيليّة. وكأنّها هي أيضاً ذاهبة مجتمعة إلى حربٍ بحجم الحرب في أوكرانيا. لكن غزّة ليست روسيا.. و"حماس" ليست إلا تنظيماً سياسيّاً في سجنٍ كبير.
يلوح شبح نكبة فلسطينية وعربية ثانية فى أفق القصف الإسرائيلى العشوائى المتصل على غزة للانتقام من بيوتها وأهلها بعد عملية طوفان الأقصى، التى أذلت جيشها كما لم يحدث من قبل.