إذا كان بناء الهويّة، والحفاظ عليها بصورة مستقرّة وواضحة، إحدى مشكلات الحداثة، فإن إحدى مشكلات ما بعد الحداثة، هي كيف نتفادى سكونية الهويّة وانغلاقها أمام التفاعل مع الهويّات الأخرى في الإطار الإنساني.
إذا كان بناء الهويّة، والحفاظ عليها بصورة مستقرّة وواضحة، إحدى مشكلات الحداثة، فإن إحدى مشكلات ما بعد الحداثة، هي كيف نتفادى سكونية الهويّة وانغلاقها أمام التفاعل مع الهويّات الأخرى في الإطار الإنساني.
كثيرٌ منّا، نحن الذين نشأنا في جوِّ تربيةٍ مائلةٍ إلى ثقافة "الإسلام الحركيّ"، إن صحّ التّعبير (وبمختلف تجلّيات هذا الإسلام الحركيّ)، يعيشون أحياناً هذه المعضلة، ظاهراً أو باطناً، أو هم يعيشون هذا السّؤال "العمليّ". السّؤال الذي ما يزال مفتوحاً برغم تراجع المشاريع القوميّة واليساريّة بشكل عامّ منذ نحو أربعة عقود من الزّمن العربيّ على الأقلّ.
ما إن انتهيت من الاستماع إلى خطاب الرئيس جو بايدن حتى وجدت قلمي يعبث بكلمات مجموعها يشي بسؤال ظلّ يتردّد على امتداد شهور الأزمة في غزة.
فضح العدوان الإسرائيلي على غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، إفلات إسرائيل التام من العقاب ودعم غالبية القوى الغربية غير المشروط لإسرائيل. وفي فرنسا، ساهمت تلك الحرب في تحفيز الخطاب الذي يروّج للصدام الحضاري مع “البرابرة”، وهي السردية التي يردّ عليها آلان غريش في كتابه الأخير “فلسطين، شعب يأبى أن يموت”، الذي صدر في فرنسا في 2 مايو/أيار
لا يختلف اثنان على حاجة الدولة السورية لإجراء حوار وطني يغطي مساحتها الجغرافية كاملة، في ظل استعصاء الحل السياسي واستحالة الحسم العسكري؛ ولكن السؤال الملح هو عن ماهية الحوار الوطني المطلوب؟
لم يتمكن الفلسطينيون، ولو لمرة واحدة، من إدارة قضيتهم ومتابعة شؤونهم بأنفسهم.. ولا "افتكاك" قضيتهم من تداخلاتها الإقليمية والدولية وتطلعات الآخرين للتأثير فيها. وكلما حاولوا ذلك أو شيئاً منه، كلما زاد تورط الآخرين في قضيتهم، وأحياناً تورطهم هم في قضايا وسياسات ورهانات الآخرين. مسألة مُلغّزة بالفعل!
هدأ القتال في سوريا منذ سنواتٍ عديدة. إلاّ أنّ البلاد لم تعرِف كيف تأخذ طريقها إلى إنهاء الصراع والتعافي وخروج القوّات الأجنبيّة. حتى الآن، ما زالت مقسّمة على الأرض وفي الذهنيّات الاجتماعيّة، وأهلها بأغلبيّتهم الساحقة، يزدادون فقراً وجوعاً. وليس غريباً أنّ يؤدّي استمرار الاستعصاء القائم إلى تقسيمٍ فعليّ يصعب الرجوع عنه، هذا فضلاً عن استمرار المعاناة التي يعيشها السوريّون إلى ما لا نهاية.
برغم كلّ ما وصَلَنا من مساوئ سياسة رجب طيب إردوغان الخارجيّة، ومن تلوّنها حسب المصلحة الآنيّة الصّغيرة، ومن نفاقها البَيِّن في ما يخصّ قضايا إسلاميّة ومشرقيّة جوهريّة كقضيّة تحرير فلسطين وقضيّة مُحاربة الإسلام السّلفيّ التّكفيريّ.. برغم كلّ ذلك، علينا أن ندعوَ لتُركيا بألّا تخسَر كلّ هذا المجهود الدّاخليّ، إذا ما خسرت مشروع إردوغان الشّخصيّ.
من حق لبنان أن يدافع عنه أبناؤه. ترتفع أصوات المسؤولين الإسرائيليين مُهدّدة برد لبنان إلى العصر الحجري. هم على كل حال يعتبرون الفلسطينيين، كما العرب، حيوانات بشرية. لا شيء يردعهم عن قضم الأرض سوى الدفاع الذي يتطلّب حداً أدنى من التنسيق والتعاون بين القادة اللبنانيين من جميع الأطياف والأحزاب والطوائف، حتى لا يقولوا في مستقبل قريب "ولاتَ ساعةَ مندم".