الصورة أصدق إنباءً من كل التحليلات. ما حدث في محيط غزة وجرى توثيقه لحظة بلحظة من قبل حركة "حماس" كان بلا شك أكبر عملية إذلال علنية تتعرض لها قوّة عسكرية مسلحة بأفخر وأدق وأقوى أنواع الأسلحة، فضلا عن كونها القوة النووية المسلحة الوحيدة في محيطها.
الصورة أصدق إنباءً من كل التحليلات. ما حدث في محيط غزة وجرى توثيقه لحظة بلحظة من قبل حركة "حماس" كان بلا شك أكبر عملية إذلال علنية تتعرض لها قوّة عسكرية مسلحة بأفخر وأدق وأقوى أنواع الأسلحة، فضلا عن كونها القوة النووية المسلحة الوحيدة في محيطها.
"السيف أصدق أنباءً من الكتب". فلنُخرس الكلمات. الثرثرة السياسية العربية تفاهة. التابوت العربي، من المحيط الى الخليج. الخيانات مُكلّلة بالاستسلام.
"حزب الله هو الطرف الذي يجب مراقبته عن كثب لمعرفة التداعيات التي ستؤول إليها عملية طوفان الأقصى بالنسبة لإسرائيل والفلسطينيين والمنطقة ككل". هذا ما يراه مارتن إنديك، عضو مجلس العلاقات الخارجية الأميركية، الذي أكد في حديث مع "فورين أفيرز" أن "النظام الأمني والإستخباراتي في إسرائيل "فشل بالكامل.. والإستخبارات الأميركية أيضاً تتحمل المسؤولية"، وأن إسرائيل في مأزق حقيقي وأمام خيارات أحلاها صعبٌ ومر". وفي ما يلي بعض ما جاء في المقابلة.
كما أن لاحتلال فلسطين أثر مهم على انتكاسة نهضة الأمة العربية، فإن لبدء نهوض المقاومة العربية في فلسطين أثر مهم في حماية المحيط العربي. وبما أن "إسرائيل" هي ذراع للأطلسية في منطقتنا، فإنه لا يمكننا قراءة المشهد الحاصل في عملية "طوفان الأقصى" إلا في ضوء عالم جديد يتشكل حالياً.
لم يكن مفاجئا حصول انتفاضة فلسطينية مسلحة (الانتفاضة الثالثة)، وكنا قد حذرنا منذ عام من الزمن، كما حذر غيرنا، وكررنا ذلك مرارا فى مقالات عديدة أن الانفجار آتٍ وأن الكيل قد طفح. وتكفى شرارة بسيطة لتُحدث الانفجار الذى حصل.
إذا قررت إسرائيل المضي في حرب مفتوحة ضد غزة، واجتاحت القطاع تكون كمن "يصب الزيت على النار". فإستعادة "الردع" بعد "طوفان الأقصى" يتطلب منها أولاً الإستعداد لتكبد خسائر في الأرواح بما يكفي لجعل "حماس" وأمثالها يخافون منها. كما سيضعها في مستنقع من التحديات الجسيمة لا تبدأ بإدارة أمور مليوني فلسطيني معادي لها، ولن تتوقف عند انتفاضة ثالثة مرتقبة في الضفة العربية، وقد لا تنتهي بإرباك دبلوماسي يعيق مشاريع التطبيع، لا سيما مع وجود عشرات، وربما مئات الرهائن الإسرائيليين، بحسب "فورين أفيرز".
تحت عنوان "السبت الأسود: المؤسسة الأمنية عارية"، كتب المحلل السياسي في "معاريف" إفرايم غانور مقالة قارن فيها بين أبعاد حربي تشرين/أكتوبر 1973 و2023، وخلص إلى أن أحداث الساعات الأخيرة "كشفت المؤسسة الأمنية في إسرائيل - الجيش والاستخبارات العسكرية والشاباك ـ وحطمت النظريات الدفاعية الهوسية". ماذا تضمنت المقالة التي ترجمتها "مؤسسة الدراسات الفلسطينية"؟
برغم الرقابة العسكرية وإعلان حالة الحرب، لم تستفق إسرائيل من حالة الصدمة التي تسببت بها العملية العسكرية والأمنية غير المسبوقة التي نفذتها حركة "حماس" في مستوطنات غلاف غزة صباح السابع من تشرين الأول/أكتوبر.
حصل ذلك أيضاً في شهر تشرين الأول/أكتوبر، قبل خمسين عاماً بالتحديد، في عام 1973. كانت الجيوش المصرية والسورية قد عبرت خطوط وقف إطلاق النار لتُلحق خسائر فادحة بالجيش الإسرائيلي، فارتجّت تل أبيب لهول ما وقع. فرغم حصول أجهزة استخباراتها على معلومات تفيد بهجوم وشيك، التحفت القيادة السياسية بغطرستها: أنّى للعرب الذين هُزموا في عام 1967 أن يكونوا قادرين على القتال؟ فبالنسبة للإسرائيليين، كان من الممكن أن يستمر احتلال الأراضي العربية دون ردود فعل وإلى أجل غير مسمى.
في الحلقة السابقة، شرح الكاتب "الإسرائيلي" رونين بيرغمان في كتابه "انهض واقتل أولاً، التاريخ السري لعمليات الإغتيال الإسرائيلية" كيف ألغى رئيس الحكومة أرييل شارون في اللحظة الأخيرة (خريف 2003) أمراً بشن غارة على القيادتين السياسية والعسكرية لحماس خلال اجتماع دعا إليه رئيس الحركة الشيخ أحمد ياسين.. ماذا جرى بعد ذلك؟