يُشاهد العالم، وعلى الهواء مباشرة، أبشع مجزرة تُرتكب بحق الشعبين الفلسطيني واللبناني. هي "محرقة" ترتكبها عصابات "الهاغانا" و"البلاك وتر"، مدعومتان بإمبرياليات أوروبية وأميركية، امتهنت القتل منذ الولادة.
يُشاهد العالم، وعلى الهواء مباشرة، أبشع مجزرة تُرتكب بحق الشعبين الفلسطيني واللبناني. هي "محرقة" ترتكبها عصابات "الهاغانا" و"البلاك وتر"، مدعومتان بإمبرياليات أوروبية وأميركية، امتهنت القتل منذ الولادة.
لم يتخلَ المقاومون عن قضيتهم، ولن يتخلوا عنها، ليس لأنهم سوداويون وحاقدون أو راغبون بالحرب من أجل الحرب، وإنما لأن إسرائيل قوة احتلال واستيطان وسيطرة وعدوان، ولا تدع مجالاً لهم للنسيان، وتُذكّرهم في كل يوم وكل لحظة بأنهم شعب تحت التهديد، بل موضوع اعتداء وتدمير وإبادة بيولوجية ومادية ورمزية، كلما وجد الإسرائيلي فرصة أو حاجة لذلك.
نحن في خضم حرب حقيقية ولو كان حزب الله يُصرّ على إدراجها في خانة مساندة غزة ومؤخراً أضاف إليها عنوان "الدفاع عن لبنان وشعبه". ما يجري منذ حوالي العشرة أيام على أرض لبنان يشي بما تُضمره إسرائيل للبنان منذ الدقيقة الأولى لانتهاء حرب تموز/يوليو 2006، وهو ما كان يجعلها تعتقد لسنوات طويلة أن جبهة غزة ثانوية.. وأن الحرب الأساس هي تلك التي لا بد منها في ما تُسمى "الجبهة الشمالية".
إتصلت بي صديقة لبنانية من دولة خليجية هاتفياً وقالت بصوت متهدّج: "لم أعد أعرف بماذا أفكر وبماذا أشعر"؟
يتعالى الحُكّام على شعوبهم. افترضوا أنهم يحكمون مجتمعات يتآكلها الفقر والمرض، وأن الحداثة تقتصر عليهم وعلى حاشيتهم. أطلقوا برامج تحديث من فوق. تجاهلوا أن مجتمعاتهم أكثر حداثة منهم، وأن توقها للحرية يفوق كل اعتبار، وأن قمعهم لشعوبهم واضطهادهم لها ليس له ما يبرّره إلا التسلّط والتعالي. انفكت عرى التفاهم مع شعوبهم وصار الواحد منهم لا يختلط بالناس ولا يظهر في المناسبات إلا خطيباً من وراء الستار.
لبنان يسير في طريق الطغيان. فهل تُلغى التعددية الثقافية والسياسية؟ مهما قيل في مسألة المصارف ومصادرة أموال الناس، فالأمر هو إلغاء التعددية الاقتصادية والثقافية والسياسية. المصادرة في تاريخنا كانت أحد أساليب السلطات الحاكمة وأغلبها بطريق الإكراه. عنوان كل ذلك عشوائية السلطة. هي عشوائية كما تبدو للمحكومين، وصادرة عن نوايا مسبقة عند الحكام.
مع تعقّد الأوضاع في البلاد العربية، لا سيّما بعد ما عرف بالرّبيع العربي، وما آلت إليه الأمور، ظلّ التّقليد فكراً سائداً ومتسيّداً في العالم العربي، بل تزداد حدّة رسوخه يوماً بعد يوم في ذهن من يؤمن به.
طوال سنوات ما بعد انتهاء الحرب الأهلية وتطبيق اتفاق الطائف (1990 ـ 2005)، أدارت سوريا الحياة السياسة اللبنانية، وفق معادلة "تخصيص الطوائف"، بحسب الباحث أحمد بيضون، أي خصخصة "المقاومة" العسكرية لحزب الله أو الشيعة، وخصخصة "الإعمار" (ومعه الإقتصاد) للرئيس رفيق الحريري أو السنّة. ما بينهما كان التهميش من نصيب المسيحيين إذ نُفي وسُجن قادتهم (ميشال عون، أمين الجميل، وسمير جعجع).
تحية للمقاومة في لبنان. فعلت ما لم يستطيع فعله نظام عربي. لقد أثبتت الجيوش العربية في ما بعد أنها تجيد محاربة شعوبها وقمعها. لكنها لا تجيد قتال العدو الاسرائيلي. حتى في عام 1973، كاد النصر يتحوّل الى هزيمة.