
يوم زرتُ اسطنبول للمرة الأولى، سألني حامل حقائبي في المطار عن مكان قدومي، فقلت له بالتركية "من لبنان"، وكنت قد تعلمت بضع كلمات من الصنف الكثير الاستخدام، قبل مجيئي إلى تركيا عام 2016. وما كان منه إلاّ أن أجابني: "آه، من حيفا. أهلاً".
يوم زرتُ اسطنبول للمرة الأولى، سألني حامل حقائبي في المطار عن مكان قدومي، فقلت له بالتركية "من لبنان"، وكنت قد تعلمت بضع كلمات من الصنف الكثير الاستخدام، قبل مجيئي إلى تركيا عام 2016. وما كان منه إلاّ أن أجابني: "آه، من حيفا. أهلاً".
لن يجد الباحث عن متعة رصد الظواهر التاريخية الغريبة ضالته إلا في تركيا حتماً. فهذا البلد مرّت عليه أحداث تاريخية غريبة ندر أن يمُرّ بها بلدٌ آخر؛ لذا، تبدو العلاج الأمثل للملل كما لكسر بعض تعقيدات الحياة اليومية.
لا يقتصر الإدعاء الواهم حول "نهاية معاهدة لوزان" على عوام الناس فقط، بل يتعداها ليصبح منطلقاً فكرياً لأصحاب الشأن المهم كذلك. يقول الإدعاء الواهم إن المعاهدة الموقعة في 24 تموز/يوليو 1923 في مدينة لوزان السويسرية، والتي دخلت حيز التنفيذ في 6 آب/أغسطس عام 1924، ستنتهي بعد مرور مئة عام بالضبط، و"سيتم الإفراج عن بنودها السريّة".
مئة عام أفَلت، وكان حظ العرب من الديموقراطية، بمقدار حرمانهم من الحرية. قرنٌ ترسّخت فيه العرقية والطائفية والمذهبية والديكتاتورية وساد فيه الفساد، من المحيط الى الخليج. جلجلة القمع حوّلت الكيانات الى قلاع من الصمت، والى منابر سخيفة ومحمية، تُبشّر بفضائل السلطة. لماذا كانت حصتنا من الديموقراطية بخسة، ولماذا تطورنا الى الوراء حتى بلغنا حافة الانعدام؟
"أنت يا ربّ لا بدّ تغفر للكفرِ إن كان حرًا أبيًا، وهيهات تغفر للمؤمنين العبيد، وذلك فهمي، وأنت ضماني على ما أقول.." (مظفّر النوّاب)
من غير الواضح إذا كانت الحرب الدائرة في أوكرانيا، ستفضي إلى تشكيل نظام دولي جديد، وليس واضحاً إذا كان العالم سيعود إلى مرحلة ما قبل الحرب الروسية ـ الأوكرانية، ولكن من المرجح ألا تعود العلاقة بين روسيا والغرب إلى سابق عهدها، فالشرخ وقع، وجدار الإرتياب والظنون ارتفع
تلجأ الدول ذات المكانة العسكرية والاقتصادية في حالة الحروب إلى شيطنة خصومها لزوم التعبئة النفسية وصناعة وعي متطرف يبرر قتل الخصوم وتدمير ممتلكاتهم بلا هوادة، والأهم هو توحيد كراهية مواطنيها وتوجيهها باتجاه واحد، فالكراهية ـ كما ذهب أنطون تشيخوف ـ أكثر قدرة من الحب على جمع الحشود.
عقد "معهد الدراسات الابيستيمولوجية ـ أوروبا" (ISES) أواخر الشهر الماضي مؤتمره السنوي الثالث هذا العام في مدينة قرطبة الأسبانية (الأندلسية) للبحث في مشكلات النهضة العربية وتعثّرها منذ الدعوة إليها أواخر القرن التاسع عشر.
وصلت السلطنة العثمانية إلى ذروة مجدها في القرن السادس عشر، عهد الخان سليمان القانوني، لكنّه في الوقت ذاته، كان عهد بداية التراجع والإنحدار.
منذ أكثر من مائة عام ومنطقتنا تعيش تداعيات انهيار السلطنة العثمانية ونهايتها وما أفضى إليه من تحول جيوستراتيجي كبير نتج عنه تشرذم وتفتيت المنطقة العربية أوّلًا، ثم تقسيمها إلى مناطق نفوذ للدول الغربية الكبرى الوريثة ثانيًا، زرع الكيان الإسرائيلي الذي أشعل حروبًا مدمّرة وشروخًا وجروحًا لا تندمل ثالثًا.